ربما ترتفع مبيعات السيارات في الولايات المتحدة في ديسمبر وقد تواصل الانتعاش في 2023، خاصة أن تحسن الإنتاج من شأنه تعويض آثار التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.
أدَّى عامان من نقص أشباه الموصلات ومشاكل الإمدادات إلى انخفاض إنتاج السيارات والمخزونات. وفي ظل تسارع وتيرة إنتاج المصانع مرة أخرى، من المتوقع أن يشتري المستهلكون سيارات أكثر خلال 2023 حتى لو كان ذلك يعني أن شركات صناعة السيارات ستضطر لمساعدتهم في تعويض أثر زيادة أسعار الفائدة عبر خفض الأسعار المرتفعة الحالية.
الصين تحقق أعلى صادرات شهرية للسيارات الكهربائية على الإطلاق
في حدث عقدته جمعية صحافة السيارات الدولية في ديسمبر، قالت ماري بارا، الرئيسة التنفيذية لشركة "جنرال موتورز": "ما زلنا نتوقع طلباً قوياً على سياراتنا، لكننا ندرك أن الارتفاع المتواصل في متوسط الأسعار بدأ في التراجع قليلاً".
من المتوقع أن تكون النتيجة النهائية لذلك هي نمو يتجاوز المليون سيارة في صناعة السيارات الأميركية خلال العام الجاري، لتصل بذلك إلى نحو 15 مليون سيارة. ماتزال هذه القيمة أقل من الأعوام الأخيرة عندما سجل صُناع السيارات مبيعات تتراوح بين 16 مليوناً و17 مليون سيارة، لكنها تشير إلى أن الصناعة بإمكانها التغلب على الضغوط الاقتصادية المتوقعة لهذا العام.
قالت بارا: "نخطط لإنتاج نحو 15 مليون سيارة، لكننا نضع خطط إنتاج طارئة تشمل أرقاماً تزيد أو تقل عن هذا الرقم".
"هيونداي" تفشل في تحقيق مستهدف مبيعاتها من السيارات في 2022
أوضحت شركة الأبحاث "كوكس أوتوموتيف" (Cox Automotive) أن مبيعات التجزئة للسيارات الجديدة ارتفعت على الأرجح في ديسمبر 4% عن العام الماضي لتصل إلى 1.27 مليون سيارة مع استمرار تحسن المخزون. مع ذلك، ما يزال هذا الرقم أقل من المبيعات المعتادة في ديسمبر، والبالغة 1.5 مليون سيارة، وهي الفترة التي تسعى فيها شركات صناعة السيارات لتحقيق أهدافها السنوية عبر حملات المبيعات في نهاية العام.
من المحتمل أن يقل إجمالي مبيعات السيارات لعام 2022 عن 14 مليون سيارة، وهو أدنى مستوى منذ 2011، عندما كانت الولايات المتحدة تسعى للنجاة من أعماق الأزمة المالية العالمية.
الطلب المتزايد على السيارات
بعض المتسوقين يتجنبون سوق السيارات الجديدة بسبب ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، اللذين يتسببان أيضاً في زيادة التعثر في سداد قروض السيارات. في الوقت نفسه، تنخفض أسعار السيارات المستعملة، التي تحدد أسعار استبدال المركبات والتي يدرسها الكثير من المستهلكين قبل شراء سيارة جديدة.
اقرأ أيضاً: سوق السيارات في أوروبا تحقّق نمواً بعد عامٍ مؤلمٍ من تراجع المبيعات
من جهته يرى جاك هوليس، نائب الرئيس التنفيذي لشركة "تويوتا موتور" للمبيعات في أميركا الشمالية، أن هذا لن يردع العديد من مشتري السيارات الجديدة. وأوضح أن نقص السيارات خلال العامين الماضيين حال دون اتخاذ ما يتراوح بين 4 ملايين و7 ملايين مستهلك لخطوة الشراء، مرجحاً عودة الكثير منهم من جديد إلى صالات العرض هذا العام.
قال هوليس في مقابلة أجراها الشهر الماضي:"الطلب ما يزال يفوق العرض بشكل واضح.. والأسعار في ارتفاع مستمر، كما أننا سنشهد عاماً آخر تتقيد فيه المبيعات بالعرض".
يراهن هوليس على أن القطاع سينتج 15 مليون سيارة العام الجاري وقد تصل المبيعات إلى 17 مليوناً إذا لم تظهر أي مشاكل في سلاسل التوريد.
