تتخذ شركات الطيران عالمياً نهجاً حذراً إزاء إعادة فتح الصين لاقتصادها وتحجم عن تغيير الجداول الزمنية فوراً وتحويل الطائرات من المسارات الأخرى رغم الطلب الداخلي المكبوت على السفر الدولي.
ارتفعت الرحلات الجوية المتجهة إلى الصين خلال يناير وفبراير ومارس بما لا يزيد عن 2.9% الأسبوع الجاري مقارنة بالأسبوع الماضي، وفقاً لشركة تحليلات الطيران "سيريوم" (Cirium).
يعادل معدل الزيادة على الرحلات المتجهة إلى الصين أقل من 100 رحلة طيران إضافية كل شهر. لم تتغير الرحلات الواردة المخطط لها للفترة المتبقية من العام كثيراً- في إشارة إلى أن تخفيف الصين لقيود الحجر الصحي اعتباراً من 8 يناير لم يقنع شركات الطيران بعد بإجراء تغييرات كبيرة على جداولها الزمنية.
رد الفعل الفاتر من جانب شركات الطيران إزاء إعادة فتح الصين لحدودها وسط زيادة الإصابات بفيروس كوفيد لا يتوافق مع الرغبة الشديدة في السفر إلى الخارج من جانب الأشخاص الذين يعيشون في أكبر اقتصاد في آسيا.
تعمل القيود المفروضة على المسافرين من الصين أيضاً على الحد من أي زيادة فورية في الرحلات الجوية، إذ تفرض الأسواق الرئيسية، بما في ذلك الولايات المتحدة، خلو الركاب القادمين من الإصابة بفيروس كورونا.
قال سوبهاس مينون، المدير العام لاتحاد خطوط آسيا والمحيط الهادئ للطيران، "لا أعتقد أن شركات الطيران ستغير طاقتها التشغيلية عما تفعله حاليا في الصين".
أوضح مينون أن معظم شركات الطيران تفضل الانتظار لتقييم الوضع، إذ أصبحت هونغ كونغ، التي ألغت مؤخراً العديد من القيود لمواجهة كوفيد، بمثابة اختبار مفيد.
قبل الوباء، كان عدد كبير من الصينيين يسافرون إلى الخارج.
إقبال على السفر
تفاعل سكان البر الرئيسي سريعاً مع أخبار يوم الإثنين (السماح تدريجياً بسفر الصينيين إلى الخارج) حيث ارتفعت حجوزات السفر للخارج بنسبة 254% صباح الثلاثاء، وفقاً لبيانات "تريب دوت كوم غروب" (Trip.com Group Ltd).
كانت الوجهات الخمس الأولى هي سنغافورة وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ واليابان وتايلندا. فقفزت حجوزات الطيران إلى سنغافورة بنسبة 600%، في حين ارتفعت الحجوزات إلى الوجهات الأربع المتبقية بنحو 400%.
مع ذلك، لم تتسرع شركات الطيران في تلك البلدان لزيادة الطاقة الاستيعابية.
قالت شركة "سينغابور إيرلاينز" في بيان إنها "ستواصل مراقبة الطلب على السفر الجوي وتعديل الطاقة التشغيلية وفقا لذلك".
رحبت شركة طيران "كاثي باسيفيك ايرويز" بالإعلان وقالت إنها "ستستمر في التواصل مع السلطات المعنية وزيادة قدرتها على نقل الركاب إلى ومن البر الرئيسي الصيني قدر الإمكان".
قالت "كوريان إيرلاينز" إنها تخطط لزيادة الرحلات الجوية إلى الصين بعد أن اتفقت الدولتان بشكل متبادل على تعزيز الترابط.
على الرغم من أن الصين قد ألغت قواعد الحجر الصحي، لا يزال هناك حظر سفر على الرحلات الجماعية إلى كوريا الجنوبية ساري المفعول منذ عام 2017 - جاء في إطار رد الصين على نشر درع مضاد للصواريخ في كوريا بقيادة الولايات المتحدة.
