اعتاد دوان بادوك، على الاحتفاظ بما يفوق 800 مركبة في وكالة شيفروليه، التي أطلق عليها بنفسه اسم شيفروليه قرب منطقة، بوفالو، في نيويورك. بيد أنه خلال هذه الأيام، وبسبب النقص في أشباه الموصلات، يبيع غالبية المركبات المرسلة إليه من قبل شركة "جنرال موتورز" بمجرد وصولها عنده.
وفي ظل عدم امتلاك الوكيل لمخزون تقريباً، يبيع فريق المبيعات لدى بادوك السيارات والشاحنات عبر عرض الشكل الذي ستكون عليه السيارات من خلال شاشة كمبيوتر مخصصة للعملاء والتقدم بالطلبات، ومن ثم يبقون في حالة انتظار.
تعمل هذه الطريقة بشكل جيد، حيث إنه لا يظن أنه سيكون هناك حاجة إلى تخزين سيارات كثيرة لديه عندما تتلاشى أزمة النقص في أشباه الموصلات في يوما ما، بحسب ما يتمنى.
توجد معضلة واحدة فقط: ما زال يوجد لديه مشترون مهتمون بأعداد تفوق بكثير السيارات المنتظر وصولها، ولذلك هبطت مبيعات قطاع السيارات بحوالي 20% خلال الربع الأخير من 2021، التي شهدت نصف ثاني من العام يعتبر الأسوأ منذ الركود الكبير على مدى أكثر من عقد مضى.
قال بادوك خلال اتصال عبر الهاتف : "العام الحالي سيسجل حجماً هو الأقل بالنسبة لي منذ 20 سنة. ستصل في النهاية إلى نحو 2500 وحدة في الوقت الذي كنت أحقق فيه عادة ما بين 3300 و4500 وحدة". تابع: " جميع ما أحصل عليه، نبيعه قبل أن يصل إلينا".
انخفاض المبيعات
باعت شركات صناعة السيارات بمعدل موسمي جرى تعديل بياناته خلال مقارنة على أساس سنوي على الأرجح حوالي 12.5 مليون سيارة جديدة في شهر ديسمبر الماضي، بانخفاض 23% عن العام السابق، بحسب متوسط توقعات خاصة بستة من الباحثين المختصين بالسوق.
من المنتظر أن تعلن غالبية شركات تصنيع السيارات عن حجم مبيعات السيارات الجديدة الموسمية والسنوية الأخيرة داخل الولايات المتحدة غداً الثلاثاء.
على صعيد السنة بأكملها، سيصل حجم مبيعات السيارات على الأرجح إلى 14.9 مليون سيارة، بارتفاع تصل نسبته إلى 2.5% بالمقارنة بالأيام المتضررة من تفشي مرض كوفيد خلال 2020، بحسب شركة "كوكس أوتوموتيف".
يعد إجمالي المبيعات خلال 2021 متراجعاً لمستوى تاريخي بالنسبة لقطاع كان من المعتاد له بيع نحو 16 مليون سيارة في السنة. يأتي هذا التباطؤ انعكاساً لأزمة النقص في الرقائق الإلكترونية الدقيقة على مستوى العالم الذي اضطر شركات تصنيع السيارات إلى تقليص الإنتاج أو شحن بعض المركبات لا تتوافر فيها ميزات تعمل بطريقة كاملة.
من المعتاد أن يشهد شهر ديسمبر مبيعات ضخمة بالنسبة لشركات تصنيع السيارات، الذي من المعتاد أيضاً استغلاله لطرح عروض ترويجية خاصة بموسم العطلات لتعزز حملة التسويق في فترة نهاية السنة.
من جهتها، قالت ميشيل كريبس، التي تعمل كمحللة في شركة "كوكس"، إن عام 2021 لم يشهد حدوث ذلك الأمر.
وأضافت: "إن المعضلة لا تتعلق بالطلب بل إنها معضلة خاصة بعملية التوريد".
وقالت: "يوجد لدينا 1.5 مليون وحدة على أقل تقدير تراجعاً في المخزون مقارنة بعام 2020 و2.5 مليون وحدة مقارنة بـ2019".
مخزونات منخفضة
على مستوى القطاع، كان يوجد لدى شركات تصنيع السيارات مخزونات تكفي نحو 18 يوماً خلال شهر ديسمبر، بحسب موقع "تروكار" الإلكتروني، وهو موقع متخصص في تسعير السيارات.
يعد ذلك صعوداً محدوداً مقارنة بنهاية الربع الثالث من العام الجاري، عندما كان لدى صانعي السيارات مخزونات تكفي 16 يوماً. بيد أنها ما زالت أقل من نصف معدلها قبل سنة.
