مقترح بالتوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء في 2023 ثم تعديل سعر الصرف بعد الانتخابات تمهيداً لإتمام المراجعة

بعد تحديد موعد الانتخابات.. ما مصير مراجعات "النقد الدولي" والتعويم في مصر؟

الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في بروكسل - المصدر: بلومبرغ
الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في بروكسل - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أزالت مصر أحد المخاوف الرئيسية التي عطلت مراجعة برنامج تمويل قيمته 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، حتى في وقت تجعل الانتخابات الرئاسية الوشيكة من الصعب تلبية المطلب الحاسم المتمثل في عملة أضعف.

يعتقد صندوق النقد الدولي أن الحكومة باتت أكثر جدية بشأن تنفيذ عمليات بيع طموحة من أصول الدولة بعد عدد من الصفقات البارزة، حسبما قال أشخاص تحدثوا شريطة عدم نشر أسمائهم لأن المداولات لم يُعلن عنها.

محادثات مكثفة

في ظل تكثيف المحادثات مع "النقد الدولي"، يركز الصندوق الآن على كيفية إدارة مصر لعملتها، فضلاً عن محاولة الحصول على مزيد من الوضوح بشأن الإنفاق العام الذي يشمل المشاريع الكبرى، وفقاً لأشخاص مطلعين على المناقشات. ومع تحديد موعد التصويت في الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر، فمن غير المرجح أن تضيف الحكومة المصرية المزيد من الضغوط على المستهلكين -الذين يعانون من ضائقة مالية بالفعل- عبر خفض قيمة الجنيه في الفترة التي تسبق الانتخابات، مما يضع توقيت أي اتفاق نهائي محل شك.

التقدم التدريجي يعني تضييق نافذة الفرص لتحقيق انفراجة هذا العام في المراجعة المتأخرة بالفعل، كما أن الاتفاق ذا الأهمية البالغة لاستعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد البالغة قيمته 470 مليار دولار -والذي لا يزال عالقاً في أزمة العملة الأجنبية المُنهِكة بعد عام تقريباً من توصّل صندوق النقد الدولي ومصر إلى اتفاقهما- أصبح على المحك.

مصر هي ثاني أكبر مُقترِض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين، ويعتبر الاتفاق مع الدولة الواقعة في شمال أفريقيا أيضاً اختباراً لقدرة المُقرض على التفاوض، والخوض في البرامج الحساسة بالأسواق الناشئة الكبرى.

يُنظر لوتيرة برنامج صندوق النقد الدولي على أنها بمثابة مؤشر على قدرة مصر على الخروج من أسوأ أزماتها منذ سنوات. ومن شأن نجاح المراجعة إطلاق نحو 700 مليون دولار من شرائح القروض المؤجلة، وتسمح بالوصول إلى صندوق المرونة والاستدامة (التابع لصندوق النقد الدولي) البالغة قيمته 1.3 مليار دولار، وربما تحفز استثمارات خليجية كبيرة.

ماذا عن الجنيه المصري؟

قال الأشخاص إن الحكومة وصندوق النقد الدولي يناقشان الخيارات المتاحة، ويحرص الجانبان على مواصلة الحوار لإرسال إشارة إيجابية إلى السوق. وبينما قال المسؤولون المصريون لـ"بلومبرغ" إنهم واثقون من إمكانية إحراز تقدم في المراجعة هذا العام، إلا أنهم لم يحددوا ما إذا كان سيتم السماح للجنيه بالانخفاض أو توقيت للخفض.

خفضت مصر بالفعل قيمة الجنيه ثلاث مرات، ليفقد نصف قيمته منذ أوائل 2022، مما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى مستوى قياسي بلغ 37.4%. لكن على الرغم من الالتزام بالانتقال إلى "نظام سعر صرف مرن مستدام"، فقد تم تداوله عند مستوى مستقر في البنوك المحلية عند حوالي 30.9 أمام الدولار خلال الأشهر الستة الماضية.

تتطلع الحكومة إلى بناء احتياطيات أجنبية كبيرة قبل تخفيض قيمة العملة، مما سيسمح لها بالإفراج عن طلبات العملة المتراكمة والقضاء على السوق السوداء، حيث يتوفر الجنيه بحوالي 40 جنيهاً للدولار.

رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس"

"في ظل التضخم المرتفع بالفعل إلى مستوى قياسي، فمن غير المرجح أن تخفض مصر قيمة العملة قبل الانتخابات الرئاسية في ديسمبر. لكن البلاد لا تملك الوسائل اللازمة للحفاظ على الوضع الراهن لفترة أطول. وبعد الانتخابات، سيكون أمام الحكومة إما أن تسمح للجنيه بالضعف، أو فرض قيود صارمة على الاستيراد.

