يُرجح أن يكون الاقتصاد الصيني قد حافظ على زخمه الشهر الماضي، وسط إشارات على مزيد من الاستقرار مع دخول حزمة واسعة من إجراءات التحفيز حيز التنفيذ.
من المتوقع أن يكون الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة قد شهدا نمواً بنفس الوتيرة أو بوتيرة أسرع قليلاً في نوفمبر مقارنة بشهر أكتوبر، وفقاً لتوقعات اقتصاديين في استطلاع أجرته "بلومبرغ". ومن المقرر صدور هذه البيانات يوم الاثنين.
أظهر ثاني أكبر اقتصاد في العالم علامات مبدئية على التعافي منذ أكتوبر، بعد أن أعلنت بكين حزمة من إجراءات التحفيز، بما في ذلك خفض أسعار الفائدة. قد يؤدي هذا إلى تحقيق الصين هدف النمو لعام 2024 البالغ حوالي 5%، رغم أن عودة دونالد ترمب كرئيس للولايات المتحدة قد تضر بمقومات الاقتصاد الرئيسية في السنوات القادمة.
تعهد المكتب السياسي، الذي يقوده الرئيس شي جين بينغ، في وقت سابق من هذا الأسبوع، بتقديم دعم اقتصادي أكثر جرأة العام المقبل، مع استعداد بكين لخوض حرب تجارية جديدة. وأشار كبار المسؤولين يوم الخميس إلى مزيد من الاقتراض والإنفاق العام في عام 2025، مع تحول تركيز السياسات نحو الاستهلاك. ورغم أنهم لم يقدموا تفاصيل، فإن زيادة الطلب المحلي قد تعوض الضغوط الناجمة عن ارتفاع الحواجز التجارية على الصادرات الصينية، بما في ذلك الرسوم الجمركية المرتفعة التي هدد بها ترمب.
هناك خطر آخر يواجه بكين يتمثل في الانكماش الاقتصادي، الذي قد يؤدي إلى دورة من انخفاض الإنفاق، وتراجع إيرادات الأعمال، وفقدان الوظائف.
مأزق التضخم
كتب اقتصاديون من بنك "إتش إس بي سي" (HSBC) بقيادة جينغ ليو في مذكرة يوم الاثنين: "في حين كانت هناك عموماً إشارات على استقرار النشاط الاقتصادي، فإن البيانات لم تكن جميعها إيجابية"، في إشارة إلى بيانات التضخم الصادرة في ذلك اليوم، والتي أظهرت تباطؤاً غير متوقع في تضخم أسعار المستهلك الشهر الماضي.
من المقرر أن يُصدر المكتب الوطني للإحصاء بيانات الاقتصاد لشهر نوفمبر يوم الاثنين الساعة 10 صباحاً بالتوقيت المحلي. كذلك يتوقع الاقتصاديون ما يلي:
- من المتوقع أن يرتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 5.3% في نوفمبر مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، محافظاً على وتيرته المسجلة في أكتوبر.
- قد ترتفع مبيعات التجزئة بنسبة 5% مقارنة بالعام الماضي، متسارعة من نمو الشهر السابق البالغ 4.8%.
- من المرجح أن يرتفع الاستثمار في الأصول الثابتة إلى 3.5% خلال الأشهر الإحدى عشرة الأولى من العام، مقارنة بزيادة قدرها 3.4% في الفترة من يناير إلى أكتوبر.
- يتوقع أن يظل معدل البطالة في المناطق الحضرية المستند إلى الاستطلاعات ثابتاً عند 5% في نوفمبر.
تجاوز القطاع الصناعي نمو الاستهلاك في اتجاه بدأ قبل إجراءات التحفيز التي أُعلنت أواخر سبتمبر. وأظهرت التقارير الرسمية والخاصة الشهر الماضي، أن النشاط التصنيعي تجاوز توقعات المحللين واستمر في التوسع.
اعتمد الاقتصاد الصيني هذا العام على التصنيع والصادرات، مع ضعف الطلب المحلي بسبب أزمة العقارات المستمرة، وتراجع ثقة المستهلك. وعلى الرغم من أن الإنتاج القوي والشحنات إلى الخارج شكّلا نقطة مضيئة للاقتصاد، إلا أن هذا دفع بعض الدول إلى فرض قيود على تدفق المنتجات الصينية.
الصادرات إلى أميركا
في نوفمبر، ارتفعت الصادرات إلى الولايات المتحدة لأعلى مستوى لها منذ سبتمبر 2022، حيث سارع المصنعون إلى استغلال الفرصة قبل عودة ترمب إلى السلطة. وهدد الرئيس المنتخب بفرض رسوم جمركية إضافية على السلع القادمة من الصين.
من المتوقع أن تستمر مبيعات التجزئة في الصين في النمو خلال نوفمبر، لكن علامات التباطؤ بدأت تظهر بالفعل.
انخفضت مؤشرات النشاط في القطاعين غير الصناعيين (البناء والخدمات) في نوفمبر مقارنة بالشهر السابق، وأخفقت في تلبية التوقعات.
وأصبح تعزيز الاستهلاك المحلي أمراً أكثر أهمية، مع سعي بكين لزيادة دور التصنيع في الاقتصاد، مما دفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتهام الصين بغزو أسواقهما بالسلع الرخيصة.
رفع كبار صنّاع السياسات الصينيين أهمية تعزيز الإنفاق في اجتماع هذا الأسبوع، واعدين بـ "رفع الاستهلاك بقوة" ودفع الطلب المحلي "في جميع المجالات". قد يشير ذلك إلى مزيد من الدعم لبرنامج "الاستبدال مقابل المال" الذي يخصص دعماً لشراء الأجهزة والسيارات لاستبدال المنتجات القديمة.
أسهم انهيار سوق الإسكان على مدى السنوات الثلاث الماضية في تقليص النشاط الاقتصادي، حيث قامت الشركات بتقليص الإنشاءات. كما أن انخفاض قيمة العقارات يقوض شعور الناس بالثروة، ويقلل الطلب على الأراضي الجديدة، مما يؤثر على إيرادات الحكومات المحلية التي كانت تعتمد بشكل كبير على بيع الأراضي للمطورين.
في علامة على استمرارية الركود، انخفضت قيمة مبيعات المنازل الجديدة من أكبر 100 شركة عقارية بنسبة 6.9% مقارنة بالعام السابق الشهر الماضي، مما يعكس زيادة بنسبة 7.1% في أكتوبر، وفقاً للبيانات الأولية من "تشاينا ريل ستيت إنفورميشن" (China Real Estate Information Corp)، وهو ما يظهر أن القطاع العقاري لا يزال بحاجة إلى وقت قبل أن يظهر تعافياً مستداماً.
في اجتماع ديسمبر، تعهد المكتب السياسي مباشرة بـ"استقرار" سوق الأسهم وقطاع العقارات. ويراقب المستثمرون عن كثب للحصول على مزيد من التفاصيل حول هذا التعهد.