يهدد الطلب الأجنبي على منتجات شريحة من الشركات التايوانية التي تتزايد أرباحها، بإحداث تغيير في سياسة البنك المركزي القائمة منذ عقود، والتي تقضي بالتدخل في تحديد سعر الدولار المحلي.
وفي مقابلة نادرة مع "بلومبرغ"، أوضح عضو مجلس إدارة البنك المركزي التايواني، تشانغ شين يي، أن المؤسسة المسؤولة عن السياسة النقدية لن تكون قادرة على محاربة ارتفاع قيمة العملة في حال ارتفع سعر صرف الدولار التايواني، مدعوماً بالعوامل الاقتصادية مع تحسن القدرة التنافسية للصناعات المحلية. وقال:
سيكون العامان المقبلان بمثابة نقطة تحول مهمة.. سيتعين على البنك المركزي احترام قرار الأسواق ولن يكون قادراً على إبطاء ارتفاع العملة بقوة.
احترام قرار الأسواق
خضعت إدارة البنك المركزي التايواني للعملة المحلية لمزيد من التدقيق، إذ قالت وزارة الخزانة الأمريكية في أبريل، إنها تريد إشراك "تايبيه" بشأن "خفض قيمة العملة بطريقة هيكلية".
توافد المستثمرون إلى أسواق تايوان التي تعتمد على التكنولوجيا، إذ تفوّق اقتصادها على غيره من الاقتصادات المتضررة بسبب الوباء، مما يجعل الدولار التايواني الأفضل أداء بين العملات في آسيا.
تسببت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في إحداث تغيير كبير في سلاسل التوريد، وأتاحت فرصاً لمجموعة واسعة من الشركات القائمة على التصدير في تايوان، وفقاً لتشانغ.
وقال تشانغ، إن التطورات ستسمح أيضاً للبنك المركزي التايواني بإعادة التفكير في سياسته الخاصة بالعملة، إذ قد يتمكن المصدرون من الازدهار دون دعم سعر الصرف.
في أبريل 2021، ارتفع الدولار التايواني إلى أعلى مستوى له منذ يوليو 1997. ويتوقع المحللون الاستراتيجيون أن الدولار التايواني سيواصل الارتفاع في الأشهر المقبلة، بينما تظهر سوق الخيارات أيضاً تراجعاً في الطلب للتحوط من قوة العملة الأمريكية. ويقترب تراجع المخاطر لمدة شهر من أدنى مستوى منذ مارس.
السماح بمزيد من قوة العملة
يرى خون جوه، رئيس قسم الأبحاث في "أستراليا ونيوزيلندا بانكنغ غروب" في سنغافورة أن "التعليقات تشير إلى أن البنك المركزي يعتزم السماح بمزيد من قوة العملة، على الرغم من القلق من التأثير على ربحية الشركات، في حال ارتفاع قيمة العملة كثيراً".
يعتقد الباحث أن ذلك يستدعي "أن تدير الشركات التايوانية مخاطر الصرف الأجنبي". ويقول: "مع نظرة مستقبلية تبدو إيجابية للغاية بالنسبة للتجارة العالمية، من المحتمل أن ترتفع قوة الدولار التايواني".
التحوط من مخاطر العملة
تبلغ نسبة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم حوالي 97% من مجمل الشركات في تايوان، والعديد منها تقوم بالتصدير، بحسب عضو مجلس إدارة البنك المركزي التايواني، تشانغ شين يي.
لطالما كانت الشركات التايوانية معرضة بشكل كبير للتقلبات في أسعار الصرف كونها تفتقر إلى الحجم والتقدم للتحوط من معاملاتها مع العملاء في الخارج، وفقاً لـ"تشانغ"، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس معهد تايوان للأبحاث الاقتصادية.
وقال تشانغ عبر الهاتف: "لم يكن لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة وسائل التحوط من العملة وليس لديها الكثير من السيولة النقدية.. بمجرد تلقي تلك الشركات مستحقاتها بالدولار الأمريكي، تقوم بتحويلها إلى الدولار التايواني لسداد مستحقات الموردين والأجور".
"إذا ارتفع سعر صرف الدولار التايواني، فلن تعمل هذه الشركات مقابل لا شيء فحسب، بل قد تتعرض أيضاً لخطر الإفلاس، الأمر الذي قد يتسبب في نشوب جميع أنواع المشكلات المجتمعية"، بحسب تشانغ.
نقطة تحول
تصريحات تشانغ هي أحدث الإشارات على الانفتاح الجديد والتسامح مع النقاش العام من جانب البنك المركزي التايواني الذي اعتاد على قلة الإدلاء بتعليقات.
في الشهر الماضي، شارك عضوان حاليان، وعضو سابق بمجلس السياسات بالمركزي التايواني في تأليف كتاب يناقش مدى الضرر الذي أحدثته جهود البنك للحفاظ على ضعف العملة بالنسبة للاقتصاد على مدار العشرين عاماً الماضية.
وفي حين أجرى أعضاء مجلس الإدارة مقابلات في الماضي، فمن النادر بالنسبة لهم القيام بذلك في دورهم أثناء عضويتهم في مجلس إدارة البنك المركزي أو للتعليق على سياساته.
أشاد تشانغ، الذي انضم إلى مجلس السياسة في يناير 2020، بالمركزي التايواني، بتحسين الشفافية في ظل المحافظ الحالي يانغ تشين لونغ. لكنه أشار إلى أن هناك مجالات أخرى لا يزال المركزي التايواني بحاجة إلى تحسينها.
تتناول التقارير نتائج اجتماعات مجلس الإدارة الفصلية، التي تصدر عن كل قسم بالمركزي التايواني، مما يترك القليل من الوقت لمناقشة السياسات بالكامل، وفقاً لكتاب صدر مؤخراً؛ وهي وجهة نظر يتفق معها تشانغ الذي يرى أن الأمر الأكثر أهمية أنه يجب على البنك المركزي أن يحدد بوضوح أهداف سياسته النقدية، مما سيسمح لأعضاء مجلس الإدارة بمناقشتها بتعمق أكبر.