ربما يكون الذكاء الاصطناعي قد سرق الأضواء لكنه قادر على توفير فرص جديدة لتكنولوجيا "بلوكتشين"

منافع متبادلة بين قطاع التشفير والذكاء الاصطناعي

شعار "بتكوين" على شاشة في هونغ كونغ، الصين. - المصدر: بلومبرغ
شعار "بتكوين" على شاشة في هونغ كونغ، الصين. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أثارت الدعاوى القضائية الجديدة التي رفعتها لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية ضد "كوين بيس غلوبال" و"بينانس هولدينغز" أسئلة جادة حول مستقبل قطاع التشفير.

تواجه الأصول الرقمية ضغوطاً متزايدة من الجهات التنظيمية ورياحاً معاكسة أخرى من السوق، كما انتُزع منها لقب الصيحة التكنولوجية الأحدث. عندما أطلقت شركة "أوبن آي إيه" روبوت الدردشة "تشات جي بي تي" في نوفمبر، مهدت الطريق لوضع الذكاء الاصطناعي في استخدامات عملية، ومنذ ذلك الحين، جذب الذكاء الاصطناعي تركيز المؤسسين والمستثمرين وهم نفس الأُناس الذين غذوا طفرة العملات المشفرة.

فرص جديدة

ربما يكون الذكاء الاصطناعي قد سرق الأضواء، لكن يقول بعض مناصري العملات المشفرة إنه قادر على توفير فرص جديدة لتكنولوجيا "بلوكتشين".

وفي هذا الصدد، يقول آدم ستراك، المؤسس والشريك الإداري لصندوق الاستثمار "ستراك كريبتو" (Struck Crypto)، والذي يتعمق في دراسة الذكاء الاصطناعي منذ إطلاق "تشات جي بي تي": "قد نرى في الواقع موقفاً يقدم فيه الذكاء الاصطناعي نوعاً من التحفيز للتدافع مجدداً على تكنولوجيا (بلوكتشين)".

أما أليكس فيلكس، الشريك الإداري ورئيس الاستثمار في شركة الاستثمار الجريء في مجال التشفير "كوين فَند" (CoinFund)، فيرى أن تكنولوجيا "بلوكتشين" يمكن أن تزيد شفافية ولامركزية الذكاء الاصطناعي الذي يمكن أن يكون غامضاً جداً فيما يخص ماهية البيانات المستخدمة في تدريب الروبوتات.

مؤخراً، دعمت "كوين فَند"، "تولز فور هيومانيتي" (Tools for Humanity)، وهي شركة تشفير ناشئة شارك في تأسيسها، سام ألتمان، من "أوبن إيه آي"، والتي جمعت 115 مليون دولار. يقول فيلكس إن هذه الشركة تقدم نموذجاً للاستخدام الحقيقي لتكنولوجيا التشفير في الذكاء الاصطناعي.

طورت "تولز فور هيومانيتي"، التي أطلقت عملة رقمية اسمها "وورلد كوين" (Worldcoin)، كرة صغيرة تفحص مقل أعين الناس لكي تولد هوية فريدة لهم قائمة على تكنولوجيا "بلوكتشين"، معطيةً إياهم "إثبات شخصية" رقمي والذي عندما يستخدم مع "وورلد كوين" يمكن أن يسهل عمليات الدفع الآمنة.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

قال تياغو سادا، مدير الأدوات في "تولز فور هيومانيتي": "بالنسبة لنا، بدأ الأمر بسؤال أين سيتجه العالم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؟ وكان قطاع التشفير هو الطريق المؤدي للإجابة.

يُشبّه فيلكس هوس الذكاء الاصطناعي الحالي بطفرة طرح العملات المشفرة الأولى في 2017، عندما تدافع المستثمرون لاقتناص رموز مميزة عشوائية، ثم تبين أن وراء العديد منها عمليات احتيال. مع ذلك، قال إن فحص المشاريع هذه المرة وتقدير عمق خبرة الأشخاص في مجال الذكاء الاصطناعي أصبح أسهل. و"من الصعب تزييف الموثوقية نظراً لأن دوائر التعامل صغيرة للغاية".

طرد القراصنة

بقدر ما يمكن أن تجلب "بلوكتشين" المزيد من الشفافية للذكاء الاصطناعي، يمكن لهذه التكنولوجيا كذلك أن تدعم قطاع التشفير عبر تحسين طرق تصنيف منصات الأصول للبيانات وحماية المعلومات والتفاعل مع المستخدمين، وفق بعض مناصري قطاع التشفير.

وبعد أن سرق القراصنة ملايين الدولارات من بروتوكولات "بلوكتشين"، يمكن لروبوتات الذكاء الاصطناعي أن تحد من نطاق الهجمات الإلكترونية التي تعصف بالتمويل اللامركزي، على حد قول ستراك.

