كثفت مصر استدانتها محلياً خلال النصف الأول من العام المالي المنتهي في ديسمبر الماضي، للحد الذي تجاوزت فيه إصدارات أذون وسندات الخزانة إجمالي ما تستهدفه البلاد خلال عام بـ26%، في الوقت الذي تنتظر فيه البلاد انفراجاً في المحادثات مع صندوق النقد الدولي.
قفزت إصدارات مصر من أدوات الدين الحكومية بالعملة المحلية بنحو 59% في النصف الأول من السنة المالية 2023-2024 لتسجل ما يصل إلى 2.7 تريليون جنيه، وفق حسابات "الشرق" استناداً إلى بيانات البنك المركزي المصري.
الأموال التي جمعتها الحكومة منذ يوليو إلى ديسمبر الماضيين زادت بنحو 26% عن إجمالي أدوات الدين المحلية التي تُقدر الحكومة المصرية إصدارها خلال العام المالي الجاري، بحسب البيان المالي للموازنة التقديرية لمصر.
كانت مصر تقدر الاحتياجات التمويلية خلال العام المالي الجاري بـ2.14 تريليون جنيه، تسعى لتوفير 1.955 تريليون منها عبر التمويل المحلي من خلال إصدار سندات وأذون خزانة.
يأتي هذا في الوقت الذي تُجري أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان محادثات مع صندوق النقد الدولي لمضاعفة برنامج الإنقاذ الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار على الأقل، والذي لم يتم إقراض البلاد سوى القليل منه حتى الآن. وفي حال إقراره سيفتح الباب أمام تمويلات خارجية أخرى لمصر بالعملة الأجنبية.
اقرأ أيضاً: غورغييفا لـ"الشرق": دعم صندوق النقد لمصر بات قريباً جداً
عزا هشام حمدي المحلل المالي، في "نعيم المالية" ارتفاع إصدارات الدين الحكومي في مصر إلى "ارتفاع خدمة الدين، والتضخم واحتياج الإنفاق الحكومي الكبير على المشروعات أو غير ذلك من مستلزمات الاستيراد".
تبلغ أسعار الفائدة حالياً بمصر 19.25% للإيداع و20.25% للإقراض، بينما يبلغ سعر الفائدة الحقيقي في مصر، أي معدل الفائدة الاسمي مطروحاً منه معدل التضخم، سالب 14.45% وفق أحدث بيانات.
تعيش مصر وسط أزمة اقتصادية صعبة، تفاقمها التوترات الجيوسياسية في دول محيطة، إلى جانب شح شديد في السيولة الدولارية لديها، بسبب تراجع تحويلات العاملين في الخارج، وإيرادات السياحة، وقناة السويس، والصادرات، يبلغ سعر الصرف الرسمي 30.9 جنيه للدولار في البنوك، بينما تجاوز السعر في السوق السوداء مستوى 56 جنيهاً.
آمال مصر بحزمة أكبر من صندوق النقد تقلص رهانات خفض الجنيه بشكل حاد
أدوات الدين قصيرة الأجل
مثلت أذون الخزانة أكثر من 99% من إصدارات الدين بالنصف الأول من العام الجاري بالغة 2.664 تريليون جنيه، بينما شكلت السندات الجزء المتبقي البالغ 6.4 مليار جنيه.
تقول وزارة المالية إنها تعتمد حالياً على أدوات الدين قصيرة الأجل بشكل أكبر من الأدوات طويلة الأجل من السوق المحلي لتفادي تحمل أسعار الفائدة العالية لفترات طويلة.
بلغ متوسط عوائد أذون الخزانة الحكومية لأجل 3 أشهر في يناير الجاري نحو 25.8%، و25.96% لأذون ذات أجل 6 أشهر، بينما بلغ العائد على سندات الخزانة لأجل 3 سنوات نحو 23.98%.
عمرو الألفي، المحلل المالي ورئيس استراتيجيات الأسهم في ثاندر لتداول الأوراق المالية أرجع أسباب ارتفاع إصدارات الدين إلى "تفاقم عجز الموازنة عن المتوقع وانخفاض نسب النمو الاقتصادي عن المتوقع بجانب ارتفاع أسعار الفائدة بمصر".
تخطط وزارة المالية المصرية لطرح أذون خزانة بنحو 2.3 تريليون جنيه خلال أول 11 شهراً من العام الميلادي الجاري، حتي نوفمبر 2024 في إطار سعيها لسد الفجوة المالية بالبلاد.
الحكومة لا تعتمد على أدوات الدين فقط لتوفير احتياجاتها التمويلية في سد عجز الموازنة. وفق بيانات البنك المركزي، حصلت الحكومة على تسهيلات مالية بنحو 1.926 تريليون جنيه نهاية ديسمبر الماضي بزيادة 64% على أساس سنوي و7% على أساس شهري.