تقوم الخطوط الجوية الكورية حالياً بتسيير تسع رحلات أسبوعياً إلى سبع مدن في البر الرئيسى للصين وستزيد العدد إلى 15 رحلة إلى تسع مدن بدءاً من الشهر المقبل، مع المدينتين الإضافيتين وهما شينزن وشيامن بالإضافة إلى شنيانغ وشنغهاي وقوانغتشو وداليان وتشينغداو وتيانجين ونانجينغ.
قال يوك هيون-وو، مدير في شركة "مودتور نتوركس" (Modetour Networks)، وهي وكالة سفريات رئيسية في سيؤول: "لا يوجد الكثير من الاستفسارات من الصينيين أو الكوريين بخصوص حزم السفر.. نظل نشعر بالقلق إزاء تجدد تفشي الفيروس خلال الشتاء، مما يخفض الطلب".
شروط اختبار الإصابة
قالت اليابان خلال الأسبوع الجاري إنها ستطلب إظهار نتيجة فحص سلبي لـ"كوفيد-19" للأشخاص القادمين من الصين بعد تفشي الإصابات هناك، وطالبت شركات الطيران بعدم زيادة العدد الحالي للرحلات.
أعلنت السلطات الصحية الأميركية نفس الموقف يوم الأربعاء، في حين ستجري إيطاليا اختبارات لجميع الوافدين من الصين بعد أن ثبت إصابة ما يقرب من نصف الركاب في رحلتين متجهتين إلى ميلانو بالفيروس.
قال متحدث باسم شركة "جابان إيرلاينز" إن من المؤسف أن اليابان قد عززت إجراءاتها على الحدود مع الصين، لكنه أشار إلى أن شركة الطيران ستتصرف وفقاً لتوجيهات الحكومة.
قالت شركة "إيه إن إيه هولدينغز" ( ANA Holdings Inc) إنها تراقب الوضع عن كثب.
شكّل المسافرون من الصين نحو الثلث من إجمالي 32 مليون زائر تدفقوا إلى اليابان في عام 2019، قبل الوباء.
قالت "كانتاس إيرويز" (Qantas Airways Ltd) في أستراليا، وهي مقصد شهير آخر للسياح الصينيين، إنها "ستبقي العملاء على اطلاع دائم بأي خطط لاستئناف الرحلات الجوية إلى الصين".
في الوقت نفسه، تظل قدرة شركات الطيران الأجنبية الأخرى محدودة بسبب استمرار القيود لمواجهة الوباء فيما يتعلق بالقدرة الاستيعابية التي يمكن أن تضيفها مرة أخرى إلى الصين.
جرى تقييد شركات الطيران الأميركية فيما يخص عدد الرحلات الجوية التي يمكن تسييرها إلى الصين بموجب اتفاقية بين السلطات الصينية ووزارة النقل الأميركية تعود إلى عام 2020 عندما أدى الوباء إلى إحداث فوضى في قطاع الطيران.
بين أميركا والصين
يتعين تعديل هذا الاتفاق بالنسبة لشركات الطيران الأميركية لتوسيع قدراتها على نقل المسافرين إلى الصين.
قال المتحدث جوشوا فريد في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني إن شركة "يونايتد إيرلاينز هولدينغز" (United Airlines Holdings Inc) "تقوم حالياً بتقييم الطلب في السوق وبيئة التشغيل لتحديد الوقت المناسب لاستئناف عمليات طيران إضافية إلى البر الرئيسي للصين".
تقوم "يونايتد" بتسيير رحلات حالياً بين سان فرانسيسكو وشنغهاي أربع مرات في الأسبوع.
