ربما لم يكن في حسبان الملياردير المصري نجيب ساويرس أن يأتي يومٌ يبيع فيه حصته بذراعه المالية "بلتون المالية القابضة" المصرية بأقل من سعر شرائه لها، بحسب محللين تحدثوا لـ"الشرق"، ويرون أنه سيبيع لأعلى سعر يُقدّم للشركة، بعد تركيزه على الاستثمار في الذهب والعقارات بالآونة الأخيرة.
لدى "بلتون"، المثقلة بالخسائر منذ 2017 وحتى تاريخه، عرضان أوليان للاستحواذ على ما يصل إلى 90% من أسهمها، الأول من تحالف مصري تقوده شركة "دبليو إم" بسعر 1.35 جنيه للسهم، والثاني من "شيميرا" للاستثمار الإماراتية بسعر 1.485 جنيه للسهم.
"بالطبع يفكر ساويرس في التخارج من "بلتون" بعد تعثرها خلال السنوات الماضية، و"شيميرا" الإماراتية هي الأقرب للاستحواذ على "بلتون"، حيث لديها ملاءة مالية كبيرة، وستكون إضافة للشركة عبر تطويرها والتوسع بها في الخليج"، كما يرى إيهاب رشاد، نائب رئيس "مباشر كابيتال".
"بلتون" لديها خسائر متراكمة تبلغ 577 مليون جنيه، استناداً إلى قائمة المركز المالي للشركة حتى نهاية مارس 2022. الشركة التي تتكبد خسائر سنوية منذ 2017 وحتى 2021، تحوّلت إلى ربحية متواضعة في الربع الأول من هذا العام بلغت 3.8 مليون جنيه.
عرضٌ مغرٍ
أوقفت الهيئة العامة للرقابة المالية، اليوم الإثنين، إجراءات السماح لشركة "دبليو إم" للاستشارات بالفحص النافي للجهالة لشركة بلتون لحين البت في عرض "شيميرا"، وفق بيان للهيئة.
يزيد عرض الشراء المبدئي المقدّم من "شيميرا" بنحو 30% عن سعر إغلاق سهم "بلتون" في بورصة مصر أمس الأحد عند 1.14 جنيه، لتصل قيمة الصفقة في حالة الاستحواذ على 90% إلى نحو 596 مليون جنيه. علماً أن شركة أوراسكوم المالية القابضة تمتلك 58% من أسهم "بلتون".
بحلول الساعة 08:24 بتوقيت غرينتش يتداول سهم "بلتون" عند 1.255 جنيه بارتفاع 10.5%، في حين خسر المؤشر الرئيسي للسوق 0.35% ليصل عند 10062.9 نقطة.
لم يرد ساويرس على طلب للتعليق من "الشرق" عمّا إذا كان سيبيع حصته بأي من العرضين. كما لم ترد شركة "دبليو إم" على طلب للتعليق بشأن نيّتها زيادة سعر عرض الشراء،.
استحوذ ساويرس من خلال أوراسكوم للاتصالات، التي غيّرت اسمها بعد تقسيم الشركة إلى أوراسكوم المالية القابضة، في 2015 مع "أكت المالية" على أسهم "بلتون" في صفقة بلغت قيمتها حينها 650 مليون جنيه بسعر 4 جنيهات للسهم.
بلتون المالية القابضة هي إحدى أكبر المؤسسات المالية في مصر، ويتبعها نحو 18 شركة متخصصة في نشاط الاستثمار وإدارة الأصول والأوراق المالية وتغطية الاكتتابات. ويبلغ رأسمالها 891.3 مليون جنيه موزع على عدد أسهم 445.6 مليون سهم بقيمة اسمية جنيهان للسهم.
وائل زيادة، الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار "زيلا كابيتال"، يرى أن "من سيضع سعراً أعلى هو من سيفوز بالصفقة، ومن الصعب تقديم عرض استحواذ على شركة دون أن يكون الطرف الراغب في الشراء تحدّث مع مالك حصة الأغلبية بالشركة المستهدفة".
استحوذت "شيميرا" في ديسمبر الماضي على 25% من رأسمال شركة "جيميناي" القابضة المملوكة لنجيب ساويرس في صفقةٍ بلغت قيمتها 100 مليون دولار، وهو ما يشير لوجود روابط سابقة بين الطرفين.
تأسست "شيميرا" عام 2007، وهي شركة استثمارية مقرّها أبوظبي. وتتولى "شيميرا"، التابعة لمجموعة "رويال غروب"، المملوكة لمستشار الأمن الوطني الشيخ طحنون بن زايد، إدارة محفظة استثمارات خاصة متنوعة تشمل أسهماً مدرجة وغير مدرجة في أسواق المال المحلية والإقليمية، بحسب موقع الشركة الإلكتروني.
التركيز على العقار والذهب
يرى هاني جنينة، الاقتصادي والمحاضر بالجامعة الأميركية، أن "ساويرس قد يبيع حصته في "بلتون" نظراً لطول فترة الاستثمار في الشركة خلال مرحلة متقلّبة تراكمت فيها الخسائر لأسباب اقتصادية عالمية و محلية، بموازاة تركيزه على الاستثمار بقطاعات أخرى كالعقارات والخدمات السياحة والتعدين".
دخل نجيب ساويرس قطاع العقارات المصري بقوة خلال السنوات القليلة الماضية، وأسس شركة "أورا ديفولبرز"، التي تعمل حالياً على 3 مشاريع شرق القاهرة وغربها وبالساحل الشمالي. كما ضخ استثمارات كبيرة في مجال تعدين الذهب.
يُشير رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للأوراق المالية محمد ماهر إلى أن "ساويرس خفّض حصته في "بلتون" بمكسب كبير قبل هبوط سعر السهم"، مُعتبراً أن "عرض شيميرا إيجابي بالتأكيد، خاصةً مع رفع السعر بحوالي 10% عن العرض السابق من دبليو إم".
تأسست بلتون، كشركة مساهمة مصرية، في مايو عام 2006، وتم إدراج أسهمها في البورصة المصرية في إبريل 2008، يتمثل النشاط الأساسي الذي تأسست من أجله الشركة في العمل كبنك استثماري في مصر والشرق الأوسط، وتقوم الشركة بتقديم الخدمات المالية والمصرفية الاستثمارية والوساطة في الأوراق المالية.
كان سهم "بلتون" قفز بأكثر من 100% في الفترة من مايو إلى يونيو 2021، وهو نفس الوقت الذي خفّض فيه ساويرس حصته في الشركة من خلال شركة أوراسكوم المالية القابضة، قبل أن يهبط سهم "بلتون" لمستويات أقل من قيمته الاسمية البالغة جنيهين.