قفزت إيرادات السياحة في مصر، خلال النصف الأول من السنة المالية الحالية، بنحو 25% إلى 7.3 مليار دولار، في حين تراجعت تحويلات المغتربين 23% إلى 12 مليار دولار للفترة عينها، وسط حالة عدم اليقين التي تسود قيمة الجنيه.
هبط سعر صرف العملة المصرية خلال الفترة من 1 يوليو إلى 31 ديسمبر 2022، بنسبة 31%، من 18.8 إلى 24.7 جنيه مقابل الدولار. في حين يبلغ السعر الرسمي حالياً 30.8. بينما يُتداول في السوق الموازية بحدود 35.5 جنيه مقابل العملة الأميركية.
يلعب انخفاض سعر صرف العملة المحلية دوراً في خفض تكلفة المنتج السياحي للوافد الأجنبي، من فنادق ومطاعم ومواقع أثرية ومواصلات، بما يعزز جاذبية البلد كوجهة رخيصة نسبياً. وبحسب الأرقام الصادرة عن البنك المركزي، اليوم الأربعاء، ارتفعت إيرادات السياحة للنصف الأول من العام المالي 2022-2023 إلى 7.3 مليار دولار، مقارنةً بـ5.8 مليار للفترة نفسها من العام المالي الماضي، مدفوعةً بارتفاع كل من عدد السياح والليالي الفندقية بنحو 27%، إلى أكثر من 6.8 مليون سائح و78 مليون ليلة فندقية.
مسؤول لـ"الشرق": نوفمبر الموعد النهائي لافتتاح المتحف المصري الكبير بكلفة مليار دولار
إشغال فنادق مصر ينمو 25% بالربع الأول رغم غياب الروس والأوكران
خلال مقابلة مع "اقتصاد الشرق"، البارحة الثلاثاء، توقّع الملياردير المصري سميح ساويرس، مؤسس شركة "أوراسكوم للتنمية مصر"، أن يكون عام 2023 الأفضل سياحياً في مصر منذ 2011، منوّهاً بأن خفض قيمة الجنيه إيجابي لصناعة السياحة المصرية.
بحسب مسؤول سياحي لـ"اقتصاد الشرق" مؤخراً، فإن "انخفاض سعر الجنيه وتنوّع أسواق الوافدين، شكّلا الدافع الأساسي لزيادة معدل إشغال الفنادق في مصر بنحو 25% خلال الربع الأول من 2023".
إحجام المغتربين عن تحويل الدولارات
في المقابل، أدّى التأرجح الذي يشهده الجنيه، والعقود الآجلة لمدّة 12 شهراً، وتوقعات كبرى البنوك العالمية بخفضٍ إضافي يصل بسعر الصرف لـ44.5 جنيه لكل دولار، إلى تحجيم تحويلات المغتربين التي هوت إلى 12 مليار دولار، من 15.6 مليار دولار خلال النصف الأول من السنة المالية الماضية، بفعل إحجام المغتربين عن تحويل الأموال عبر القنوات المصرفية بغرض الادخار أو الاستثمار الشخصي في الأوراق المالية، في حين يشهد الذهب، الملاذ التاريخي الآمن، تذبذباً غير مسبوق في السوق المصرية، قفز بأسعاره في الجنيه بنحو 167% خلال عام.
مصر تواجه معضلة صعبة لتحديد مسار الجنيه
في تقريرٍ صادر الأسبوع الماضي، اعتبر بنك "غولدمان ساكس" أن استمرار الأوضاع الحالية التي يعيشها الجنيه المصري دون تغيير؛ "يؤدي لتحوُّل تدفقات العملات الأجنبية بعيداً عن السوق الرسمية، ويشمل ذلك تحويلات المصريين المغتربين في الخارج، كما أنه يشجع الممارسات السيئة مثل الإفراط في فوترة الواردات والصادرات بخلاف قيمتها الحقيقية".
حرّرت مصر سعر عملتها المحلية 3 مرات منذ مارس 2022 حتى يناير الماضي، ما دفع الجنيه المصري للانخفاض مقابل الدولار بنحو 25% منذ بداية 2023 وحتى الآن، وبأكثر من 95% منذ مارس من العام الماضي، بداية الأزمة الروسية الأوكرانية.
اتخذت الحكومة المصرية في الآونة الأخيرة خطواتٍ عدّة لجذب دولارات المغتربين المصريين إلى النظام المصرفي في البلاد، كإطلاق مبادرة "تيسير استيراد سيارات المصريين بالخارج" في أكتوبر، والتي تعفيهم من الرسوم والجمارك مقابل سداد مبلغ نقدي بالعملة الأجنبية، يُحوّل من المغترب لصالح وزارة المالية. على أن يسترد صاحب السيارة المبلغ بعد 5 سنوات من تاريخ السداد بالعملة المحلية بسعر الصرف المُعلن وقت الاسترداد. وكان سبقها طرح بنكي "مصر" و"الأهلي المصري"، أكبر مصرفين حكوميين، شهادات استثمار دولارية جديدة بفائدة مرتفعة تصل حتى 5.15% في محاولةٍ لجذب أموال المغتربين المصريين بشكل أساسي.
قفزة الاستثمار الأجنبي المباشر
بيانات البنك المركزي المصري، الصادرة اليوم، حول ميزان المدفوعات للنصف الأول من السنة المالية الحالية، والتي تناولت أداء مصادر العملة الصعبة للبلاد، المتمثلة بالصادرات وقناة السويس والاستثمارات الأجنبية المباشرة بالإضافة إلى السياحة وتحويلات المغتربين، أشارت إلى ارتفاع إجمالي إيرادات هذه المصادر الخمسة إلى 50.9 مليار دولار، من 48.8 مليار دولار للفترة نفسها من السنة المالية 2021-2022.
مصر تُجاري دول الخليج بدخول نادي التجارة بعملات بديلة للدولار
وشهدت الاستثمارات الأجنبية، بشكلٍ خاص، قفزة بنسبة 70% إلى 5.7 مليار دولار. بينما شهدت الاستثمارات في محفظة الأوراق المالية صافي تدفق للخارج بنحو 3 مليارات دولار. في حين زادت إيرادات قناة السويس من 3.4 إلى 4 مليارات، ارتفعت الصادرات من 20.7 إلى 21.5 مليار دولار.