خففت قفزة في الإيرادات غير النفطية السعودية من اتساع عجز ميزانية المملكة في الربع الثالث من العام الجاري، على أساس سنوي، والناتج عن انخفاض إيرادات النفط وزيادة الإنفاق الرأسمالي.
بحسب أرقام صادرة عن وزارة المالية السعودية مساء اليوم الأربعاء، سجلت الميزانية عجزاً للفصل الرابع على التوالي، بواقع 35.8 مليار ريال.
وارتفعت الإيرادات غير النفطية بنسبة 53% لتصل إلى 111.5 مليار ريال، في حين انخفضت الإيرادات النفطية بنسبة 36% لتبلغ 147 مليار ريال.
كان عجز ميزانية السعودية تفاقم بنسبة 82% خلال الربع الثاني من العام الجاري، على أساس فصلي، ليصل إلى 5.3 مليار ريال، مقابل 2.9 مليار ريال في الربع الأول من العام.
توقع صندوق النقد الدولي، في أكتوبر، أن تسجل الميزانية السعودية عجزاً هذا العام بنسبة 0.3% إلى الناتج المحلي، لكنه قدّر أن يواصل القطاع غير النفطي أداءه الجيد لينمو بمعدل 4.9% بنهاية العام.
وفقاً للبيانات الصادرة اليوم، وصل إجمالي عجز الميزانية السعودية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي إلى 44 مليار ريال، نتيجة هبوط إجمالي الإيرادات بنسبة 10% مقابل ارتفاع المصروفات 12%. وسيتم تغطية هذا العجز عبر الاستدانة من الخارج، بحسب وزارة المالية السعودية.
جاء العجز على خلفية تراجع الإيرادات النفطية نتيجة الخفض الطوعي لإنتاج الخام الذي أقرته المملكة في مايو، بواقع مليون برميل يومياً، والممتد حتى نهاية العام، وذلك بموازاة خفض دول تحالف "أوبك+" للإنتاج حتى نهاية العام المقبل.
مؤسسة "موديز إنفستورز سيرفيس" رأت في تقرير صادر مطلع أكتوبر، أن ميزانية المملكة مرجّحة لتسجيل متوسط عجز يبلغ نحو 2% من إجمالي الناتج المحلي لعامي 2023-2024.
في حين قدّرت وزارة المالية السعودية ارتفاع الإنفاق هذا العام إلى 1.26 تريليون ريال، مقارنةً بالتقديرات السابقة البالغة 1.1 تريليون ريال، لتسجل الميزانية عجزاً بقيمة 82 مليار ريال (نحو 21.8 مليار دولار)، علماً أن موازنة العام الحالي كانت تتوقع تسجيل فائض بقيمة 4.25 مليار دولار.
يٌذكر أن المملكة سجلت العام الماضي فائضاً بلغ 27 مليار دولار، وهو الفائض الأول في ميزانيتها منذ 9 سنوات.
واستحوذت رواتب وأجور العاملين على 130 مليار ريال من المصروفات، كما أنفقت الحكومة 71.7 مليار ريال على السلع والخدمات، في حين بلغ الإنفاق الرأسمالي 41.2 مليار ريال.
يرى بندر الجعيد، أستاذ الإعلام الاقتصادي في جامعة الملك عبد العزيز، في مقابلة مع "الشرق"، أن نمو الإيرادات غير النفطية جاء متماشياً مع توقعات المؤسسات الدولية، مُرجعاً النمو الذي شهدته القطاعات غير النفطية إلى المشاريع التي تمّ إطلاقها ضمن رؤية السعودية 2030، خاصة تلك المتعلقة بجودة الحياة، وذلك في ضوء تركيز الحكومة على تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط عبر تعزيز القطاعات الجديدة كالسياحة والترفيه والرياضة.
بخصوص توقعات الربع الرابع، قال فهد بن جمعة، عضو لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى السعودي سابقاً، لـ"الشرق" إنه "حتماً سيكون هناك عجز في الربع الأخير من العام، لكن مقدار هذا العجز سيحدده أمران: أسعار النفط وإن كانت سترتفع لمستوى يغطي خفض الإنتاج إل حدٍّ ما، إضافةً إلى حجم الإنفاق الحكومي".