يدخل الإيثانول- وهو مادة كحولية مُسكِرة- في صناعة الجعة والنبيذ والخمر، وما زلنا نستخدمه وقوداً لسياراتنا في الولايات المتحدة منذ عصر سيارة فورد "طراز تي" (Model T). وبدءاً من سبعينيات القرن الماضي، تبنت الولايات المتحدة الأميركية سياسات تشجع استخدام الإيثانول المستخرج من الذرة وبدائل أخرى غير البنزين المستخرج من النفط، بسبب نقص في إمدادات النفط وزيادة مخاوف الضرر البيئي الناتج عن استخدام الوقود الأحفوري.
لكن الآن يطالب حكام بعض ولايات الغرب الأوسط المنتجة للذرة بإجراء تغيير سياسي يسمح بزيادة استخدام الإيثانول في مناطقهم، وسيكون لهذا المطلب تداعيات ستنتشر آثارها في جميع أنحاء البلد، بما فيها الأسعار بمحطات الوقود.
1) ماذا يعيق استخدام الإيثانول؟
يعد خليط البنزين "إي 10" (E10) – الذي يحتوي على 10% إيثانول- الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة حالياً، كما أن الخليط المحتوي على 15% من الإيثانول، المعروف باسم "إي 15" (E15) متوفر أيضاً، لكن في 2700 محطة وقود فقط من أصل 150 ألف محطة أو أكثر في البلاد، ولا يُسمح ببيعه ما بين 1 يونيو و15 سبتمبر، نظراً لنصوص مكافحة التلوث الواردة في قانون الهواء النظيف التي تضع حداً لتطاير البنزين أو قابليته للتبخر (حيث تُزيد حرارة الصيف قدرة كل السوائل-بما فيها البنزين- على التبخر)، ويُحدد معدل التبخر المفرط عند قراءة أكبر من 9 أرطال لكل بوصة مربعة (4 كيلوغرامات لكل 6.5 سنتيمتر مربع) على مقياس "ريد" للضغط البخاري، لكن حتى خليط "إي 10" يتجاوز هذا الحد، وفي 1990 منحه الكونجرس إعفاءً لتجاوز متطلبات مقياس الضغط البخاري بمقدار 1 رطل لكل بوصة مربعة (0.07 كيلوغرام لكل سنتيمتر مربع)، إلا أن خليط "إي 15" لم ينل الإعفاء ذاته، رغم أن معدل تطايره مشابه.
2) ما التغييرات التي يسعى إليها حكام الولايات؟
يمارس حكام ولايتي أيوا ومينيسوتا وعديد من ولايات الغرب الأوسط الأخرى ضغوطاً على وكالة حماية البيئة لوقف إعفاء "إي 10" من متطلبات التطاير في ولاياتهم بحيث تساوى بين خليطي "إي 10" و"إي 15" رقابياً، مع إمكانية تشجيع مبيعات أكبر من الخيار ذو نسبة الإيثانول الأعلى.
وللإيثانول أهمية سياسية واقتصادية خاصة في الغرب الأوسط بالولايات المتحدة، حيث يزيد من حجم إنتاج الذرة والمطاحن بالبلاد ليستخدم أغلبها لإنتاج الوقود الحيوي.
3) لماذا سيتسبب ذلك في أصداء واسعة؟
لا يوجد إيثانول في توليفة البنزين بصورتها الخام، حيث تُمزَج إضافات الأكسجين لاحقاً قبل البيع بالتجزئة مباشرةً. وللتأكد من أن "إي 10" المباع في ولايات الغرب الأوسط له معدل تطاير أقل ويمكنه تلبية الحدود الصيفية، يجب أن تكون توليفة البنزين نفسها أيضاً أقل قابلية للتبخر.
عملياً، قياس الضغط البخاري لذلك البنزين غير المخلوط سينخفض عند إضافة الإيثانول إليه، لذلك فإن الوقود النهائي يستوفي المتطلبات، سواء كان "إي 15" أو "إي 10". إحدى الطرق التي يمكن لشركات التكرير استخدامها لخفض معدل تطاير توليفة البنزين هي إضافة كمية أقل من البيوتان، وهو مركب هيدروكربوني رخيص يستخدم لخفض تكلفة البنزين.
