أبقى البنك المركزي التركي على أسعار الفائدة دون تغيير للشهر الرابع على التوالي، في اجتماعه اليوم الثلاثاء، مع التركيز على امتصاص السيولة الفائضة من الليرة، وتطبيق تدابير التشديد النقدي البديلة لكبح التضخم، وفق بيان رسمي صادر عن المركزي.
جاء القرار موافقاً لتوقعات جميع الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع بلومبرغ، وقدروا بقاء سعر الريبو لأسبوع واحد عند 50%. كما توقع مصرف "دويتشه بنك" ومؤسسة "بلومبرغ إيكونوميكس" أن تتضمن السياسات النقدية الإضافية المحتملة زيادة متطلبات الاحتياطي الإلزامي من الليرة في البنوك، مع رفع البنك المركزي للحد الأدنى لكوريدور الفائدة (سعر الإيداع والإقراض لليلة واحدة).
ذروة أسعار الفائدة التركية
في ظل استبعاد احتمال رفع أسعار الفائدة الرسمية أكثر من المعدل الحالي، ركز صانعو السياسات النقدية على الآثار الجانبية التي نتجت عن محاولات تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي في البلاد، بما في ذلك ضخ مليارات الليرات في أوردة الاقتصاد. فهذه السيولة الزائدة شكلت عبئاً على أسعار الفائدة على الودائع، وتكلفة التمويل لليلة واحدة، وهي مشكلة ما تزال تؤرق مضجع البنك المركزي حتى بعد تراجع التضخم في يونيو الماضي.
ونقلت بلومبرغ عن معهد "تباف" (Tepav)، وهو مركز أبحاث مقره أنقرة يضم مصرفيين سابقين عملوا في البنك المركزي: "إذا استمرت السيولة الفائضة في النظام بسبب شراء النقد الأجنبي؛ سيكون هناك حاجة إلى تغيير تقني في كوريدور سعر الفائدة للحفاظ على تشديد السياسة النقدية".
مسار التضخم في تركيا
يتوقع "دويتشه بنك" بقاء سعر الفائدة دون تغيير حتى ديسمبر المقبل، بينما يتوقع "غولدمان ساكس" إجراء أول تخفيضين مع نهاية الربع الثالث من السنة الجارية للحفاظ على وتيرة كبح التضخم في البلاد. مع ذلك، بيّن خبراء اقتصاد في بنك "باركليز" أنه مع مواصلة دعوتهم للبنك المركزي للانتظار حتى يناير المقبل قبل تخفيض أسعار الفائدة، فإن "عوامل المخاطر قد تقود نحو تخفيض مبكر، خلال نوفمبر أو ديسمبر المقبلين"، وفق بلومبرغ.
بوقت سابق من الشهر الجاري، وجه محافظ البنك المركزي التركي، فاتح كارهان، أقوى رسالة حتى الآن إلى المستثمرين الأجانب القلقين بشأن تيسير السياسة النقدية مبكراً، قائلاً إنه "لن يُقدم على خفض أسعار الفائدة قبل التأكد من حدوث تراجع مستمر في التضخم".
وأوضح خلال مقابلة مع بلومبرغ: "يجب دراسة أي تدابير نتخذها إزاء أسعار الفائدة لتحقيق هدف التضخم خلال 2025 وما بعدها".
يبلغ هدف كارهان للتضخم 14% مع حلول نهاية السنة المقبلة، بينما تتوقع الأسر وصوله إلى 71.5% في غضون 12 شهراً، بحسب أحدث استطلاع رأي شهري للبنك المركزي خلال يونيو الماضي.
يعتبر البنك هذه الفجوة تحدياً رئيسياً ينبغي له التغلب عليه. وتضع عادات الأسر التي تشكلت على مر السنوات جراء التضخم المفرط، تركيا في حلقة مفرغة، إذ تواصل الأسعار ارتفاعها بصورة أسرع مع زيادة توقعات التضخم المرتفع لحجم الطلب.
تباطؤ مؤشر التضخم الشهري
تباطأ نمو أسعار المستهلكين على أساس شهري -المؤشر المفضل للبنك المركزي- إلى 1.6% خلال يونيو الماضي، في أدنى مستوى خلال ما يتجاوز العام. وأشاد المستثمرون بالتحول الذي يشهده التضخم مدفوعاً بجولة قوية من عمليات رفع سعر الفائدة الأساسي بأكثر من 40 نقطة مئوية خلال أقل من سنة.
نتيجة لذلك؛ رفعت وكالة "موديز" الأسبوع الماضي التصنيف الائتماني لتركيا للمرة الأولى منذ 11 سنة، مشيرة إلى تحسن مصداقية السياسة النقدية للبنك المركزي.
وبينت "موديز" الجمعة الماضية: "لا يبقي البنك المركزي فقط على أسعار فائدة مرتفعة، لكنه يعمل أيضاً على كبح التضخم بوسائل أخرى".