  • زياد داود، كبير الاقتصاديين المختصين بالأسواق الناشئة

الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي من المتوقع على نطاق واسع أن يدخل ولايته الثالثة ويمدد فترة حكمه حتى عام 2030، رفض في يونيو إجراء خفض وشيك إضافي لقيمة العملة، محذراً من أن ارتفاع الأسعار سيؤثر على سكان مصر البالغ عددهم 105 ملايين نسمة.

من جهته، أوضح صندوق النقد الدولي -رداً على الأسئلة- إنه يتعاون بشكل وثيق مع مصر "بما في ذلك تقديم المساعدات الفنية، والمشورة بشأن السياسات" وسيعلن عن التحديثات المتعلقة بالبرنامج الذي تستمر مدته 46 شهراً "في الوقت المناسب".

اتفاق على مستوى الخبراء

من بين الاقتراحات التي طُرحت خلال المحادثات الأخيرة، أن تتوصل مصر وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة -وهي الخطوة الأولى في العملية- مما يشير إلى حدوث تقدّم، وفقاً لما قاله الأشخاص، على أن يتم إصلاح العملة بعد التصويت، مما يمهد الطريق لموافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة ومن ثم صرف شرائح القرض.

لكن هذه المرة، يسعى صندوق النقد الدولي إلى شيء أقرب بكثير إلى المرونة الحقيقية -التي تعكس العرض والطلب- بما يتماشى مع نص الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أكتوبر الماضي، بدلاً من تخفيض مُدار آخر لقيمة الجنيه، وفق الأشخاص.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

تقدم في بيع حصص بشركات حكومية

من جانب آخر، بات التقدم أكثر وضوحاً في الآونة الأخيرة فيما يخص بيع الأسهم المملوكة للدولة في الشركات المحلية.

أعلنت الحكومة في يوليو أنها ستبيع أصولاً بقيمة 1.9 مليار دولار لشركات محلية والصندوق السيادي الواقع في أبوظبي "القابضة" (ADQ)، رغم أنها لم تحصل بعد على جميع الأموال. وفي وقت سابق من سبتمبر، باعت الدولة 30% من أكبر شركة تبغ في مصر إلى مستثمر إماراتي مقابل 625 مليون دولار.

هذه الصفقات– وغيرها ضمن قائمة تضم (أكثر من 30 أصلاً) تتطلع الدولة إلى بيعه– ستعزز السيولة الدولارية، لكنها لن تكون كافية لتلبية الطلب على العملة بالكامل. كشف الأشخاص أن الحكومة تدرس خيارات متعددة لجمع الأموال الأجنبية، بما في ذلك مجموعة من الأوراق المالية الجديدة التي لم تُحدَّد بعد، والتي قد تكون جاذبة للمستثمرين.

المراجعات الثلاث الأولى لبرنامج صندوق النقد الدولي

ونظراً لعدم وجود بيانات رسمية حول حالة المراجعة المتأخرة منذ مارس، أو تلك المقرر إجراؤها في سبتمبر، ينتظر مراقبو السوق بفارغ الصبر أي إشارات على التقدم.

ومع ضعف احتمالية خفض العملة قبل الانتخابات، فمن المحتمل أن التأخير "قد يدفع صندوق النقد الدولي إلى جمع المراجعات الأولى والثانية والثالثة في الربع الأول من 2024"، وفق جان ميشيل صليبا، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى "بنك أوف أميركا".

ومع ذلك، هناك احتمال أن تزور بعثة من صندوق النقد الدولي القاهرة في منتصف أكتوبر كجزء من مشاورات المادة الرابعة و"لطمأنة الأسواق بشأن استمرار الحوار مع الحكومة".

من جهة أخرى، ينتظر أن تجري وكالة "موديز إنفستورز سرفيس" (Moody’s Investors Service) مراجعتها في نوفمبر لتصنيف ديون البلاد، والذي يقع بالفعل عند "B3"، أي ست درجات أقل من الدرجة الاستثمارية.

قال صليبا إن الحكومة ستبذل جهوداً جادة لتجنب خفض التصنيف إلى ما يعادل منطقة "CCC" - وهي درجة "قد تؤدي إلى البيع القسري في أسواق السندات المقوّمة بالعملة الصعبة".

تصنيفات

قصص قد تهمك