رفعت لجنة تداول السلع الآجلة الأميركية دعوى قضائية ضد "بينانس هولدينغ" بزعم انتهاكها قواعد تداول المشتقات، إلا أن ذلك في نظر الكثيرين من المخضرمين في عالم الأصول الرقمية، ليس سوى يوم عادي آخر في قطاع التشفير.
في بداية الأمر، انخفضت أسعار الرموز المشفرة بعد تقدّم لجنة تداول السلع الآجلة بملف الدعوى أمس الإثنين إلى المحكمة الفيدرالية في شيكاغو، ثم سرعان ما عادت واستقرت، بل وعوّضت خسائرها في بعض الحالات.
ينظر العديد من مناصري العملات المشفرة إلى خطوة الوكالة الأميركية، باعتبارها مجرد هجمة جديدة هي الأحدث على القطاع من قِبل جهة تنظيمية عالمية.
تشانغ بينغ جاو، الرئيس التنفيذي لـ"بينانس"، الذي رفعت لجنة تداول السلع الآجلة دعوى قضائية ضده أيضاً، قلّل من شأن مزاعم ارتكاب المخالفات في الماضي. ظل جاو ينشر على حسابه على "تويتر"، رقم 4 الذي يستخدمه للإشارة إلى اعتقاده بأن المعلومات غير صحيحة أو كاذبة وينبغي تجاهلها من قبل مناصري التشفير. هبط رمز بورصة "بينانس" "بي إن بي" (BNB) بما يناهز 6%.
فيما يلي آراء المشاركين في سوق التشفير حول القضية، وما قد تعنيه:
- ماتي غرينسبان، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ"كوانتوم إيكونوميكس" (Quantum Economics):
قال ماتي غرينسبان، إن تراجع الأسعار كان "إلى حد ما ردّ فعل تلقائي على الأنباء". وأضاف أن التراجع ليس مفاجئاً إلى حد كبير بالنظر إلى مدى صعود سعر الرمز فوق متوسطه لمدة 50 يوماً.
قال غرينسبان: "تتصرف الولايات المتحدة بطريقة أسوأ من الصين تجاه قطاع التشفير. فعلى الأقل، الصين صريحة بما يكفي لتدع مواطنيها ورواد الأعمال لديها يعرفون ما هو مسموح وما هو لا.. أما الأميركيون، فيتعين عليهم باستمرار تخمين اتجاه الأهداف المتغيرة (للجهات التنظيمية)".
- ستيفان أوليت، الرئيس التنفيذب لـ"إف آر إن تي فاينانشال" (FRNT Financial):
استبعد ستيفان أوليت وجود "تداعيات حقيقية على الأصول المشفرة" جراء الدعوى القضائية، مشيراً إلى أن السوق كانت تعرف بالفعل أن "بينانس" تخضع للتحقيق.
كتب أوليت في بريد إلكتروني إلى "بلومبرغ نيوز": "رغم أن هذا الإعلان يؤكد الحديث عن أن المنظمين الأميركيين ينظرون بعدائية إلى قطاع التشفير، فإنه وبافتراض أن أعمال "بينانس" لم تكن تعتمد بشكل كبير على العملاء الأفراد في الولايات المتحدة (هناك دلائل قليلة متاحة توحي بأنها كانت تعتمد عليهم)، فإن للقضية تأثيراً محدوداً على نموذج أعمال الشركة".
- مات مالي، كبير استراتيجيي السوق في "ميلر تاباك بلس كو" (Miller Tabak+ Co):
قال مات مالي: "ما من شك في أن القضية قد يكون لها تأثير كبير على أسواق التشفير في نهاية المطاف، لكن هذه المعارك يمكن أن تستمر لوقت طويل، وبالتالي فإن تأثيرها الفوري لا يُفترض أن يكون قوياً جداً. لننظر مثلاً إلى تحركات بتكوين اليوم: نعم، تراجعت 3%، لكن بالنظر إلى ارتفاعها بأكثر من 40% في أسبوعين فقط، فإن هبوط اليوم ليس بالأمر الجلل حقاً".
