ساهم ميثاق الاستثمار الجديد في المغرب بجذب مشاريع استثمارية بقيمة 150 مليار درهم (15 مليار دولار) بعد مرور سنة على اعتماده، بما يدعم تحقيق هدفه الرئيسي المتمثل برفع حصة الاستثمار الخاص في المملكة من الثلث حالياً إلى الثلثين بحلول 2035.
دخل الميثاق الجديد حيز التنفيذ في مارس من العام الماضي، وينص على تقديم منح مالية قد تصل إلى 30% من المبلغ الإجمالي للاستثمار في حال توفرت فيه شروط معينة، من بينها خلق فرص أكبر للعمل وخاصة للنساء، والاستثمار في قطاعات ذات قيمة مضافة، وخارج المدن الكبيرة. في حين كانت في السابق أنظمة دعم متفرقة لا يتجاوز الحد الأقصى للدعم المالي المنصوص عليه في بعضها 10%.
غالي الصقلي، المدير العام للاستثمار ومناخ الأعمال بوزارة الاستثمار، رأى بمقابلة مع "الشرق" أن "نتائج ميثاق الاستثمار أصبحت ظاهرة على أرض الواقع بحكم أننا تجاوزنا الأرقام المتوقعة"، مشيراً إلى أن غالبية الاستثمارات كانت من مستثمرين محليين.
حصيلة السنة الأولى
خلال السنة الأولى من الميثاق، صادقت اللجنة الوطنية للاستثمار من أول مارس 2023 حتى أول مارس 2024 على مشاريع استثمارية بقيمة 150 مليار درهم، من المرتقب أن توفر 70 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ويتوقع أن يبدأ تشغيل أغلب المشاريع بغضون ثلاث سنوات في المتوسط.
استفادت المشاريع الاستثمارية المصادق عليها من منح إجمالية تناهز ملياري درهم. ونوّه الصقلي بأن "الرقم يعكس مجهوداً كبيراً من الدولة في ظروف اقتصادية صعبة، والرسالة الأساسية من ذلك أن الدولة تقف إلى جانب المستثمرين".
كانت الصناعة أكبر القطاعات التي استقطبت استثمارات في إطار الميثاق الجديد. وضمن هذا القطاع، كانت الصناعة الكيميائية، بفضل البرنامج الاستثماري لمجموعة "المكتب الشريف للفوسفاط" (OCP)، وصناعة السيارات وخصوصاً الكهربائية، الصناعات الأكثر تمثيلاً. كما شملت الاستثمارات أيضاً قطاعات أخرى مثل الطاقة، وتحلية مياه البحر، والسياحة، والتعليم، والصحة، والثقافة.
يُعوّل المغرب بشكلٍ أساسي على حشد الاستثمارات من المستثمرين المحليين، وهو ما تحقق بالفعل إذ أن أكثر من 70% من المشاريع التي تمّت المصادقة عليها خلال العام الأول جاءت من مستثمرين مغاربة، كما أفاد المدير العام للاستثمار ومناخ الأعمال.
المسؤول المغربي أكد أن "الاستثمار الخاص في البلاد تقوده شركات محلية"، وأضاف: "أولويتنا هي دعم الاستثمار مهما كان حجمه، ودورنا يستمر إلى ما بعد تنفيذ المشروع من خلال المواكبة المستمرة، ونأمل رؤية ثمرة هذه الاستثمارات انطلاقاً من العام الحالي لغاية 2026".
قبل اعتماد ميثاق الاستثمار الجديد، كان المعدل السنوي للاستثمار في حدود 30 مليار درهم، و11 ألف منصب عمل. ما يعني أن الاستثمار في العام الأول لميثاق الاستثمار الجديد تضاعف 5 مرات مقارنةً بمتوسط ما قبل 2022، فيما ارتفعت مناصب الشغل المُحدثة 7 مرات مقارنة مع نفس الفترة.
اهتمام آسيوي متزايد
تكشف الأرقام حول الاستثمارات الجديدة عن اهتمام آسيوي بالمغرب، إذ أن رُبع المشاريع التي تمت المصادقة عليها العام الماضي جاءت من اليابان والصين، وتركزت بشكل أساسي في الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية.
الاهتمام الآسيوي يفسره الصقلي بالمرحلة الانتقالية التي يشهدها اقتصاد الصين، مع ارتفاع الأجور وتكلفة الإنتاج؛ منوّهاً بأن "المغرب أصبح وجهة مفضلة للمستثمرين الأجانب لأنه من الدول الأكثر تنافسية في العالم، بل وأحسن من الصين في عدد من الصناعات، والدليل على ذلك أن الشركات الصينية نفسها باتت تستثمر في المملكة لأن الكلفة هنا أقل من بلدها".
عامل آخر يشير إليه المسؤول المغربي، ويربطه بمرحلة ما بعد كوفيد والحرب في أوكرانيا، حيث سعت الأسواق الرئيسية مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية لتقريب سلاسل إمدادها؛ "وهو ما يوفره المغرب مقارنةً بوجهات استثمارية أُخرى.