إنها النسخة المكررة من قصة معركة "جالوت مع داود" التي تحبها "وول ستريت"، فلقد سعى المتداولون النهاريون إلى تحدي الأعراف الممتدة على مدار عقود، وكسب المال من شركة "هيرتز" لتأجير السيارات المفلسة، وهم المستثمرون المعروفون باقتناص الأسهم الصغيرة عبر تطبيق "روبين هود" الشهير.
وأدى هذا الجنون إلى ارتفاع الأسهم بنسبة 896%، ما دفع "هيرتز" إلى الاستفادة لفترة وجيزة من الجنون من خلال إصدار المزيد من الأسهم.
وتعتبر خلاصة خطة إعادة تنظيم "هيرتز" التي تم توضيحها يوم الثلاثاء علامة تحذيرية للمستثمرين الصغار. وتسعى الخطة إلى إنهاء رحلة استمرت تسعة شهور من إفلاس شركة "هيرتز غلوبال هولدينغز" وفقاً للفصل الحادي عشر من قانون الإفلاس الأمريكي.
ولن يحصل حاملو أسهم "هيرتز" على أي شيء، علماً بأن الأسهم تم تداولها بقيمة وصلت إلى 2.53 دولار قبل ثلاثة شهور فقط، وسيتم دفع المبالغ بالكامل إلى مقرضي "هيرتز"، الذين يشملون بعض عمالقة الاستثمار المتعثر في "وول ستريت"، بعد تحصيل الملايين من الرسوم ومدفوعات الفوائد لتمويل إعادة تنظيم الشركة.
تحويل الديون إلى تمويل
وتقدّر الخطة الشركة المعاد تنظيمها بقيمة 5 مليارات دولار تقريباً، وستسدد بالكامل لدائني "هيرتز" من الدرجتين الأولى والثانية. كما سواجه حاملو السندات غير المضمونة خيار الحصول على مدفوعات نقدية بنسبة 70% من القيمة الاسمية لاستثماراتهم، أو تحويل ديونهم إلى تمويل جديد، وفقاً لبيان الشركة.
وتشمل قائمة الفائزين المحتملين بعضاً من أكبر اللاعبين المتخصصين في الاستثمار بديون الإفلاس في العالم، الذين يحاولون اقتناص السندات والقروض بمبالغ ضئيلة للغاية ثم الضغط من أجل الحصول على استرداد أعلى في المحكمة.
ويشمل هؤلاء الشركات التابعة لـ"أوريليوس كابيتال مانجمنت" (Aurelius Capital Management) و"دي إي شو" (D.E. Shaw)، الذين حملوا سندات غير مضمونة يمكنها جمع معظم قيمتها الاسمية، وشركتي "سيلفر بوينت كابيتال" و"كونتراريان كابيتال مانيجمينت" (Contrarian Capital Management) التي كان لديها قروض طويلة الأجل سيتم سدادها بالكامل.
وسيحقق مقرضو "هيرتز"، الذين وقفوا وراء منحها حزمة قروض قيمتها 4 مليارات دولار بعد إعلان إفلاسها، نتائج جيدة أيضاً. وتم تعيين "أبولو غلوبال مانيجمينت" وغيرها من المقرضين لجمع ما يقرب من 45 مليون دولار كرسوم مقدمة على قرضين حصلت عليهما "هيرتز" من أجل تحديث أسطول مركباتها وتمويل قضية إفلاسها. ودفع أحد هذين القرضين، المعروف باسم (قرض المدين الحيازي debtor-in-possession loan)، 7.25 نقطة مئوية فوق السعر المعروض بين البنوك في لندن.
وفي الوقت نفسه، فإن الخسارة المحققة ستكون من نصيب مستثمري الأسهم الذين دفعوا ما يصل إلى 5.53 دولاراً للسهم لشركة "هيرتس، بعد أن قدمت الشركة طلباً للإفلاس.
ولم يكن الأمر كما لو أنه لم يتم تحذير مستثمري الأسهم سابقاً. فحتى عندما حاولت "هيرتس" بيع المزيد من الأسهم في العام الماضي، قالت إنه من المرجح أن تنتهي أسهمها بلا قيمة. وأدت خطط الشركة إلى تدقيق من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، والتي أغلقته سريعاً بعد ذلك، إلا أن شركة "هيرتس" تمكنت قبل الإغلاق من بيع 3.9 مليون سهم مقابل حوالي 28 مليون دولار، بحسب وثائق المحكمة.
وتنذر أزمة "هيرتز" بنوبة جنونية بين مستثمري الأسهم الصغار على أسهمها التي يتجنبها المحترفون، لتصبح من أوائل الأسهم المعروفة بـ "ميم" (meme)، والتي تستحوذ على أحاديث منتديات المستثمرين الصغار مثل مجتمع الرهانات في "وول ستريت" (Wall Street Bets) على موقع "ريديت" (Reddit).
وبعد شهور، أدت حالة النشوة حيال شركة "غيم ستوب" لمتاجر ألعاب الفيديو، إلى ارتفاع نسبته 2728% قبل انهيار الأسهم ومحو حوالي 30 مليار دولار من قيمتها السوقية.
وتراجعت أسهم "هيرتز" بنسبة 24% إلى 1.25 دولار في تمام الساعة 2.14 بعد ظهر الثلاثاء في نيويورك.
وبموجب عرض تم تقديمه يوم الثلاثاء، ستشتري شركتا "نايتهيد كابيتال مانيجمنت" (Knighthead Capital Management) و"سيرتاريس مانيجمينت" (Certares Management) شركة "هيرتز" لتخرجها من الإفلاس، وفقاً لوثائق المحكمة. وسيمتلك المستثمرون حوالي 51% من الأسهم العادية الجديدة التي سيتم إصدارها بموجب الخطة، والتي تحتاج أيضاً إلى موافقة المحكمة.
وقام الصندوق الاستثماري الذي يركز على صناعة السفر وأنشأته شركتا "نايتهيد" و"سيرتيز" في العام الماضي بدعم العرض، فيما تم إنشاء الصندوق للاستفادة من الانتعاش المتوقع في الشركات التي تعطلت بسبب جائحة كورونا.
وبموجب الصفقة، ستحصل شركة تأجير السيارات على مليار دولار من تمويل الرهن الأول الجديد، وتسهيل ائتماني متجدد بقيمة 1.5 مليار دولار، وتسهيلات توريق جديدة مدعومة بالأصول.
وأعلنت شركة "هيرتز" عن إفلاسها في شهر مايو عندما أدى الإغلاق شبه الكامل لصناعة السفر العالمية إلى انخفاض عائدات الإيجارات. وتحمل قضية "هيرتز" رقم 20-11218 في محكمة الإفلاس الأمريكية بمدينة ويلمينغتون، في ولاية ديلاوير.