تباطأ معدل التضخم في الولايات المتحدة على نطاق واسع في يونيو إلى أقل وتيرة منذ 2021 على خلفية التباطؤ الذي طال انتظاره في تكاليف الإسكان، ما يعزز ثقة مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي في قدرتهم على خفض أسعار الفائدة قريباً.
أظهرت أرقام مكتب إحصاءات العمل أن ما يسمى بمؤشر أسعار المستهلكين الرئيسي – الذي يستثني تكاليف الغذاء والطاقة – ارتفع 0.1% مقارنةً بشهر مايو، وهو أقل زيادةٍ منذ أغسطس 2021. وانخفض المؤشر العام للمرة الأولى منذ بداية وباء كورونا، متأثراً بانخفاض أسعار البنزين.
على غرار تقرير مؤشر أسعار المستهلك لشهر مايو، والذي وصفه رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول هذا الأسبوع بأنه "جيد حقاً" بعد زيادة غير متوقعة في الربع الأول، فإن قراءة يونيو ستمنح باول وزملائه بعض الثقة التي يحتاجون إليها للبدء بخفض أسعار الفائدة، على الأرجح في سبتمبر.
وستكون لدى صناع السياسات فرصة للإشارة إلى أن مثل هذه الخطوة قد تكون قادمة، عندما يجتمعون في وقت لاحق من شهر يوليو، خاصة وأن البطالة ارتفعت الآن لمدة ثلاثة أشهر متتالية.
تجنب باول، في شهادته أمام المشرعين هذا الأسبوع، الإشارة إلى توقيت بدء التخفيضات المحتملة، وأصر على أن تحركات السياسة ستسترشد بالبيانات الواردة.
ومن المقرر أن يتحدث رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي مرة أخرى بعد ظهر يوم الاثنين، في مناقشة خاضعة للإشراف يستضيفها النادي الاقتصادي في واشنطن العاصمة.
تزايد احتمالات خفض الفائدة في سبتمبر
كتب جوزيف بروسويلاس، كبير الاقتصاديين في شركة "آر إس إم يو إس" (RSM US LLP)، في مذكرة: "نحن واثقون بما فيه الكفاية - حتى لو لم يكن بنك الاحتياطي الفيدرالي مستعداً بعد للاعتراف بذلك - أن التضخم في طريق العودة إلى هدف 2%"، مضيفاً أن "الطريق مفتوح الآن لخفض سعر الفائدة في سبتمبر".
بعد تقرير مؤشر أسعار المستهلكين، ارتفعت سندات الخزانة، وقام المتداولون بتسعير تخفيضات أسعار الفائدة في سبتمبر وديسمبر بالكامل تقريباً. كما رفعوا احتمالات حدوث تخفيض في نوفمبر، وهي خطوة ستأتي مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية. قبل يوم الخميس، كان التجار وصناع القرار منقسمين حول ما إذا كان سيكون هناك تخفيض واحد أو اثنين فقط هذا العام.
كما قدم التقرير أخباراً مشجعة للرئيس جو بايدن بينما يستعد لمؤتمر صحفي عالي المخاطر في وقت لاحق الخميس، وسط دعوات من زملائه الديمقراطيين له للتنحي كمرشح الحزب. ورحب الرئيس المحاصر بالبيانات في بيان، قائلاً إنها تظهر "تقدماً كبيراً" في مكافحة التضخم.
المؤشر | المستوى الفعلي | المستوى التقديري |
مؤشر أسعار المستهلك على أساس شهري | -0.1% | +0.1% |
مؤشر أسعار السلع الرئيسي على أساس شهري | +0.1% | +0.2% |
مؤشر أسعار المستهلك على أساس سنوي | +3.0% | +3.1% |
مؤشر أسعار السلع الأساسية على أساس سنوي | +3.3% | +3.4% |
ارتفعت أسعار المسكن، وهي أكبر فئة ضمن الخدمات، بنسبة 0.2%، في أقل زيادة منذ أغسطس 2021. كما زاد الإيجار المعادل للمالكين، وهو مجموعة فرعية من السكن، وأكبر مكوّن فردي في مؤشر أسعار المستهلك، بنسبة 0.3%، وهو أيضاً الأقل في ثلاث سنوات.
تحول في أسعار الإسكان
قالت جوليا كورونادو، مؤسسة شركة "ماكروبوليسي بيرسبيكتيفز" (MacroPolicy Perspectives LLC) والخبيرة الاقتصادية السابقة في بنك الاحتياطي الفيدرالي: "ربما يكون الجانب الأكثر أهمية في تقرير يونيو هو التحول الهبوطي في ارتفاع أسعار الإسكان".
وأضافت: "يبدو الأمر واسع النطاق ومتيناً، وقد أشار العديد من مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أن التحول الهبوطي من شأنه أن يعزز ثقتهم في أن التضخم يعود بالفعل إلى 2% بطريقة مستدامة".
