من المرجح أن يتغاضى البنك المركزي التركي عن ارتفاع معدل التضخم الذي سيصل إلى 75% هذا الشهر، وأن يمدد العمل بسياسة تثبيت الفائدة المعتمدة على توقعات اقتصادية أكثر إيجابيةً.
معدلات الفائدة الاسمية في تركيا هي الأعلى بين دول مجموعة العشرين، وبدأت آثارها تظهر أخيراً على الاقتصاد الذي يواجه حالياً واحداً من أسرع معدلات التضخم في العالم. وفي أمر نادر بالنسبة لتركيا، انخفضت توقعات التضخم على الرغم من استمرار ارتفاع الأسعار لفترة طويلة دون انقطاع.
مع ترجيح تباطؤ التضخم بدءاً من الشهر المقبل، يتفق خبراء الاقتصاد لأول مرة منذ فبراير على أن صانعي السياسات سيثبتون سعر الفائدة الأساسي عند 50% يوم الخميس. وتتوقع البنوك العالمية، من "يو بي إس" إلى "سيتي غروب"، أن تنخفض أسعار الفائدة قبل نهاية هذا العام.
اتجاه التضخم
استمرار البنك المركزي في تثبيت أسعار الفائدة لشهرين متتالين لا يعني بالضرورة تراجعه عن السياسة النقدية المتشددة. فقبل شهر فقط، تعهد المحافظ فاتح كارهان باتخاذ "كل ما يلزم" للسيطرة على الأسعار، ثم رفع لاحقاً هدف التضخم للبنك المركزي في نهاية العام إلى 38%.
احتمال رفع الفائدة لا يزال قائماً وفقاً لبنوك كـ"مورغان ستانلي" و"إتش إس بي سي". وفي حال لم تتحسن وتيرة التضخم بحلول شهر يونيو، اعتبرت خبيرة الاقتصاد لدى "إتش إس بي سي" ميلس ميتينر في تقرير أنه "قد يكون من الضروري مناقشة تشديد السياسة النقدية بشكل أكبر".
اقرأ أيضاً: تركيا تعتزم خفض الإنفاق العام بهدف كبح جماح التضخم
أضافت: "من المرجح أن تكون بيانات التضخم القادمة حاسمة. إذا استمر الاتجاه التحسني الذي لوحظ في أبريل، قد يشعر صانعو السياسات براحة أكبر تجاه إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، وهو ما نعتقد أنه خيارهم المفضل".
"بما أن سعر الفائدة الأساسي يظل ثابتاً، نتوقع أن يعتمد البنك المركزي بشكل أكبر على أدواته البديلة. وفي هذا الصدد، فإن مراجعة أدوات الاحتياطي الإلزامي، وحدود نمو الائتمان، واللوائح المصرفية، كلها مطروحة على الطاولة للمساعدة في الحفاظ على تشديد الأوضاع المالية". - سلڤى بهار بازيكى، خبيرة اقتصادية.
ماذا تقول "بلومبرغ إيكونوميكس"؟
ارتفاع الليرة
أصبح مسار السياسة التركية أكثر وضوحاً بعد أن تغلبت على موجة من اضطرابات السوق قبل الانتخابات المحلية في أواخر مارس، والتي أدت إلى تآكل الاحتياطيات الأجنبية وضغطت على العملة المحلية.
وارتفعت الليرة بشكل طفيف منذ ذلك الحين، مع قيام البنك المركزي بتحسين صافي احتياطياته بشكل حاد - باستثناء المقايضات مع المقرضين التجاريين - مع ارتفاع التدفقات الداخلة.
لكن في حين تباطأ نمو الائتمان بالليرة وتراجع استخدام الدولار في الودائع المصرفية، فإن الإقراض بالعملة الأجنبية يتوسع بوتيرة أسرع.
اقرأ أيضاً: تركيا تدرس تدابير مالية جديدة لخفض الإنفاق في مواجهة التضخم
رأى زومروت إمام أوغلو، الخبير الاقتصادي لدى "بنك أوف أميركا"، في مذكرة أن "استقرار العملات الأجنبية يسمح بمزيد من المخاطرة". تابع: "على الرغم من أن التدابير الاحترازية الكلية كانت فعالة للغاية في نمو قروض الليرة، إلا أن البنك المركزي قد يتخذ إجراءات جديدة للحد من نمو قروض العملات الأجنبية والإنفاق على بطاقات الائتمان، إذا ثبت أن الجمود التضخمي أقوى من المتوقع في الأشهر المقبلة".
إجراءات جديدة
إذا ظلت أسعار الفائدة ثابتة في المستقبل المنظور، فإن التركيز سيتحول بشكل متزايد نحو التصحيح المالي المخطط له وأدوات التشديد البديلة.
عندما يتعلق الأمر بالسياسة النقدية، أشارت هاندي كوجوك، الخبيرة الاقتصادية لدى "مورغان ستانلي"، إلى أن الإجراءات الإضافية ستركز على السيولة مع خطوات محتملة مثل زيادة نسبة متطلبات الاحتياطي الإلزامي "لضمان انعكاس التغيرات على أسعار الفائدة ما بين البنوك والظروف المالية الأوسع".
هناك تحديات أخرى كثيرة. يظل الإنفاق الاستهلاكي والتضخم غير المرن بأسعار الخدمات قوياً للغاية بحيث لا يروق للمسؤولين. وقال كاراهان إن البنك المركزي يعتقد أن تشديد السياسة النقدية – التي تعمل بتأخير – سيساعد على تهدئة الطلب المحلي في النصف الثاني من العام.
أضاف كوجوك: "لم نشهد بعد تباطؤاً ملحوظاً في الطلب المحلي والتضخم، بالتالي، نتوقع أن تبقي لجنة السياسة النقدية الباب مفتوحاً أمام مزيد من الرفع لمواجهة المخاطر التي قد تهدد مسارها المتوقع لخفض التضخم".