تتأهب مصافي النفط الآسيوية، المسؤولة عن تلبية نحو ثلث استهلاك الوقود في العالم، للبحث عن الخام في أرجاء أخرى إذا حُرمت من النفط بعد تخفيضات الإنتاج الأخيرة التي تعهدت بها السعودية وروسيا.
قالت الدولتان المنتجتان يوم الإثنين إنهما بصدد تعميق وتمديد خفض الإنتاج حتى أغسطس. وبالتالي، قد يصل إجمالي خفض المعروض -نظرياً على الأقل- إلى 3.1 مليون برميل يومياً، أو نحو 3% من الاستهلاك العالمي، أخذاً في الاعتبار التخفيضات التي قاموا بها بالفعل، بجانب القيود المستمرة من قبل الدول الأخرى في تحالف "أوبك+".
قال تجار في آسيا إن هناك إمدادات نفط وفيرة من المنتجين خارج التحالف الذي يضم 23 دولة -لا سيما في أماكن مثل الولايات المتحدة وغرب أفريقيا وبحر الشمال- سيتجهون إليها إذا تحمَّلت المنطقة وطأة التخفيضات الأخيرة.
ربما يحمل أي تدفق للنفط من حوض الأطلسي إلى آسيا في طياته مزايا وتحديات في الوقت نفسه لمنتجي الشرق الأوسط. فمن ناحية، يمكن أن يساعد في استنزاف إمدادات الولايات المتحدة وأوروبا موطن عقود النفط الآجلة الأكثر تداولاً في العالم. وعلى الناحية الأخرى قد يؤدي ذلك إلى فقدان حصة من سوق الطلب الأسرع نمواً.
حتى الآن، لم تؤثر تخفيضات الإنتاج التي أقرَّتها المملكة العربية السعودية وحلفائها بأي شكل ملحوظ على أسعار النفط الرئيسية، التي ظلَّت عالقة بين 70 دولاراً و80 دولاراً للبرميل لأسابيع. ومع ذلك، ارتفعت أسعار الأصناف المماثلة لتلك التي تضخها المملكة بقوة أكبر، لتتخطى مستوى خام برنت الأسبوع الماضي.
أسعار بيع النفط السعودي
من المنتظر أن تنشر السعودية في الأيام المقبلة الأسعار الرسمية لبيع خامها لمناطق الشراء المختلفة حول العالم. هذه الأرقام -التي غالباً ما يراقبها عن كثب باقي المنتجين المجاورين للمملكة- قد تكون محورية في تحديد الطلب من المناطق المختلفة. وعادة ما يتم الكشف عنها بحلول اليوم الخامس من كل شهر.
قبل خفض الإنتاج الأخير من قبل السعودية، قدَّر التجار أن أسعار الشحنات تحميل أغسطس ستبقى دون تغيير- وهو ما اعتبره الكثير منهم عند مستويات مرتفعة نسبياً. وتوقع العديد من التجار زيادة الأسعار إذا كانت السعودية تعتزم تقليص الإمدادات.
وقال متعاملون إن الطلب في السوق الفورية الآسيوية كان قوياً الشهر الماضي، لكن التوقع بارتفاع تسعير النفط السعودي نسبياً في أغسطس قد يثني الاهتمام بشحنات الشرق الأوسط الآجلة إلى آسيا في هذه الدورة.
الفارق بين خامي برنت ودبي
على صعيد آخر، تقلَّص الفارق بين الخامين القياسيين برنت ودبي بشكل حاد في الشهر الماضي، مما يشير إلى أن النفط المرتبط بـ"برنت" قد يكون أكثر جاذبية. كما أن تكاليف الشحن الأرخص تخفض أيضاً كلفة الاستيراد الإجمالية لتسليمات (شحنات) المسافات الطويلة من المحيط الأطلسي.
تجدر الإشارة إلى أن المصافي في كوريا الجنوبية والهند والصين وتايوان بإمكانها التحويل بين نفط الشرق الأوسط وشحنات المراجحة. فعلى سبيل المثال يمكنهم استخدام خام غرب تكساس الأميركي أو "فورتيس" من بحر الشمال بدلاً من خام "مربان" في أبوظبي، أو استبدال "مارس" الأميركي أو "يوهان سفيردروب" النرويجي بخام زاكوم العلوي أو "نفط عمان".
طلب على خامات نفط غرب أفريقيا وبحر الشمال
تظهر بالفعل دلائل على تزايد الطلب الآسيوي على أصناف النفط من غرب أفريقيا.
اقتنصت مصافٍ صينية بالفعل عدداً كبيراً نسبياً من الشحنات الأنغولية، بينما اشترت المصافي الحكومية في إندونيسيا والهند أيضاً بعض الشحنات النيجيرية تحميل أغسطس، وفق متعاملون منخرطون في تلك الأسواق.
وعلى صعيد آخر، تم استئناف ما يُسمى بتدفقات المراجحة من بحر الشمال إلى آسيا، مما يعني أنه من المربح نقل النفط عبر آلاف الأميال.
في بحر الشمال، كان خام "يوهان سفيردروب" هو الأكثر طلباً. إذ بلغت علاوة آخر عرض 1.70 دولار للبرميل على سعر خام برنت القياسي في منصة تسعير تدير "إس أند بي غلوبال كومودتيز إنسايتس"، والمعروفة لدى المتداولين باسم "بلاتس"، ليصبح الآن أغلى من "إكوفيسك" "Ekofisk" الذي يعتبر أخف وأحلى وعادة ما يكون بسعر أعلى.
تنقل ناقلتان عملاقتان حالياً درجة "فورتيس" من بحر الشمال في طريقهما إلى الصين، ومن المتوقع وصولهما الشهر المقبل، وفقاً لبيانات تتبع السفن. تظهر البيانات التي جمعتها بلومبرغ أن هذه هي الشحنات الأولى التي يأخذها مشترون آسيويون منذ يناير.