بالإضافة إلى تباطؤ الزيادات في الإيجارات، انخفضت تكاليف الخدمات الأخرى مثل تذاكر الطيران والإقامة في الفنادق ورعاية المرضى الداخليين في المستشفى عن الشهر السابق. وأدت أسعار السيارات الجديدة والمستعملة إلى انخفاضات واسعة النطاق في سلة السلع الأساسية.
أشار مكتب إحصاءات العمل الأميركي إلى أن مؤشر المركبات الجديدة تم تقديره بأسعار أقل مما كان عليه في الأشهر السابقة، بسبب هجوم إلكتروني ضرب آلاف الوكلاء في يونيو، ولكن تمت استعادة أنظمة البرمجيات منذ ذلك الحين. وفقاً للتقرير، "ليس لدى المكتب أي معلومات إضافية حول موعد استئناف تدفقات البيانات النموذجية"، مؤكداً أنه يقوم "بمراقبة الوضع عن كثب".
أظهرت أرقام منفصلة يوم الخميس أن الطلبات المتكررة للحصول على إعانات البطالة ظلت بالقرب من أعلى مستوى منذ أواخر عام 2021. وفي الوقت نفسه، انخفضت الطلبات المقدمة لأول مرة بمقدار 17000 طلب الأسبوع الماضي، وهو ما يعادل أكبر انخفاض خلال عام، مما يوفر بعض التفاؤل بأن سوق العمل لا تزال متماسكة.
باستثناء الإسكان والطاقة، انخفضت أسعار الخدمات للشهر الثاني، وفقاً لحسابات "بلومبرغ". وفي حين أكد محافظو البنوك المركزية في أميركا على أهمية النظر إلى مثل هذا المقياس عند تقييم مسار التضخم في البلاد، عبر احتسابه على أساس مؤشر منفصل.
وهذا المقياس، المعروف باسم مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، لا يعطي أهمية كبيرة للمسكن كما يفعل مؤشر أسعار المستهلك. ويساعد ذلك في تفسير سبب اقتراب مقياس نفقات الاستهلاك الشخصي من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%.
يستمد مقياس نفقات الاستهلاك الشخصي، الذي سيتم إصداره في وقت لاحق من هذا الشهر، إلى مؤشر أسعار المستهلك، بالإضافة إلى فئات معينة ضمن مؤشر أسعار المنتجين، والذي من المقرر صدوره يوم الجمعة.
"يعد تقرير مؤشر أسعار المستهلك لشهر يونيو أفضل بدرجة من التقرير الذي وصف بأنه جيد جداً في مايو، وهو ما يمكنه أن يعزز ثقة اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بشأن مسار التضخم. ومن شأن ذلك أن يمهد الطريق أمام بنك الاحتياطي الفيدرالي لبدء خفض أسعار الفائدة في سبتمبر، بل وقد يشير في يوليو إلى إمكانية إجراء تخفيض مبكر".
آنا وونغ وستيوارت بول اقتصاديان في بلومبرغ إيكونوميكس
تباطؤ تضخم الخدمات
تشير أحدث النتائج الصادرة عن شركة "دلتا إيرلاينز إنك" إلى وجود مجال أكبر لتهدئة تضخم الخدمات. وجاءت توقعات إيرادات شركة الطيران أضعف من المتوقع، حيث أدت المنافسة في السوق المحلية إلى انخفاض أسعار التذاكر.
وفي الوقت نفسه، كان الانخفاض المستمر في أسعار السلع خلال معظم العام الماضي، يوفر بعض الراحة للمستهلكين إلى حد كبير. وانخفض ما يسمى بمؤشر أسعار السلع الأساسية، الذي يستثني السلع الغذائية والطاقة، في يونيو للشهر الرابع.
كما نزلت أسعار السيارات الجديدة للشهر السادس، وانخفضت أيضاً العديد من فئات الملابس، بالإضافة إلى انخفاض تكلفة المفروشات المنزلية كل شهر تقريباً خلال العام الماضي.
وهناك أيضاً أدلة على أن المستهلكين أصبحوا أكثر حساسية تجاه الأسعار المرتفعة. في وقت سابق من يوم الخميس، أعلنت شركة "بيبسي كو" (PepsiCo Inc) عن نمو إيرادات أضعف من المتوقع، حيث أثر المتسوقون الذين يركزون على الأسعار، على حجم البضائع المباعة. وكانت فئة الوجبات الخفيفة المالحة ضعيفة بشكل خاص.
وأظهر تقرير منفصل يوم الخميس، يجمع بين بيانات التضخم وأرقام الأجور التي نشرت الأسبوع الماضي، أن نمو الأرباح الحقيقية كان إيجابياً خلال العام الماضي.