4) ما التداعيات المتوقعة؟
لتلبية مطالب الغرب الأوسط الجديدة والمتطلبات الحالية في الولايات الأخرى، ستضطر شركات التكرير لإنشاء صهاريج تخزين ومنشآت بنية تحتية أخرى لحفظ التوليفات المختلفة في أماكن منفصلة، قد تجد ولايات الغرب الأوسط نفسها أكثر اعتماداً على مجموعة ثانوية من شركات التكرير ما يجعلها أكثر عرضة لتوقف الإمدادات عند صيانة هذه المنشآت أو انقطاع الكهرباء عنها. (ملاحظة: يمكن لوكالة حماية البيئة أن تخرق متطلبات الوقود- بما فيها معدل التطاير- أثناء حالات الطوارئ).
كما ستحتاج خطوط الإمداد -التي تصنف حالياً فئات الوقود المنقولة- لتعديلات ومعدات جديدة، وقد تضطر محطات الوقود التي تختار بيع "إي 15" إلى تحديث أو استبدال الصهاريج والمضخات الحالية والمعدات الأخرى لصرف الوقود.
5) كيف ستتأثر أسعار البنزين؟
على المدى القصير، غالباً سترتفع أسعار "إي 10" حيث يتحمل المستهلكون تكاليف البنية التحتية، يكشف أحد التقديرات أن الأسعار سترتفع بسِنتين على الأقل لكل غالون (نحو 0.5 سنت لكل لتر) في الولايات المتضررة، لكن التكلفة الإضافية قد يعوضها اختيار راكبي الدراجات البخارية لوقود "إي 15" الأرخص سعراً.
حين أصدرت وكالة حماية البيئة إعفاءات طارئة لتسمح ببيع "إي 15" صيفاً في 2022، كان سعر بيعه أقل من سعر "إي 10" بنحو دولار لكل غالون (25 سنتاً تقريباً لكل لتر) في بعض المناطق، بمتوسط خصم 16 سنتاً لكل غالون (4 سنتات لكل لتر) في مختلف أرجاء البلاد، وفقاً لتحليل أجراه قطاع الوقود.
وبمرور الوقت، قد تسهم مبيعات "إي 15" الإضافية في تخفيض الطلب على البترول في الولايات المتحدة تدريجياً، ما قد يساعد في خفض التكاليف على المستهلك، خاصةً أثناء نقص إمدادات النفط مثل التي أدت إلى الارتفاع الكبير في أسعار البنزين خلال الصيف الماضي.
6) متى قد يحدث ذلك؟
تدرس وكالة حماية البيئة طلب حكام الولايات، ومن المتوقع أن تطرح الموضوع للرأي العام. ففي النهاية، يمكن القول إن مساحة السلطة التقديرية المخولة للوكالة بموجب القانون الفيدرالي لن تسمح لها برفض التغيير، رغم قدرتها على تأجيل التحول لعام على الأقل، ومد التأخير لعامين آخرين إذا اكتشفت عدم كفاية إمدادات البنزين.
أيضاً، طلبت شركات التكرير ومشغلو خطوط الإمداد من وكالة حماية البيئة مزيداً من الوقت للتكيف، بحجة أن الحصول على تصاريح البنية التحتية اللازمة وإنشائها سيستغرق عامين.
7) هل يتسبب ذلك في زيادة مبيعات الإيثانول؟
قد يحدث ذلك في نهاية المطاف، فالقيود الصيفية الحالية تزعج مالكي محطات الوقود التي تبيع "إي 15" لأنها تجبرهم على تغيير الملصقات والصهاريج لتناسب التوقف الموسمي، أما إذا رُفع عنهم ذلك العبء، ستتمكن تلك المحطات من بيع "إي 15" على مدى العام، وقد يحذو المنافسون حذوهم.
ويجدر بالذكر هنا أن استخدام الإيثانول مُصرح به في 96% من السيارات والشاحنات الخفيفة (المصنعة في 2001 وبعده)، لكن بعض المستهلكين قلقون، فرغم أن "إي 15" أرخص سعراً عن "إي 10"، إلا إنه يحتوي على طاقة أقل، لذا سيحتاج راكبو الدراجات البخارية لكمية أكبر لقطع نفس المسافة.