تتصاعد مخاطر انخفاض اليورو إلى مستوى يعادل الدولار الأميركي في الأسواق المالية بعد خفض أسعار الفائدة الأسبوع الحالي، والتوقعات بأن فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية ربما يشعل حرباً تجارية عالمية.
بعد أيام فقط من إشارة ترمب إلى أن الرسوم الجمركية الأميركية قد تستهدف أوروبا بالإضافة إلى الصين ودول أخرى، حذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد من أن أي حواجز قد تشكل "مخاطر هبوطية" على الاقتصاد الأوروبي المتعثر. أعلنت لاغارد عن ثاني خفض على التوالي لأسعار الفائدة، وأثارت توقعات بوجود تخفيضات أكبر مقبلة.
تضافرت هذه العوامل لينخفض اليورو، ما وضعه على مسار الخسارة للأسبوع الثالث على التوالي مقابل الدولار الأميركي، وتسجيل أضعف مستوياته مقابل الجنيه الإسترليني منذ 2022.
تداعيات فوز ترمب
قال مايكل هارت، كبير الخبراء الاستراتيجيين للعملات في شركة "بيكتيت ويلث مانجمنت" (Pictet Wealth Management)، إن "تعادل اليورو مع الدولار بالتأكيد احتمال وارد إذا فاز ترمب وفرض رسوماً على نطاق واسع".
لا تستبعد شركة "بيكتيت" ولا "دويتشه بنك" سيناريو تساوي سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأميركي، في حين يُحذر "جيه بي مورغان برايفت بنك" وبنك "آي إن جي غروب" من مخاطر انخفاض العملة الموحدة نحو هذا المستوى قبل نهاية العام الحالي.
يظهر الشعور السلبي المتنامي بوضوح في سوق عقود الخيارات، إذ يعزز المضاربون رهاناتهم على هبوط العملة الموحدة.
يقع مؤشر انعكاسات المخاطرة على مدى الشهر المقبل-وهو مؤشر يقيس مدى تكلفة شراء عقود الخيارات التي تستفيد من ارتفاع العملة بالمقارنة مع تلك التي تستهدف تراجعها-حالياً في منطقة هي الأكثر سلبية لزوج اليورو-دولار خلال 3 أشهر، ما يبرز الإقبال على رهانات انحفاض اليورو.
تركزت عقود الخيارات للتحوط ضد ضعف العملة الموحدة على المدى القصير بين منطقة 1.08 إلى 1.07 دولار مقابل يورو واحد، وفق بيانات شركة المقاصة "ديبوزيتوري ترست أند كليرينغ كوربوريشن" (Depository Trust & Clearing Corporation). ويزداد الاهتمام بعقود التحوط ضد الهبوط إلى مستوى 1.05 دولار، بينما تُشكل رهانات تعادل سعر الصرف جزءاً صغيراً من إجمالي حجم التداولات في الوقت الحاضر.
قال أروب شاترجي، وهو خبير استراتيجي في بنك "ويلز فارغو": "نفضل الرهان على الدولار مقابل اليورو نظراً لحساسية أوروبا تجاه التغيرات في السياسة الخارجية، واحتمال فرض رسوم جمركية واسعة النطاق في عهد ترمب".
ظروف غير مواتية
عادة ما يُنظر إلى اليوان الصيني والبيسو المكسيكي والين الياباني على أنها العملات الأكثر تأثراً بالقيود التجارية الأميركية الجديدة، لكن ضعف الاقتصاد الأوروبي يعرض اليورو للمخاطر. ويمكن أن تؤدي الرسوم الأميركية إلى تقليص التجارة العالمية، في الوقت الذي يتباطأ فيه النمو وتعمل فيه البنوك المركزية على خفض أسعار الفائدة.
"التوقعات بتيسير كبير للسياسة النقدية من البنك المركزي الأوروبي، بجانب الظروف غير المواتية الأخرى، تزيد مخاطر عودة الحديث عن إمكانية عودة اليورو إلى التعادل مع الدولار الأميركي خلال 2025، في سيناريو يبدو أن الأسواق تتجاهله حالياً"، بحسب نور العلي، محللة في قسم أسواق الاقتصاد الكلي والنشرات العاجلة في لندن.
تشير تحركات أسواق المال إلى وجود احتمال بنسبة 30% أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة في الاجتماع الأخير للعام الحالي، متوقعة تخفيضات بربع نقطة في كل اجتماع حتى أبريل المقبل. تم تداول اليورو من دون تغيير كبير أمام الدولار عند حوالي 1.0850 دولار أمس، وهو في طريقه لتحقيق خسائر للأسبوع الثالث على التوالي، في أطول سلسلة خسائر منذ يونيو الماضي.
اعتبر كاسبار هينس، المدير الأول لمحفظة "أر بي سي بلو باي أسيت مانجمنت" (RBC BlueBay Asset Management) أن "اقتراب انتخاب ترمب، واحتمال نشوب حرب رسوم جمركية، يمكن أن يجبرا البنك المركزي الأوروبي على اتخاذ المزيد من الإجراءات لإبقاء العملة متراجعة والحفاظ على القدرة التنافسية".
خلال مقابلة مع "بلومبرغ" في وقت سابق من الأسبوع الحالي، وصف ترمب الرسوم الجمركية بأنها "أجمل كلمة في القاموس". وأشار إلى أوروبا بقوله: "هل تعرفون ما الذي يصعب التعامل معه؟ إنه الاتحاد الأوروبي. يعاملوننا بصورة سيئة للغاية ونعاني من عجز تجاري معهم".
حرب تجارية عالمية
رغم أن نتائج الانتخابات لا تزال متقاربة، يقول جورج سارافيلوس، رئيس قسم بحوث العملات الأجنبية العالمي في "دويتشه بنك"، إن حرباً تجارية عالمية بما في ذلك الصين ستدفع البنك المركزي الأوروبي لتخفيض أسعار الفائدة بطريقة أكثر قوة مما تتوقعه الأسواق حالياً.
وكتب سارافيلوس في وقت سابق من الشهر الحالي: "من شأن هذا أن يأخذ فروق أسعار الفائدة إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، ومن ثم يصبح اليورو الواحد يساوي دولاراً أميركياً واحداً".