يضيف ستراك: "مبدئياً يمكنك القيام بعدد هائل مما يعرف باختبارات الاختراق بمجرد أن تستخدم هذه الروبوتات في محاكاة الهجمات"، وهذه الاختبارات يمكن أن تكشف أوجه الضعف في أكواد العقود الصغيرة التي يمكن أن يتلاعب بها القراصنة لسرقة الأموال.

وقال ستراك إن الروبوتات يمكن استخدامها كذلك في إدارة المحتوى لتحديد البريد العشوائي ومحاولات الاحتيال على منصات المراسلة مثل "تيليغرام"، و"ديسكورد" (Discord)، و"سيغنال" (Signal)، و"وي تشات" و"واتس آب"، ورغم أن هذه الفوائد لا تقتصر على قطاع التشفير، فهي هامة للقطاع الذي تظهر فيه أغلب عمليات الاحتيال على وسائل التواصل الاجتماعي. كما أن "مستخدمين كثراً جداً يستخدمون تطبيقات الرسائل تلك".

بخلاف حماية المستثمرين من التعرض للخداع، يرى كثيرون في القطاع طرقاً أخرى يمكن للذكاء الاصطناعي من خلالها أن يسهل تفاعل المستخدمين مع العملات المشفرة.

أطلقت "سولانا لابس" (Solana Labs)، المطورة لبلوكتشين "سولانا"، برنامجاً إضافياً يحوي ميزة "تشات جي بي تي" في مايو "لجعل تجربة المستخدم أفضل وأبسط ولكي يفهم الأشخاص ما يجري في (بلوكتشين)"، وفق تال تشويلا، رئيس المنتجات بالشركة.

لطالما تعرض قطاع التشفير للانتقاد لكونه غير عملي جداً بالنسبة للمستهلكين العاديين، لكن دمج "تشات جي بي تي" في البرمجيات يرشد المستخدمين أثناء إجرائهم معاملات على شبكة (بلوكتشين) عبر المحادثات.

في عرض توضيحي افتراضي، شرح تشويلا كيفية ربط العميل محفظته المشفرة بالروبوت ثم مطالبته بإظهار الرموز غير القابلة للاسترداد أو المجموعات المعينة التي يمكنه تحمل تكلفتها. بعد استعراض الخيارات، يمكن للعملاء أن يطلبوا من الروبوت مساعدتهم في شراء رمز غير قابل للاسترداد، وحينها ينشئ الروبوت رمز استجابة سريعة يمسحه العملاء لإكمال عملية البيع.

وقال تشويلا: "سيؤثر الذكاء الاصطناعي على جميع المجالات والقطاعات والصناعات، ونحن فقط نحاول تبنيه (في قطاعنا)".

تجنب الضجة

مع ذلك، ظلت شركات تشفير أخرى مترددة في القفز بالكامل إلى قطار الذكاء الاصطناعي، متعللة بالمخاطر المحتملة، ورفضت بورصة المشتقات "بيت غيت" (Bitget) دمج "تشات جي بي تي" في برمجياتها خوفاً من أن يقدم للمستخدمين معلومات مضللة وحقائق كاذبة لاستفساراتهم.

تعرضت "تولز فور هيومانيتي" للسخرية من تكنولوجيا فحص العين خاصتها واستجوبت حول توفيرها حماية حقيقية للبيانات الحيوية الحساسة التي تجمعها.

وبينما استفادت "ذا غراف" (The Graph)، مزودة بروتوكول الفهرسة، من الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلات لأكثر من عامين لجعل البحث عن بيانات "بلوكتشين" واستخدامها أسهل، فهي لا تريد تصنيف عملتها "GRT" كرمز مميز مدعوم بالذكاء الاصطناعي، وفق تيغان كلاين، الرئيسة التنفيذية لشركة "إيدج آند نود" (Edge & Node) الناشئة التي أسست منصة الرمز المميز.

على عكس شركات التشفير الأخرى التي تحولت بسرعة إلى الذكاء الاصطناعي للاستفادة من الضجة المثارة حوله، قالت تيغان إن "إيدج آند نود" تفضل أن تكون معروفة أولاً وقبل كل شيء كشركة ناشئة في مجال "بلوكتشين" لأنه لا تزال هناك "صعوبات" تحيط بالذكاء الاصطناعي مثل صعوبة تحديد صحة ما تقدمه هذه التكنولوجيا.

مع ذلك، في الوقت الحالي، "يدرج الكثيرون الذكاء الاصطناعي في عروضهم الترويجية لجذب المزيد من أموال رأس المال الجريء" حسبما أضافت كلاين.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك