دفعت أزمة نقص الغاز في مصر أسعار الأسمدة في السوق الحرة إلى الارتفاع بنحو 54% خلال شهر يونيو الجاري، لتصل إلى 20 ألف جنيه للطن مقابل 13 ألفاً في مايو، بحسب 7 أشخاص بينهم مسؤول حكومي ورؤساء شركات تحدثوا لـ"الشرق".
أربعة رؤساء شركات متخصصة بإنتاج الأسمدة أكدوا لـ"الشرق" أن انخفاض الكميات المنتجة من الغاز محلياً أثر بشكل كبير على تشغيل المصانع، وبالتالي عدم الوفاء باحتياجات السوق في الوقت الذي زاد فيه الطلب على السماد من أجل المحاصيل الصيفية، ما أدى إلى رفع أسعار السماد في السوق الحرة.
بدأت أزمة الغاز الموجه لمصانع الأسمدة مطلع شهر يونيو الجاري، إذ تشهد هذه المصانع توقفاً كلياً أو جزئياً في الإمدادات.
توقف بعض المصانع
أعلنت شركتا "أبو قير للأسمدة" و"سيدي كرير للبتروكيماويات"، أمس الثلاثاء، عن توقف مصانعهما عن الإنتاج نتيجة انقطاع إمدادات الغاز الطبيعي، فيما أعلنت "موبكو" اليوم عن انقطاع الغاز الطبيعي عن مصانعها، وهو ما أثر سلباً على أسهم القطاع في البورصة المصربة.
يأتي قطع الغاز الطبيعي عن مصانع الأسمدة الأكثر استهلاكاً له والمنتجة لمادة "اليوريا" بشكلٍ خاص، وسط تركيز وزارة البترول على زيادة الكميات المورّدة إلى محطات الكهرباء لتلبية احتياجات المواطنين.
عزا المسؤول الحكومي، الذي اشترط عدم الإفصاح عن هويته نظراً لحساسية الأمر، ارتفاع أسعار السماد الحر إلى اضطرار مصر لاستيراد الغاز المسال المستخدم لشغيل مصانع الأسمدة، في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه الذي انعكس زيادةً بتكاليف مدخلات الإنتاج.
تسعى مصر لشراء ما لا يقل عن 17 شحنة من الغاز الطبيعي المسال، إذ تعاني الدولة الواقعة في شمال أفريقيا من نقص الطاقة وسط ارتفاع درجة الحرارة، حسبما أوردت "بلومبرغ" نقلاً عن تجار مطلعين على الأمر.
ثبات أسعار الأسمدة المدعومة
في المقابل، أكد المسؤول لـ"الشرق" ثبات أسعار الأسمدة المدعومة عند 5 آلاف جنيه للطن، إذ تحصل وزارة الزراعة المصرية على نسبة 55% من إنتاج كافة الشركات المنتجة لسماد اليوريا، لتوزيعها في حصص مدعومة للفلاحين بسعر 250 جنيهاً للشوال زنة 50 كيلو.
يتفق خالد أبو المكارم، رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية، مع رؤساء الشركات المنتجة بأن نقص الغاز الطبيعي كان السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الأسمدة، خاصةً اليوريا والأمونيا.
أبو المكارم أوضح لـ"الشرق" أن أي نقص في إمدادات الغاز أو زيادة أسعاره يؤدي مباشرةً إلى زيادة تكاليف الإنتاج وبالتالي ارتفاع أسعار الأسمدة الزراعية.
محاصيل الذرة مهددة
من جانبة، أرجع نقيب الفلاحين في مصر حسين عبد الرحمن أسباب ارتفاع أسعار السماد الحر إلى زيادة الصادرات من الأسمدة، بما أثر على حصة المنتج المحلي السوقية وأدى لارتفاع أسعاره، في محاولةٍ من المصانع لتعويض فارق زيادة تكاليف الإنتاج بعد استيراد البلاد للغاز.
عبدالرحمن أفاد "الشرق" عن تأثر إنتاجية المحاصيل الاستراتيجية المزروعة خلال فصل الصيف، وأبرزها الذرة الذي توقع أن تتأثر إنتاجيته بنحو 25% من حيث نقص المساحة المزروعة منه.
نقيب الفلاحين أشار أيضاً إلى أن ارتفاع سعر السماد في السوق الحرة إلى 20 ألف جنيه للطن، مقابل 5 آلاف جنيه للسعر المدعوم للمزارعين، سيفتح الباب أمام تهريب السماد المدعم للسوق الحرة وعدم وصوله للمزارعين، للاستفادة من فارق السعر البالغ 15 ألف جنيه في الطن.
كذلك لفت إلى أن عزوف بعض الفلاحين عن زراعة الذرة سيؤدي إلى اتجاههم لزراعة محاصيل مستهلكة للمياه مثل الأرز، وزيادة الزراعات المخالفة في ظل معاناة مصر للشح المائي.
أزمة الكهرباء
تعاني مصر، الدولة العربية الأكبر من حيث عدد السكان، منذ انتهاء عطلة عيد الفطر من نظام تخفيف الأحمال الكهربائية، إذ تقوم بقطع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى ثلاث ساعات يومياً بالتناوب بين المناطق المختلفة بسبب نقص الغاز، وهو الإجراء الذي يقابل بسخط شعبي كبير.
في محاولةٍ من الحكومة لحل الأزمة التي تفاقمت الأسبوع الجاري تحديداً، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن قرب انتهاء أزمة انقطاع التيار الكهربائي، مؤكداً وقف تطبيق خطة تخفيف الأحمال الكهربائية بدءاً من نهاية يوليو المقبل. كما أوضح مدبولي أنه تمت الموافقة على تخصيص 1.180 مليار دولار لتوفير المنتجات اللازمة.
مسؤول في شركة "أبوقير للأسمدة"، التي تحوز على 37% من حجم سوق الأسمدة المصرية، أوضح لـ"الشرق" أن حصص إنتاج الأسمدة بالشركة تُقسم بين تصدير نحو 45% من الإنتاج، وإرسال الحصة الباقية لوزارة الزراعة لتوزيعها كحصص مدعومة للمزارعين.