تساهم أربعة عوامل في دعم أداء الشركات لدى منطقة الخليج خلال 2024، تشمل الإنفاق الحكومي لا سيما في مجالات البنية التحتية والطاقة، وأسعار النفط المتوقع بلوغها 80 دولاراً للبرميل، واحتمال خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، واحتواء المخاطر الجيوسياسية، وفق وكالة "فيتش".
ورغم الاضطرابات في المنطقة، قالت الوكالة في تقرير حديث إن توقعاتها لقطاع الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي محايدة خلال عام 2024، مدعومة بإنفاق القطاع العام، متوقعة أن يتحسن أداء ميزانياتها بناء على تقديراتها لأسعار النفط.
رفعت وكالة التصنيف الائتماني توقعاتها لسعر خام برنت إلى 80 دولاراً للبرميل في 2024 من 75 دولاراً في توقعاتها السابقة. وقالت إن أكبر اقتصادين في دول مجلس التعاون الخليجي، وهما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يقودان الاستثمارات بدول المنطقة في عام 2024.
وتوقعت أن يتراجع زخم نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في دول الخليج إلى 3.7% في عام 2024، مقابل 4.2% المقدرة في عام 2023. يماثل ذلك معدل النمو المتوقع من قبل البنك الدولي البالغ 3.6% في 2024.
أشارت "فيتش" إلى أن هياكل رأس مال الشركات المقترضة لدى دول مجلس التعاون الخليجي التي تصنفها، تكيفت في الغالب مع أسعار الفائدة المرتفعة، مما أدى إلى زيادة إصدارات الدخل الثابت بمقدار 3.5 أضعاف في عام 2023 مقارنة بعام 2022. في 2024، توقعت "فيتش" ارتفاع نشاط أسواق ديون الشركات الخليجية في 2024، اعتماداً على ظروف اقتصادية ومالية معينة، مثل التقلبات وقدرة الوصول الى الأسواق المالية.
صندوق النقد يحث دول الخليج على الاستمرار بتعزيز القطاع غير النفطي
ويبلغ إجمالي السندات والصكوك المستحقة للفترة 2024-2026، 30 مليار دولار لدى الشركات الإماراتية والسعودية. وتعتبر مخاطر إعادة التمويل متواضعة بالنسبة للشركات التي تصنفها "فيتش" في دول الخليج، وتتمتع غالبية المؤسسات المصدرة لأدوات بنظرة مستقبلية "مستقرة". في عام 2023، عدلت الوكالة نظرتها المستقبلية للعديد من الشركات إلى "مستقرة" أو "إيجابية"، وذلك على أساس تحسن أوضاعها المالية أو رفع التصنيفات السيادية لدولها.
النفط لم يعد المحرك الأساسي
وعلى صعيد البنوك الخليجية، قالت "بلومبرغ إنتلجنس" إن النفط لم يعد العامل المحرك للأداء القوي لقطاع المصارف بمنطقة الخليج بعد الجائحة، إذ أصبحت معتمدة على خطط الاستثمار المحلي القوية في المنطقة، فضلاً عن حدوث تغييرات في أوضاع الاقتصاد الكلي عالمياً.
ومع ذلك فإن سعر النفط الذي لا يقل عن 80 دولاراً للبرميل ينبغي أن يكون قادراً على دعم فورة الإنفاق على البناء في المنطقة، والتي سوف يصل مجموعها إلى 1.7 تريليون دولار في السنوات الخمس المقبلة، في حين تظل التوترات الجيوسياسية هي الخطر الأكبر، حسب تقرير "بلومبرغ إنتلجنس".
رغم أن المخاطر الجيوسياسية ـ كما يتجلى في تداول فروق أسعار مقايضات العجز الائتماني أدنى من المتوسطات التاريخية في أغلب دول الخليج ـ تظل محصورة في المنطقة، فإن احتمالات تصاعد التوترات بين إيران وباكستان وانتشار الحرب بين حماس وإسرائيل إلى ما هو أبعد من غزة تظل مخاطر قائمة، وفقاً للتقرير.
وفي يوم الجمعة الماضي، أعلنت إيران وباكستان، في بيانين منفصلين، تهدئة الأوضاع بينهما عقب تبادلهما الضربات العسكرية خلال نفس الأسبوع.
مكاسب مستمرة لمستثمري الاكتتابات الخليجية بفضل صعود الأسهم
على الرغم من أن دول الخليج تتبع استراتيجيات أقل اعتماداً على النفط، إلا أنها ستظل معتمدة على الخام خلال المدى المتوسط.
يشكل الاعتماد على النفط إلى جانب ربط دول المنطقة عملاتها بالدولار، بمثابة تحوط من التضخم، مع بقاء توقعاته منخفضة نسبياً عند 3-2% للفترة 2023-2024 في جميع الدول.
تقترب أسعار أسهم البنوك الخليجية من مستويات 6 أكتوبر، قبل بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، بعد أن تعافت أرباحها في الربع الثالث ومع احتواء المخاطر الجيوسياسية على ما يبدو في الوقت الحالي.
يشكل تحول مجلس الاحتياطي الفيدرالي نحو خفض أسعار الفائدة- والذي تتوقع "بلومبرغ إيكونوميكس" خفضها بمقدار 125 نقطة أساس في عام 2024، بدءاً من مارس- بمثابة نعمة أخرى للبنوك في منطقة الخليج، حيث سيكون من الصعب تمرير المزيد من تكلفة الاقتراض إلى العملاء.
تتوقع "بلومبرغ إنتلجنس" إبقاء "الفيدرالي" على أسعار الفائدة ثابتة حتى مارس 2024 لحين توافر بيانات كافية لإقناع المسؤولين بالتحرك من أجل خفضها.
سيناريوهات التوترات الجيوسياسية
تقلل أسواق النفط من خطر تصاعد الحرب بين إسرائيل وحماس إلى صراع إقليمي أوسع، وتصل علاوة المخاطر في الشرق الأوسط بالنسبة لأسعار النفط الخام إلى صفر، حسب "بلومبرغ إنتلجنس"، مشيرة إلى أن أسعار الخام لا تتضمن فيما يبدو خطر انقطاع الإمدادات بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس.
توقعات بأن يعزز تراجع التضخم الأساسي في أميركا تفاؤل "الفيدرالي"
وأدت المخاوف بشأن التدفقات إلى ارتفاع سعر النفط الخام بمقدار 9 دولارات في الأسبوعين اللذين أعقبا نشوب الحرب بين إسرائيل وحماس، في حين تراجعت 11 دولاراً بين 7 أكتوبر و3 يناير.
رسمت "بلومبرغ إنتلجنس" ثلاثة سيناريوهات للحرب في الشرق الأوسط، في الحالة الأولى، تظل الأعمال العدائية محصورة إلى حد كبير في غزة وإسرائيل، وسيكون تأثيرها على الاقتصاد العالمي ضئيلاً للغاية. وفي الحالة الثانية، يمتد الصراع إلى البلدان المجاورة، ومن المرجح أن يفقد العالم على إثره 300 مليار دولار. أما السيناريو الثالث فيشهد تبادلاً عسكرياً مباشراً بين إسرائيل وإيران، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى دفع العالم إلى الركود.