يخفض مزارعو البن في نيكاراغوا مشترياتهم من الأسمدة، فقط لتغطية نفقاتهم. وفي غواتيمالا يخفف المزارعون المغذيات لتمديد استخدامها، في ظل نقص الإمدادات. وفي كوستاريكا يراهن المنتجون على أن تربتهم بها ما يكفي من المغذيات العالقة، لاستغلالها خلال موسم الزراعة المقبل.
يعاني صغار المزارعين في بعض أغنى مناطق إنتاج البن في العالم، من أجل التوصل إلى بدائل في مواجهة ارتفاع تكاليف الأسمدة، التي تهدد سبل عيشهم، للدرجة التي تدفعهم إلى التفكير في تدابير يائسة، قد تؤدي في النهاية إلى الحد من الانتعاش العالمي في الإمدادات التي تزداد الحاجة إليها، إذ يفكر البعض في استخدام النفايات العضوية بديلاً رخيصاً لأسمدة النيتروجين والفوسفور والبوتاس، رغم احتمال خفض تلك الخطوة للمحاصيل بشكل كبير.
يضيف ارتفاع أسعار الأسمدة أعباءً جديدة على المزارعين، وسط ارتفاع تكاليف المواد الزراعية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية لتسجيل مستويات قياسية جديدة.
تُعَدّ روسيا وبيلاروسيا المجاورة لها من بين أكبر مورّدي مغذيات المحاصيل في العالم، وأدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى زيادة مشكلات الإمدادات والإنتاج عالمياً.
ارتفعت أسعار "أرابيكا"، أحد أرقى أنواع القهوة الذي تفضله سلاسل القهوة، بشكل طفيف هذا العام، بنسبة أقل من ارتفاعات أسعار الوقود والأسمدة، إذ قفز مؤشر "أسعار الأسمدة في أمريكا الشمالية للأسواق الخضراء" 30% هذا العام، ليسجل مستوى قياسياً، فيما سجّل مؤشر "البوتاس" في البرازيل مستويات قياسية جديدة، بعد ارتفاعه 36% منذ يناير. ومع تباطؤ ارتفاع أسعار البن مقارنة بارتفاع تكاليف المدخلات الزراعية الرئيسية، أصبح صغار منتجي البن عرضة للمخاطر بشكل خاص.
قالت فاطمة إسماعيل، مدير عام "جمعية القهوة النيكاراغوية التعاونية" (Nicaraguan coffee cooperative Soppexcca) في جينوتيغا: "الوضع يمثل حالة طوارئ هائلة لأعضائنا".
تضم الجمعية التعاونية 650 مزارعاً صغيراً، أكثر من ثلثهم من النساء، وكثيرات منهم أمهات عازبات. يشتري الأعضاء عادة نحو 800 طن من الأسمدة سنوياً، ما يساعدهم على زراعة ما يكفي من حبوب البن لإنتاج نحو 17000 عبوة، تزن العبوة 60 كجم (132 رطلاً). وتتوقع الجمعية تراجع مشترياتها من العناصر الغذائية إلى النصف.
تقدم الجمعية برنامجاً تعاونياً يساعد النساء على تطوير البساتين التي تساعدهن على إطعام أُسَرهن، وبيع فائض الإنتاج في الأسواق المحلية. ويتعرض البرنامج للخطر في ظل زيادة تكاليف المدخلات الزراعية والوقود لأكثر من الضعف منذ العام الماضي. قالت فاطمة: "إنها نكسة كبيرة لاستراتيجياتنا. المنتجون قلقون للغاية، وهناك كثير من عدم اليقين".
يقول خوان لويس باريوس، المزارع ورئيس "الرابطة الوطنية للبن" في البلاد، إنّ المزارعين في غواتيمالا يفكرون في الاستفادة من السماد العضوي -بما في ذلك روث الدجاج والنفايات المنزلية ولب كرز القهوة– من أجل خفض الاعتماد على الأسمدة. وأشار باريوس إلى أن هناك من يفكر في استخدام مغذيات سريعة المفعول قابلة للذوبان في الماء، قد يكون لها فوائد اقتصادية أقل ونتائج متباينة من مزارع إلى مزارع.
وفقاً لشينيا تشافيس، المديرة التنفيذية لـ"معهد القهوة" في كوستاريكا، فإنّ مزارعي البن في كوستاريكا يفحصون التربة في مناطق الإنتاج الرئيسية، على أمل تقليل الاعتماد على العناصر الغذائية للأرض. لكن في المقابل أشارت شينيا إلى أن عدم كفاية المدخلات سوف يخفض غلة محاصيل بعض المزارعين وقدرتهم التنافسية، في ظل زيادة احتمالات انتشار أمراض النبات في المناخات الاستوائية.
قال رودريغو فارغاس، رئيس شركة "دوكا إيستيت" (Doka Estate) في كوستاريكا، إن ارتفاع التكاليف يتسبب في "ضربة نفسية واقتصادية للجميع"، إذ تحتاج شركته إلى 1400 طن من الأسمدة لإنتاج نحو 40 ألف كيس من القهوة سنوياً. ويشير فارغاس إلى أنه يخلط 7 مكونات من الأسمدة ويستخدمها 4 مرات في السنة، وقد تضاعف سعر تلك المكونات السبعة مقارنة بأسعار العام الماضي، ما دفعه إلى التفكير في الاعتماد على مزيج أقل تعقيداً، رغم معرفته بتأثيره الضار على المحصول.
رغم ارتفاع أسعار البن العالمية 86% خلال العامين الماضيين، تسببت الأحوال الجوية السيئة وارتفاع تكاليف الشحن في ضغوط على هوامش الربح لعديد من صغار المزارعين، إذ تحوّل بعض التجار الدوليين الذين اعتادوا الشحن في حاويات إلى سفن شحن المحاصيل سائبة، في ظل صعوبة العثور على حاويات.
يقول كريستيان ولثرز، الذي يدير شركة استيراد مقرها فلوريدا، ولديه مكاتب في كل أنحاء أمريكا اللاتينية، إنّ سوق القهوة ستبدأ في الاضطراب بحلول الربع الثالث، وإن البرازيل، أكبر منتج للبن وأكبر مستورد لمغذيات المحاصيل، لديها ما يكفيها من الأسمدة لمدة 3 إلى 6 أشهر فقط.
تتوقع “منظمة البن الدولية" انخفاض إنتاج البن العالمي 2.1% ليصل إلى 167.2 مليون كيس في العام الحالي، بسبب تراجع إنتاج حبوب أرابيكا 7.1%.