أبرمت شركة "توينتي ثري آند مي" (23andMe) لخدمات الاختبارات الوراثية صفقة اندماج مع "في جي للاستحواذات" (VG Acquisition)، وهي شركة "شيك على بياض" أسسها الملياردير ريتشارد برانسون.
وتقدَّر قيمة الشركة، القائمة في وادي السيليكون، بنحو 3.5 مليار دولار. واستثمر كل من الرئيسة التنفيذية آن وجيسكي وبرانسون بشكل شخصي مبلغ 25 في الاستثمار الخاص بقيمة 250 مليون دولار للطرح الأولي. وكانت بلومبرغ ذكرت الأسبوع الماضي أن هناك أنباءً عن صفقة محتملة.
ومن المستثمرين الآخرين: "فيديليتي لإدارة الأصول والأبحاث"، و"ألتيميتير كابيتال"، و"كاسدين كابيتال"، و"فوريسيت كابيتال".
وبذلك تصل ملكية المستثمرون مجتمعين إلى 81% في الشركة المندمجة، فيما تشير التوقعات إلى إتمام صفقة الاندماج مع شركة الاستحواذ لغرض خاص في الربع الثاني من العام الحالي، وهو ما يتيح لشركة "توينتي ثري آند مي" بطرح أسهمها للتداول في البورصة دون الحاجة إلى اكتتاب عام.
وقالت وجيسكي في مقابلة جمعتها مع برانسون: "فتحت جائحة كورونا الأبواب بالفعل"، مشيرةً إلى اهتمام الناس بالخدمات الصحية الوقائية أكثر من أي وقت مضى.
وأضافت: "كان لديّ حلم منذ عام 2003، أن الجينات ستُحدِث ثورة في الرعاية الصحية، وجاء العصر الذي أرى فيه بداية تحقُّق ذلك".
وبيّنت وجيسكي أن رأس المال الجديد المتدفق للشركة سيسمح بتوسيع جهودها في تطوير علاجات تعتمد على بيانات الجينات الوراثية، وكذلك التوسع في أعمالها لتصل منتجاتها إلى المستهلكين.
فيما اعتبر برانسون، الذي أسس في سبعينات القرن الماضي مجموعة "فيرجن" المالكة لمئات الشركات، أنه "لا استثمار أفضل من الرعاية الصحية".
وأصبحت شركات الاستحواذ لغرض خاص إحدى الاستراتيجيات الرائجة لطرح الشركات للجمهور. وستملك الشركة المندمجة سيولة تزيد على 900 مليون دولار. وبمجرد إتمام الصفقة، سيُتداول سهم الشركة المندمجة في بورصة نيويورك مع تغير رمز التداول من VGAC إلى ME.
الاختبارات الجينية
تأسست "توينتي ثري آند مي" عام 2006 على يد وجيسكي، وكان هدفها الرئيسي استخدام علم الوراثة لبدء ثورة في تقديم خدمات الرعاية الصحية للأفراد، إذ تَركَّز عملها على إجراء الاختبارات الوراثية مقابل 1000 دولار للاختبار بهدف تنبيه العملاء للمخاطر الصحية المحتملة، لكنها واجهت مشكلات تنظيمية أجبرتها على التوقف عن إجراء تلك الاختبارات.
وتحولت وجيسكي بعد ذلك إلى التركيز على اختبار الحمض النووي لتحديد النَّسَب الجيني، وإعادة إطلاق اختبار الرعاية الصحية بعد الحصول على موافقة الجهة التنظيمية.
وتباطأ نشاط الاختبارات الجينية بعد انتعاشه في السابق، بسبب مخاوف المستهلكين بشأن الخصوصية، مما اضطر "توينتي ثري أند مي" إلى خفض أعداد موظفيها العام الماضي، وهو نفس الإجراء الذي اتبعته منافستها "أنسيستري" (Ancestry)، التي اضطُرّت إلى التوقف عن إجراء تلك الاختبارات الشهر الماضي واتجهت إلى مزيد من الخفض في عدد موظفيها.
أكثر من مجرد ترفيه
ضاعفت "توينتي ثري أند مي" جهودها لإثبات أن اختبارات الحمض النووي التي تُجرى للمستهلكين أكثر من مجرد ترفيه، إذ تسعى الشركة لاستخدام البيانات الجينية الخاصة بأكثر من 12 مليون عميل في اكتشاف علاجات جديدة.
وكانت قد أبرمت صفقة بالفعل للتعاون في تطوير الأدوية مع شركة "غلاكسو سميث كلاين" (GlaxoSmithKline)، التي حصلت على حصة بقيمة 300 مليون دولار في "توينتي ثري آند مي" في عام 2018.
وحصلت الشركة العام الماضي على ترخيص لدواء طوّرته لصالح شركة أخرى، ولديها الآن أكثر من 30 برنامجاً علاجياً قيد التنفيذ، وهو ما يحتاج إلى تكلفة كبيرة.
وأشارت وجيسكي إلى أن الاندماج سيسمح بتوسيع تلك الجهود و"السيولة ستوفر لنا مزيداً من الفرص". فيما قال برانسون الذي كان أحد المستثمرين الأوائل في الشركة: "إنهم يغيرون طريقة اكتشاف الأدوية بشكل كبير".
التأثير في قرارات العملاء
سعت "توينتي ثري أند مي" لإيجاد أساليب مبتكرة تؤثر من خلالها بشكل مباشر في قرارات عملائها المتعلقة بصحتهم، فشرعت الشركة بالتزامن مع بدء انتشار جائحة كورونا، في إجراء دراسة على مليون شخص للبحث في كيفية مساهمة الجينوم الوراثي الخاص بهم، والعوامل الأخرى، في مدى احتمالية إصابتهم بالفيروس.
كما أطلقت الشهر الماضي آلة حاسبة لقياس خطورة كورونا، لتقدير احتمال خطر دخول الشخص إلى المستشفى بسبب الإصابة بالفيروس.
كذلك وفرت لعملائها منتجاً جديداً في أكتوبر الماضي يسمح لهم بمعرفة تفاصيل أكثر عن صحتهم، وعقّبت وجيسكي بأن الشركة تسعى للمشاركة أكثر في تقديم خدمات الرعاية الصحية لعملائها، "فنحن نريد تقديم حلول للأطباء ممن ليس لديهم معرفة كافية بكيفية الاستفادة من المعلومات الجينية".
وأعربت وجيسكي في عدة مناسبات سابقة عن ترددها في تحول الشركة إلى مساهمة عامة، لكنها عادت وأكدت أن الالتفات إلى أهمية خدمات الرعاية الصحية بعد جائحة كورونا أوجد اللحظة المناسبة لذلك التحول.
وأفصحت وجيسكي: "وضْعنا الآن يسمح لنا بالنمو والإسراع في ما نفعله بهدف المشاركة في استكشاف علاجات جديدة وتقديم خدمات مباشرة للمستهلك. إنه الوقت المناسب".
وقدمت شركة "ليون تري للاستشارات" خدمات الاستشارات المالية لشركة "في جي" للاستحواذ ذات الغرض الخاص في صفقة الاندماج.