يشير متوسط توقعات ستة باحثين في السوق إلى أن شركات صناعة السيارات باعت على الأرجح سيارات جديدة بوتيرة سنوية تقدر بـ13.3 مليون وحدة في ديسمبر، بزيادة قدرها 7.3% عن العام السابق. وبدأ صُناع السيارات أمس في الإعلان عن مبيعاتهم الفصلية والسنوية للسيارات الجديدة بالولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: التدهور المتوقع للاقتصاد يهدد تعافي مبيعات السيارات الأوروبية
يتوقع جوزيف سباك، المحلل في "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets) أن تحقق "جنرال موتورز" و"هيونداي موتور" و"تويوتا" مبيعات كبيرة في ديسمبر، بينما انخفضت عمليات التسليم في كل من "فورد موتور" و"ستيلانتس" و"هوندا موتور" و"نيسان موتور" مقارنة بالعام الماضي.
وضع مختلف
في الوقت الذي قد يدعم تراجع المخزون على مدى عامين الطلب في العام الجديد، ربما تنقضي أيام جنت فيها شركات صناعة السيارات أرباحاً كبيرة من سيارات قليلة بأسعار متضخمة.
أعلنت شركة "تسلا" هذا الأسبوع عن تسجيلها تسليمات سيارات قياسية، لكنها ما زالت تقل عن تقديرات المحللين للربع الرابع، وجاءت أقل من معدل نموها المستهدف البالغ 50% بالرغم من انخفاض الأسعار.
تسلا تسجل رقماً قياسياً ببيع 405278 سيارة في الربع الأخير
كان أداء القطاع في ديسمبر أضعف من المعتاد بسبب تقيد الشركات بالحوافز، وفقاً لسكوت كونيس، كبير مسؤولي التشغيل في مجموعة "كونس كونتري أوتو" (Kunes Country Auto Group)، التي تبيع العلامات التجارية لشركات صناعة السيارات الثلاث في ديترويت عبر 43 وكالة بيع في كافة أنحاء الغرب الأوسط.
أوضح كونيس عبر الهاتف: "اعتاد الجميع على الوضع الطبيعي الجديد للوباء حيث اختفت الحوافز بسبب الارتفاع الشديد للطلب وتراجع المعروض للغاية.. نرى هذا التباطؤ المفاجئ في الطلب، الذي لم أكن أعتقد أنه سيحدث سريعاً، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة بقدر ما يستطيع، كما أن ثقة المستهلك متراجعة للغاية حالياً".
أوضح كونيس أن تحوّل القطاع نحو تصنيع الشاحنات والسيارات الرياضية متعددة الأغراض ذات هامش الربح المرتفع أدى إلى تراجع أعداد المشترين القادرين على شراء سيارات جديدة. بالرغم من انخفاض أسعار السيارات الفاخرة، ما يزال الطلب على السيارات المستعملة ذات المزايا الأساسية فقط مرتفعاً.
تويوتا تنتج عدداً قياسياً من السيارات وأسهمها تقلص خسائر العام
إشارات تحذيرية
تتوقع شركة الاستشارات "إيفركور آي إس آي" (Evercore ISI) أن تشهد الصناعة "تراجعاً في التسعير لأول مرة منذ عامين في 2023"، لتنخفض أسعار البيع للمستهلكين بما يتراوح بين 1500 دولار إلى 2000 دولار لكل سيارة، وفق مذكرة بحثية صدرت في 23 ديسمبر. كتب المحللون أن التجار سيحتاجون في البداية لتحجيم أرباحهم قبل أن يمتد التأثير ليطال هوامش ربح شركات صناعة السيارات.
من المقرر أن تمثل مبيعات أساطيل السيارات نقطة مضيئة خلال العام الجاري، وذلك بفضل قانون خفض التضخم. جدير بالذكر أن قانون المناخ الشامل للرئيس الأميركي جو بايدن يمنح الشاحنات الكهربائية والسيارات المستأجرة وشاحنات التوصيل إعفاءً ضريبياً قدره 7500 دولار أميركي.
ارتفاع أسعار البطاريات يهدّد التحول إلى السيارات الكهربائية
أكد الرؤساء التنفيذيون لشركات "فورد" و"جنرال موتورز" و"ريفيان أوتوموتيف" توقعاتهم بتحقيق مبيعات قوية للمركبات التجارية وسط سعي الشركات والحكومات المحلية للاستفادة من دعم السيارات الكهربائية.
هذا الأمر يعتبر انعكاساً للعامين الماضيين، عندما تسبب نقص الرقائق في إجبار صُناع السيارات على كبح مبيعات أساطيلهم لإعطاء الأولوية لعملاء التجزئة الأكثر ربحية.