باع مستثمرون أجانب سندات الحكومة البريطانية بأسرع وتيرة على الإطلاق خلال الأشهر الثلاثة من سبتمبر حتى نوفمبر 2022، برغم جهود رئيس الوزراء ريشي سوناك لتحقيق استقرار الاقتصاد بعد خطة سبتمبر المالية الكارثية.
تظهر الأرقام الصادرة عن "بنك إنجلترا" أنَّ المستثمرين الأجانب باعوا ديوناً حكومية بلغ مجموعها 38.4 مليار جنيه إسترليني بين سبتمبر ونوفمبر، وهو ما جدد مخاوف ضعف الإسترليني وارتفاع تكاليف الاقتراض.
رئيس الأبحاث في بنك "ام يو اف جي" الياباني، ديرك هالبيني، أشار إلى أنَّ متوسط قيمة السندات المبيعة في الأشهر الثلاثة، البالغة 12.8 مليار جنيه إسترليني، تعد الأعلى منذ بدء تسجيلات "بنك إنجلترا" في 1982، كما أنَّها المرة الأولى التي يبيع فيها المستثمرون الأجانب سنداتهم لثلاثة أشهر متتالية منذ 2016، حين تجهزت المؤسسات وقتها لإجراء استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي.
فقدان الثقة بالسندات الحكومية
يعد المستثمرون الأجانب من بين أكبر حاملي ديون حكومة المملكة المتحدة، إذ يمثلون نحو 30% من السوق. قد تؤدي دلالات خروجهم من السندات الحكومية، والمعروفة بإسم السندات الذهبية، إلى متاعب للحكومة في العام المالي المقبل، حين ستحتاج وزارة الخزانة إلى جمع أكثر من 300 مليار جنيه إسترليني، وهي ثاني أكبر التحويلات المسجلة.
أسعار المنازل في المملكة المتحدة تهبط للشهر الرابع
في الوقت نفسه، يخطط "بنك إنجلترا" لبيع 40 مليار جنيه إسترليني من السندات الذهبية التي اشتراها بموجب عمليات التيسير الكمي لتحفيز الاقتصاد.
يذكر أنَّه في ذروة الوباء، وهي آخر مرة بلغت فيها تحويلات التمويل الحكومية أكثر من ذلك؛ كان "بنك إنجلترا" مشترياً صافياً للسندات الذهبية.
قال هالبيني إنَّ الفقدان الواضح للثقة المؤسسية الأجنبية لا يتبع جيداً قواعد السوق الهابطة، بالنظر إلى إمدادات السندات الذهبية القادمة.
أضاف معلقاً على القلق بشأن التوقُّعات والأسواق: "إذا عدنا إلى سيناريو بعيد عن المخاطر، يُرجح أن يكون أداء الإسترليني دون المستوى، أو أن يطالب المستثمرون بعوائد أعلى، أو القليل من كليهما معاً".
صعوبات تواجه الجنيه الإسترليني
سيتمثّل أثر المبيعات القياسية، في تعميق أزمة تكاليف المعيشة، لأنَّ الإسترليني الضعيف يرفع تكلفة السلع المستوردة، كما أنَّ ارتفاع عائدات السندات الحكومية سيؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض في شتى نواحي الاقتصاد.
5 نصائح للترقي المهني في 2023 رغم الركود ببريطانيا
كان المستثمرون الأجانب بائعين صافين للسندات الذهبية خلال أربعة من الأشهر الخمسة الماضية، وهو اتجاه ساد منذ يوليو خلال انتخاب قيادة جديدة لحزب المحافظين، والتي أعقبت استقالة بوريس جونسون من رئاسة الوزراء. ثم تسارع في سبتمبر عندما أطلقت خليفته، ليز ترَس، خطة تخفيضات ضريبية غير مموّلة بقيمة 45 مليار جنيه إسترليني، والتي لم يطبق معظمها في ظل رئاسة سوناك.
أثار برنامج ترَس المالي انهياراً في السوق أدى إلى الإطاحة بحكومتها في النهاية، وقاد خلفها سوناك القطاع المالي الحكومي إلى الاستقرار من خلال زيادات ضريبية وتخفيضات في المصاريف بقيمة 55 مليار إسترليني، لكنَّ مبيعات الأصول من قبل المستثمرين الدوليين استمرت برغم برنامجه التقشفي.