أضاف: "وجهة نظري هي أن بتكوين ارتفعت 40% خلال أسبوعين، وبالتالي أصبح لدينا مبالغة في الشراء على أساس قصير الأجل، وعند هذه المرحلة تكون عرضة للتراجع في كل الأحوال. لذا، فإن حقيقة تراجعها 3% فقط بعد هذا الصعود الكبير، تثبت أن الأمر سيستغرق وقتاً حتى نعرف التداعيات الفعلية للدعوى القضائية".
- سيلفيا جابولونسكي، رئيسة الاستثمار في "ديفيانس إي تي إفس" (Defiance ETFs):
قالت سيلفيا جابولونسكي: "لا يحتاج عالم التشفير إلى أي اضطرابات إضافية بعد الانهيار الأحدث لبورصة (إف تي إكس) الذي تسبب في هبوط بتكوين والعملات الأخرى ذات الصلة، خصوصاً من لاعب رئيسي (بينانس) بدا أن عملياتها نظيفة. مثل هذه أحداث يتسبب في فقدان المستثمرين لشهية المخاطرة والهروب للمراقبة من بعيد".
أضافت: "في الماضي كان ذلك يعني لحظة انتظار وترقب لمدى التراجع الذي يمكن أن تسجله بتكوين، لكن بعد التهافت على سحب الودائع من مصارف مثل (سيليكون فالي بنك) و(سيلفرغيت)، وما سبق ذلك من عمليات احتيال في القطاع، ثم الانهيارات مثل (إف تي إكس)، فمن المرجح أن تزداد حالة عدم الثقة لدى المستثمرين في نظام التشفير، وهو ما سيقود على المدى القصير إلى المزيد من التراجع في سعر بتكوين".
- جيفري بلوكينغر، كبير المستشارين القانونيين في البورصة اللامركزية "فيرتكس بروتوكول" (Vertex Protocol):
قال جيفري بلوكينغر: "تأتي هذه الدعوى بعد سلسلة من الدعاوى المرفوعة ضد البورصات من قبل الجهات التنظيمية الأميركية في الأسابيع الماضية، ولذا فهي لا تشكل مفاجأة كبيرة. أما الجانب الأكثر إثارة للاهتمام في الشكوى، فهو توصيف لجنة تداول السلع الآجلة لعملتي "إيثريوم" و"لايتكوين" كسلع، وهي وجهة نظر يبدو أن لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية تخالفها علناً".
أضاف: "بالنظر إلى هذا الأمر، يبدو أن هذه الدعوى قد تكون بشكل غير مباشر فصلاً جديداً من المنافسة التنظيمية بين لجنة الأوراق المالية والبورصات ولجنة تداول السلع الآجلة، وهي ستشكل إضافة جديدة إلى سحابة عدم اليقين التي تطغى على القطاع في الولايات المتحدة. وبخلاف ذلك، فإن بقية القضية عادية للغاية، باستثناء نطاقها".
- يانكون غيو، شريكة في شركة المحاماة "آيس ميلر" بشيكاغو:
قالت يانكون غيو: "من الجدير بالذكر أن هذه القضية ضد كيانات غير أميركية تابعة لـ(بينانس)، ما يدل على امتداد سلطة الوكالات الأميركية خارج الحدود الإقليمية. والأدهى، أنها مع ذلك، صنفت (بتكوين) و(إيثريوم) و(لايتكوين)، واثنتين على الأقل من العملات المستقرة المدعومة بالعملات الورقية، وهما (تيذر) المتداولة برمز (USDT) و(بينانس يو إس دي) المتداولة برمز (BUSD)، وغيرها من العملات الافتراضية، على أنها "سلع"، وهو ما يخالف مباشرة رأي لجنة الأوراق المالية والبورصات، ويبرز الارتباك الناجم عن نقص اللوائح الواضحة في الولايات المتحدة".
أضافت: "يوضح ذلك أن الطبيعة متعددة الأوجه لكيفية عمل الرموز وكيفية استخدامها على حد سواء، قد تخضعها للولاية القضائية لوكالات متعددة، لكن هذه مشكلة أخرى إذا تمت مقاضاة الشركة أو البورصة ذاتها من قبل وكالات متعددة بسبب الرموز نفسها. لن أتفاجأ برؤية دعوى قضائية مماثلة من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصات تصنّف كل الرموز ذاتها باستثناء (بتكوين)، كأوراق مالية".