واجه المستثمرون الكثير من الأحداث خلال العام الجاري، ومنها المزيد من تشديد الاحتياطي الفيدرالي، والأزمة المصرفية الإقليمية، والتوترات الجيوسياسية، مع ذلك، لا تزال مؤشرات الأسهم الأميركية تمضي في مسارها الصحيح إلى عام رائع. وكان السبب ببساطة هو أسهم شركات التكنولوجيا الكبيرة.
هل هناك قلق من حدوث ركود؟ الحقيقة أن أكبر 7 شركات مرتبطة بالتكنولوجيا لديها ميزانيات حصينة وتدرّ عائدات هائلة من الأموال في أوقات الرخاء والشدة.
هل القلق من الخلاف مع الصين؟ لا داعي للقلق، فالشركات أمثال "ألفابت" و"ميتا بلاتفورمز" تجني أرباحاً من مبيعات الإعلانات في جميع أنحاء العالم.
هل بسبب هاجس عودة النمو إلى المستوى المطلوب؟ شركتا "إنفيديا" و"تسلا" تمكنتا من تحقيق ذلك، بدءاً من الذكاء الاصطناعي إلى المركبات الكهربائية. استطاعت الشركات الأربعة سالفة الذكر، جنباً إلى جنب مع شركات "أمازون" و"أبل" و"مايكروسوفت"، تعزيز هيمنتها على مدار عام 2023.
حلّق المستثمرون بمكاسب أسهم هذه الشركات إلى ما يقرب من 40% في بورصة "ناسداك 100"، فيما ارتفعت 16% في مؤشر "إس أند بي 500"، الأمر الذي عبأ المستويات القصوى لمحافظهم، لدرجة دقّ معها ناقوس التحذيرات مرة أخرى، وأثارت تساؤلاً مفاده: مادام الجميع استثمروا بالكامل في أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، فمن أين سيأتي الزخم القادم الذي يتحقق معه المزيد من المكاسب؟
استيعاب الجولة الأخيرة من الأرباح
أصبح هذا السؤال أكثر إلحاحاً مع استقرار مؤشر "إس أند بي 500" بشكل أساسي منذ منتصف يوليو، في إطار مساعي المستثمرين لاستيعاب الجولة الأخيرة من الأرباح والبيانات الاقتصادية، بينما يحاولون تقييم ما إذا كان "الاحتياطي الفيدرالي" يقترب من تثبيت أسعار الفائدة مؤقتاً أو رفعها. سيحصل المستثمرون على أحدث الأدلة اليوم الأربعاء من تصريحات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول.
قالت كيم فورست، المؤسس والرئيس التنفيذي للاستثمار في "بوكيه كابيتال بارتنرز" (Bokeh Capital Partners): "الأمر يتعلق بالتعزيز الذاتي، ولكن لسبب أو لآخر، هناك مستوى معين يتوقف عنده المستثمرون. وهذا بحد ذاته يكفي".
لفتت إلى أن الزخم غالباً ما يتضاءل عندما يتغلب مستثمرو التجزئة على الخوف من الخسارة وكبح الشراء. في الأسبوع الماضي، انخفض صافي مشتريات التجزئة للأسهم المتعلقة بالذكاء الاصطناعي إلى أدنى مستوى له منذ أبريل، وفقاً لبيانات من شركة الأبحاث "فاندا ريسيرش" (Vanda Research).
يراهن المستثمرون المتفائلون بالصعود على أن أفضل الأسهم ستستمر في الهيمنة من خلال الذكاء الاصطناعي، مما يدفع نمو الأرباح حتى في ظل خلفية الاقتصاد الكلي المتسمة بعدم اليقين، ويُحتمل أن يفتح أسواقاً جديدة. تمثل السبعة أسهم حالياً نحو 28% من القيمة السوقية لمؤشر "إس أند بي 500" البالغة قيمته 37 تريليون دولار، مقارنة بـ20% في بداية العام الجاري.
ارتفاعات قياسية
قال براين فرانك، مدير محفظة في صندوق "فرانك فالي" (Frank Value Fund): "هذا ما يأمله بعض المستثمرين، وربما ما تتوقعه هذه التقييمات. من الصعب الرهان ضد الابتكار والتكنولوجيا".
هذا الصعود ترك العديد من الأسهم مرتفعة القيمة، نسبة إلى مستوياتها التاريخية. فسهم "أبل" بلغ سعره 27 ضعف الأرباح المتوقعة، مقارنة بمتوسط 18 ضعفاً خلال العقد الماضي، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ". يُتداول سهم "مايكروسوفت" عند 29 ضعفاً، أي ما يفوق حوالي 25% عن المتوسط.
تعد "زاكس إنفستمنت مانجمنت" (Zacks Investment Management) من بين الشركات التي تترقب هذه التطورات، فقد خفضت الشركة مؤخراً توقعاتها لأسهم "أبل" إلى درجة "محايد"، وفقاً لبراين مولبيري"، مدير محفظة العملاء، الذي أضاف: "نرى تقلباً متشدداً أكثر بكثير من أي شيء آخر على المدى القريب".
هناك بعض المخاوف من أن التضخم المستمر والانهيار المحتمل للاستهلاك الأميركي وغيرها من التداعيات، سوف تتسبب في فقدان أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى قدراً من المكاسب التي حققتها.
قال فرانك: "يحاول الاحتياطي الفيدرالي القضاء على الزخم، ليس فقط في هذه الأسهم، ولكن في أي نوع من أنشطة المضاربة. نرى أن هذه الأسهم ليست محصّنة، وبمجرد بدء عمليات البيع يمكن أن يكون هناك بعض الزخم في الاتجاه الهبوطي".
الفجوة بين مضاعفات أرباح شركة "إنفيديا" نسبة إلى مؤشر "فيلادلفيا لأشباه الموصلات"، ومؤشر "ناسداك 100" وصلت إلى مستويات منخفضة جديدة. هوى سعر السهم نسبة للأرباح المتوقعة إلى أقل من 30 مرة، وهو أدنى مستوى في العام. أدت توقعات "إنفيديا" المذهلة في الربع الأخير إلى ارتفاع تقديرات الأرباح، بينما توقف الارتفاع في أسهمها مؤخراً.