اندفع المستثمرون في البحث عن غطاء مع تزايد مخاوف الأسواق من اضطرار مصر قريباً للتسليم أمام ضغوط تنفيذ واحدة من أسرع عمليات تخفيض قيمة العملة تشهدها البلاد حتى الآن.
المشتقات التي تستخدم في التحوط ضد مخاطر المضاربة على الجنيه المصري تشير إلى اقتراب مصر من تخفيض قيمة عملتها للمرة الرابعة منذ مارس 2022، في تناقض مع حالة الهدوء في سوق التداول الفوري، حيث يجري تداول الجنيه دون تغيير يذكر.
هذه التغيّرات تعكس توقعات بعض المشاركين في السوق بأنَّ السلطات المصرية سوف تسمح بهبوط سريع لقيمة الجنيه في نهاية شهر رمضان أو بعد انتهائه، أي في النصف الثاني من الأسبوع القادم تقريباً، وفق تصريحات غيرغلي أورموسي من بنك "سوسيته جنرال".
قال أورموسي، محلل الأسواق الناشئة في لندن: "هناك إجماع بين اللاعبين في السوق – ومنهم أنا – على أنَّ قيمة الجنيه المصري سوف تنخفض. وكلما تأخرت السلطات في ذلك؛ زاد حجم تخفيض قيمة العملة".
تكشف حالة القلق ونفاد الصبر عن نفسها في جوانب ضعيفة أخرى في السوق، مع تدهور الديون المصرية أكثر نحو منطقة الإعسار.
في يوم الأربعاء، ارتفع العائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون مقابل شراء سندات مصر الدولارية، بدلاً من سندات الخزانة الأميركية، إلى 1199 نقطة أساس، أي أقل بمقدار 54 نقطة أساس فقط من المستوى القياسي الذي بلغته في يوليو الماضي، وفق بيانات بنك "جيه بي مورغان تشيز".
وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ"، لدى الحكومة المصرية سندات دولارية حتى نهاية 2061، وتبلغ قيمة أصل الدين بالإضافة إلى مدفوعات الفائدة نحو 74 مليار دولار.
قصة محبطة
قال نافذ زوك، محلل الديون السيادية بالأسواق الناشئة في شركة "أفيفا إنفستورز" (Aviva Investors)، في لندن: "أصبحت مصر قصة محبطة للكثيرين. عندما تضع كل التطورات في اعتبارك، من المحبط أن تواجه هذه الدرجة من بطء التقدم".
تستمر المخاوف من احتمال عجز أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان عن الوفاء بديونها في مقدمة أذهان المستثمرين حتى يصبح واضحاً أنَّ مصر سوف تخفّض قيمة عملتها، وتحصل على التدفقات الاستثمارية التي تحتاجها لسد الفجوة التمويلية.
تراجعت قيمة الجنيه بنحو 50% خلال العام الماضي، لكنَّه ما يزال أقوى بنسبة كبيرة من أسعاره المتداولة في السوق السوداء. ويؤكد هذا الفرق على مخاطر انخفاض قيمة العملة في الوقت الذي تكافح فيه البلاد في مواجهة أزمة النقد الأجنبي.
تعهدت الحكومة في أكتوبر بالانتقال إلى سعر صرف أكثر مرونة، حتى استطاعت إبرام اتفاق بقيمة 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. ومع ذلك؛ استمرت قيمة العملة في الانخفاض في أعقاب فترات طويلة من الاستقرار.
قالت زينة رزق، الرئيسة التنفيذية لإدارة أصول الدخل الثابت في "أرقام كابيتال" في دبي: "منذ فترة ونحن نتوقَّع تخفيضاً في قيمة العملة، ولم يتحقق ذلك. هناك فقدان للمصداقية في هذه المرحلة، ولا أعتقد أنَّ خفض قيمة العملة يكفي لعودة التدفقات".