من المتوقع أن تواجه أكبر شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة قيوداً جديدة بسبب مشروعَي قانون أُعلن عنهما أمس الخميس، بعد شهر من الكشف عن مخالفات شركة "فيسبوك" التي أُبلغ عنها، وأثارت دعوات جديدة لكبح القطاع، الذي أفلت من اللوائح التنظيمية بشكل كبير حتى الآن.
قد يتسبب إجراء يتخذه النائب فرانك بالون، رئيس لجنة الطاقة والتجارة، وغيره من كبار الديمقراطيين بمجلس النواب الأمريكي، في إبطال حماية المسؤولية القانونية الممنوحة للمنصات التي تستخدم الخوارزميات لنشر معلومات ضارة، وذلك من منطلق ضرورة تحميل الشركات مسؤولية الكيفية التقنية التي تنشر بها المحتوى.
اقرأ أيضاً: بما في ذلك وقت القيادة.. شركات التكنولوجيا تسعى إلى السيطرة على أوقات المستهلكين
قال بالون، النائب عن نيوجيرسي، في بيان: "منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" تستمر في ضخ مزيد من المحتوى الذي يُعرّض عائلاتنا للخطر، ويعزز نظريات المؤامرة، ويحرض على التطرف، لتحفيز الضغط على نقرات أكثر وجمع أموال إعلانات أكبر". وأضاف: "تصميم خوارزميات مخصصة تعزز التطرف، والمعلومات المضللة، والمحتوى الضار، يحدث بشكل مقصود، ويجب على المنصات تحمل مسؤولية ذلك".
مكافحة الاحتكار
أمّا مشروع القانون الآخر فعبارة عن إجراء قُدّم على أيدي مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين لمكافحة الاحتكار، من شأنه أن يمنع أكبر شركات التكنولوجيا العملاقة في الولايات المتحدة مثل "أمازون" و"أبل" من تمييز المنتجات التابعة لها على نظيرتها لدى المنافسين.
سيمنع هذا المقترح، الذي شارك في رعايته ك من إيمي كلوبوشار، وهي نائبة ديمقراطية عن ولاية مينيسوتا، وتشاك غراسلي، النائب الجمهوري عن ولاية أيوا، الشركات من استخدام البيانات لإلحاق الضرر بالمنافسة، أو التلاعب بنتائج البحث لصالحها، أو تقييد الطريقة التي تستخدم بها الخدمات الأخرى منصاتها.
ويتوافق مشروع هذا القانون مع مقترح مجلس النواب، الذي حذرت مجموعات التكنولوجيا في وقت سابق من أنه قد يعرض أمن المستخدم للخطر، ويجعل استخدام الخدمات التي يتمتع بها المستهلكون أكثر صعوبة.
اقرأ أيضاً: البيت الأبيض يطالب "فيسبوك" بإصلاحات لحماية خصوصية المستخدمين
قالت كلوبوشار، التي تقود اللجنة الفرعية لمكافحة الاحتكار في مجلس الشيوخ، في مقابلة هاتفية، الأربعاء الماضي: "الولايات المتحدة تعاني من مشكلة الاحتكار، وشركات التكنولوجيا المهيمنة كانت تطالبنا منذ فترة طويلة بالوثوق بها". وأضافت: "كان هناك انتهاكات كبيرة لقواعد المنافسة، ودولتنا تأسست على الأسواق المفتوحة والمنافسة العادلة".
تحركات الكونغرس
هناك قائمة قوية من الرعاة المشاركين، بما في ذلك رئيس وكبير الجمهوريين في اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ، التي ستنظر أولاً في التشريع، وتزيد فرصه للحصول على تصويت في نهاية المطاف من مجلس الشيوخ. ويماثل ذلك المقترح تقريباً مشروع قانون وضعه النائب ديفيد سيسلين، وهو ديمقراطي من ولاية رود آيلاند، وقدمته اللجنة القضائية في مجلس النواب خلال يونيو الماضي، لكن لم يُصوَّت عليه بعدُ في مجلس النواب بالكامل.
يأتي مشروع قانون مجلس الشيوخ بعد شهور من المفاوضات بين كلوبوشار وغراسلي وموظفيهما لتهدئة المخاوف، والحصول على دعم أوسع في كلا الحزبين. وبينما كان الإجراء قيد العمل قبل وقت طويل من المزاعم التي طرحتها الموظفة المُبلغة عن المخالفات ضد "فيسبوك"، قالت كلوبوشار إن ما كُشف عنه خلال الشهر الماضي كان بمثابة "حافز لاتخاذ إجراء" في الكونغرس.