تعرضت شركة "جنرال موتورز"، التي حافظت على الإنتاج في وقت مبكر من الأزمة، لأضرار شديدة جرّاء أزمة نقص الرقائق الإلكترونية خلال النصف الثاني من العام الجاري. وتوقعت شركة "كوكس" أن تتجاوز مبيعات شركة "تويوتا موتور" مبيعات "جنرال موتورز" داخل الولايات المتحدة خلال السنة الحالية نظراً لقدرتها على القيام بعمليات إنتاج أكبر.
وبحسب توقعات شركة "تروكار" فإن المبيعات الخاصة بشركة "جنرال موتورز" خلال شهر ديسمبر الماضي هبطت بنسبة 43%، وهو ما سيصبح التراجع الأكبر بالنسبة لأي شركة تصنيع سيارات. انخفصت مبيعات سيارات شركة "تويوتا" بحوالي 30% وعلى الأرجح أن تحقق "فورد موتور" هبوطاً بحوالي 20% بحسب تقديرات "تروكار".
من جانبه، قال المتحدث باسم الشركة، جيم كين، إن شركة "جنرال موتورز" لديها مستوى قياسي منخفض من المخزون في بداية الربع الأخير، جرّاء تعطل الإنتاج خلال الربع الثالث. أضاف أن إنتاج شركة تصنيع السيارات في مدينة ديترويت أبدى مؤشرات تحسن خلال الربع الأخير مع توافر رقائق إلكترونية أكثر.
يقول التجار إنه من أجل المساهمة في تجاوز أزمة نقص المعروض من السيارات، فإن "جنرال موتورز" تتيح لهم تمديد عقود الإيجار للعملاء الذين لا يتمكنون من الحصول على سيارة حديثة.
زيادة الأسعار
يجبر المستهلكون الذين يتمكنون من العثور على المركبات التي يرغبون فيها إلى دفع مبالغ أكبر. تستعمل شركات تصنيع السيارات أشباه الموصلات التي يجلبونها من أجل صنع نماذج ذات ربحية أعلى وتلك المزودة بأغلب الخيارات بداخلها، بحسب شركة أبحاث التسوق المتخصصة في السيارات "إدموندز" (Edmunds).
حققت سيارات النصف نقل ذات المميزات العالية والمركبات الرياضية متعددة الأغراض كافة متوسط سعر قياسي وصل إلى 45,872 دولاراً في شهر نوفمبر الماضي، لتكون مرتفعة عن عام سابق بنسبة 15%.
بحسب توقعات شركة "تروكار" فإن متوسط أسعار الصفقات خلال شهر ديسمبر الماضي الخاصة بشركة "جنرال موتورز" وشركة "ستيلانتس" (Stellantis NV) تجاوز 50 ألف دولار، وهو السعر الأعلى بين شركات تصنيع السيارات على نطاق السوق الأوسع.
أوضحت شركات تصنيع السيارات أنه يوجد بعض التخفيف في أزمة إمدادات الرقائق الإلكترونية وأنهم شرعوا في تدعيم عمليات الإنتاج. قال كريبس إن حجم المخزون صعد على نحو محدود في نهاية شهر نوفمبر الماضي، حيث وصل إلى مليون سيارة للمرة الأولى منذ شهر أغسطس الماضي.
لا يبدو أن القيود المرتبطة بالرقائق الإلكترونية تسفر عن تراجع في معدل نمو شركة "تسلا" في غضون الشهور الثلاثة الأخيرة من السنة الماضية. كشفت شركة تصنيع السيارات الكهربائية أمس الأحد عن أنها نفذت عمليات تسليم بأعداد قياسية بغلت 308.6 ألف سيارة خلال الربع الأخير من العام الماضي، حيث حطمت متوسط تقديرات المحللين التي بلغت حوالي 263 ألف سيارة.
على مستوى القطاع بالكامل، يتوقع محللون تحسين في عملية تسليم أشباه الموصلات وارتفاع معدل إنتاج المركبات خلال العام الجاري. وبحسب توقعات شركة "إدموندز" فإن سنة 2022 ستشهد بيع 15.5 مليون سيارة، كما يتوقع محلل شركة "آر بي سي كابيتال ماركتس" جو سباك أن تصل إلى 15.8 مليون من مبيعات السيارات مع تصاعد عمليات الإنتاج.
تجد هذه الأنباء ترحيباً بين المشترين والبائعين بنفس الطريقة، الذين يتطلعون لمشاهدة مجموعة أفضل، لا سيما الطرازات ذات التكلفة الأقل. أوضح بادوك التاجر لدى شركة "جنرال موتورز" أنه لم يشهد وصول سيارة "تشيفي ماليبو" العائلية منخفضة التكلفة منذ أوائل الصيف الماضي وفي النهاية يبقي في كل شهر ثلاث سيارات جديدة لم تباع مقدماً.
أضاف: "متى سنعود إلى مرحلة امتلاك مخزون؟"، وأجاب أنه بحسب "تخمينه سيستغرق الأمر عامين بداية من الوقت الحالي وستمر مدة زمنية طويل قبل أن تشاهد مخزوناً فوق الحصص الموزعة على المستهلكين".