قالت شركة "دلتا إيرلاينز" إنه لا توجد تغييرات لإعلانها بشأن خدماتها في الصين. تقوم شركة الطيران بتسيير رحلات إلى شنغهاي من ديترويت وسياتل مع التوقف في مطار إنشون الدولي في كوريا الجنوبية لإجراء تغييرات في الطاقم.
لم ترد شركة "أميركان إيرلاينز غروب" (American Airlines Group Inc) فوراً على طلب للتعليق. تشغل شركة "أميركان" حالياً رحلات أسبوعية من مطار دالاس فورت وورث الدولي إلى شنغهاي مع التوقف في سيؤول.
قالت "دويتشه لوفتهانزا" إنها تتطلع إلى زيادة القدرة الاستيعابية وتظل "ملتزمة إزاء السوق المهمة".
تقوم المجموعة الألمانية حالياً بتسيير 17 رحلة أسبوعية من أوروبا إلى الوجهات الصينية بما في ذلك بكين وشنغهاي وهونغ كونغ.
اعتبارا من 16 يناير، ستضيف الخطوط الجوية النمساوية رحلة أسبوعية أخرى من فيينا إلى شنغهاي.
تسعى شركات الطيران الدولية أيضاً إلى الحصول على مزيد من المعلومات بشأن طاقم الطائرة وما إذا بمقدورها البقاء طوال الليل في الصين حالياً بعد إلغاء الحجر الصحي.
في الوقت الراهن، يتعين على العديد من شركات الطيران الدولية تسيير رحلات إلى الصين، وإنزال الركاب ثم السفر إلى سيؤول ليقضي الطاقم الليل هناك قبل العودة إلى الصين في اليوم التالي لنقل مسافرين جدد والقيام برحلة إلى الخارج.
قال الاتحاد الدولي للنقل الجوي إنه يجب إلغاء شرط إجراء اختبارات كوفيد قبل المغادرة.
"من الأهمية بمكان أيضاً أن تكون سلسلة قيمة الطيران بأكملها في الصين مستعدة جيداً وتزويدها بالموارد الكافية للتعامل مع الزيادة المتوقعة في عدد المسافرين جواً، وذلك لتجنب حدوث اضطرابات بالسفر والمشاكل التي نشهدها في أماكن أخرى من العالم عند إعادة فتح الحدود"، حسبما قال شي شينكوان نائب رئيس اتحاد النقل الجوي الدولي لمنطقة شمال آسيا.
مع ذلك، فإن أي زيادة كبيرة حقيقية في السفر إلى الخارج قد لا تحدث إلا بعد بدء العام القمري الجديد، الذي يصادف أواخر يناير 2023 أو حتى بعد بضعة أشهر من ذلك.
في حين ارتفعت عمليات البحث عبر الإنترنت عن الرحلات المتجهة للخارج بمناسبة العام القمري الجديد 300% بحلول 27 ديسمبر، ارتفعت عمليات البحث عن تذاكر رحلات عيد العمال بشأن قضاء العطلات في أوائل مايو بنسبة 600%، وفقاً لبيانات "فاري فلايت" (VariFlight)، شركة بيانات الطيران الصينية.
لم تشهد أسعار التذاكر الدولية أيضاً أي تقلبات كبيرة ولا تزال مرتفعة. أشارت استطلاعات الرأي على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية إلى أن الأسعار المرتفعة قد تكون بمثابة عائق للسفر.
كتب أحد الأشخاص في حساب على "ويبو" للتدوينات القصيرة، وهو مشابه لموقع "تويتر": "لقد شعرت بالحماس الشديد عند سماع الأخبار، ثم تراجعت معنوياتي تحت وطأة أسعار الرحلات الجوية.. سوف أنتظر وأبحث عن البديل لذلك".
قال وانغ يي المحلل في شركة "فاري فلايت" إن أعداد الرحلات الجوية الدولية ستنتعش تدريجياً وربما "تصل إلى نقطة تحول حقيقية بحلول صيف عام 2023".