اقرأ أيضاً: خوارزميات "فيسبوك" أكبر من أن يجري إصلاحها
كانت هناك عدة طرق مقترحة لتنظيم قطاع التكنولوجيا، ويتعهد المشرعون من كلا الحزبين باستخدام هذا الزخم لاتخاذ إجراءات في هذا الصدد. ويركز بعض مشروعات القوانين على تعزيز قواعد الخصوصية، أو تحديث تدابير الحماية للأطفال عبر الإنترنت، فيما يركز آخرون، مثل مشروع قانون مجلس النواب الجديد الذي طرحه بالون، على وقف العمل بالمادة 230 التي توفر الحماية القانونية المنصوص عليها في قانون عام 1996.
ضغوط الشركات
تحدثت كلوبوشار عن مشروع قانون مكافحة الاحتكار الذي قدمته، قائلة إن شركات التكنولوجيا "تحشد جماعات الضغط ضد مشروع القانون، وبسبب ذلك كنت مسرورة للغاية لأن زملائي وقفوا في وجه هذه المحاولات"، مضيفة أن جماعات الضغط في الشركات لديها نهج "الهجوم بلا هوادة" لمعارضة التشريعات التي يختلفون معها.
في غضون ساعات من إعلان مشروع قانون مجلس الشيوخ، جددت مجموعات التكنولوجيا التحذيرات من أن إجراءات مكافحة الاحتكار هذه ستدمر الخدمات الرائجة مثل خرائط "غوغل" و"أمازون بيزكس" (Amazon Basics).
اقرأ أيضاً: كبح جماح شركات التكنولوجيا العملاقة يلحق الضرر بالمستهلكين
وقال آدم كوفاسيفيتش، رئيس مجموعة "تشامبر أوف بروغرس" (Chamber of Progress) التكنولوجية ذات الميول اليسارية، إن مشروع القانون "يوجه ضربة قاسية إلى المنتجات التقنية التي يحبّها المستهلكون".
من ناحية أخرى، رحبت المجموعات المؤيدة للمنافسة بالمقترح. وسلطت سارة ميللر، رئيسة مشروع الحريات الاقتصادية الأمريكية، الضوء على استعداد الحزبين في الكونغرس "لطيّ الصفحة على حقبة فاشلة من إنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار".
استعادة المنافسة
قالت ميللر: "يجب أن يواصل مجلس الشيوخ تأكيد سلطته على حفنة الرجال الذين تقوض شركاتهم الدينامية الاقتصادية، وتسلب قوة الصحافة الحرة، وتهدد ديمقراطيتنا". وتابعت: "يجب أن يعمل مجلس الشيوخ على تفكيك شركات التكنولوجيا الكبيرة لإعادة تقديم نظام منافسة قائم على السوق لاستكمال الجهود التنظيمية".
سينطبق مشروع قانون مجلس الشيوخ –مثل الإجراء الذي اتخذه مجلس النواب لمكافحة الاحتكار- على شركات "أبل" و"أمازون" و"فيسبوك"، و"غوغل" التابعة لـ"ألفابت". ويحتوي مقترح مجلس الشيوخ على نفس المعايير للمستخدمين الشهريين للمنصة، لكنه يحتوي على حد أقل قليلاً للقيمة السوقية، التي تقدر بـ550 مليار دولار بدلاً من 600 مليار دولار في مشروع قانون مجلس النواب، بجانب تغييرات صغيرة في تعريف الشريك التجاري المهم.
أوضحت كلوبوشار أن مشروع القانون الخاص بها يستبعد أيضاً بنداً من نسخة مقترح مجلس النواب، الذي كان من شأنه السماح بالسلوك الذي "يزيد رفاهية المستهلك"، نظراً إلى أن أعضاء مجلس الشيوخ يعتقدون أن ذلك يمثل ثغرة كبيرة جداً للشركات. وقالت كلوبوشار إن نسخة مجلس الشيوخ تُبسّط أيضاً بعض العقوبات، وتُعدّل بعض مفردات اللغة المستخدمة "لضمان أن المنصات يمكنها تحسين منتجاتها دون خوف من انتهاك القانون".
اقرأ أيضاً: ما مصير شركات التكنولوجيا بعد عودة الحياة إلى طبيعتها وانحسار الوباء؟
كان مشروع القانون المقدم من سيسلين، الذي يرأس اللجنة الفرعية لمكافحة الاحتكار في مجلس النواب، والنائب لانس جودن، وهو جمهوري ينوب من ولاية تكساس، جزءاً من مجموعة من 6 مشاريع قوانين من الحزبين قدمتها اللجنة القضائية في مجلس النواب. اثنان من هذه القوانين لديهما شبيه بالفعل في مجلس الشيوخ، ويعمل السيناتور توم كوتون، وهو جمهوري من أركنساس، على مقترح آخر مشابه لمشروع قانون مجلس النواب، ويهدف إلى الحد من عمليات الاندماج والاستحواذ في المنصات المذكورة.