تستحوذ شركة الأدوية الفرنسية، "سانوفي"، على شريكتها "ترانسليت بيو" (Translate Bio) المُتخصّصة في تطوير تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA)، مقابل 3.2 مليار دولار، لكي تأخذ بذلك دوراً في نشر التكنولوجيا وراء بعض لقاحات كوفيد-19 الأكثر مبيعاً في العالم.
وافقت "سانوفي" على دفع 38 دولاراً أمريكياً نقداً مقابل كل سهم من أسهم "ترانسليت بيو"، ورغم أن السعر يرتفع بنسبة 30% عن سعر الإغلاق يوم الإثنين، إلا أن الشركة قد تقتنص صفقة محتملة "في القطاع العلاجي المشتعل للغاية"، وفقاً للمحلل ويمال كاباديا في شركة "بيرنشتاين"(Bernstein).
تخلفت "سانوفي"، العملاقة الرائدة في مجال اللقاحات، عن شركتي "بيونتيك" و"موديرنا" في مجال لقاحات الوباء، إذ هرعت الشركتان إلى تطوير الجرعات القائمة على تقنية (mRNA)، وتم صرف أكثر من مليار جرعة من لقاحاتهما حتى الآن. كما كوفئت الشركتان بسخاء على عملهما الرائد، حيث طارت القيمة السوقية لـ "موديرنا" إلى 140 مليار دولار أمريكي في يوم الإثنين، وتجاوز تقييم "بيونتيك" مبلغ الـ 80 مليار دولار حالياً.
الأمر أبعد من اللقاح
فيما توقعت شركة "فايزر"، شريك "بيونتيك" الألمانية، الأسبوع الماضي أن تصل إيرادات لقاحها لمكافحة فيروس كورونا إلى 33.5 مليار دولار خلال هذا العام وحده. مع ذلك، تتطلع "سانوفي" إلى ما هو أبعد من اللقاحات، وتهدف إلى تسخير تقنية (mRNA) للعلاجات، وهو أمر تبحث "بيونتيك" استخدامه في مرض السرطان.
قال بول هادسون، الرئيس التنفيذي لـ"سانوفي": "هدفنا هو إطلاق إمكانات تقنية (mRNA) في المجالات الطبية الاستراتيجية الأخرى مثل المناعة، والأورام، والأمراض النادرة، بالإضافة إلى اللقاحات".
ارتفعت أسهم "سانوفي" بأقل من 1% في باريس، بينما صعدت أسهم "ترانسليت بيو" بنسبة 30% في تعاملات ما قبل افتتاح البورصات الأمريكية، ووافق مجلسا إدارة الشركتين على الصفقة، بحسب بيان صادر يوم الثلاثاء.
وكتب المحلل كاباديا بشركة "بيرنشتاين" في مذكرته للعملاء: "نحن نحب نهج (سانوفي)، على الرغم من أنه من المُبكّر معرفة ما إذا كانت صفقة الاستحواذ هذه تعد عملية مساومة".
لقاحات "سانوفي"
بيد أن شركة الأدوية لم تطرح لقاحاً لكوفيد-19 في الأسواق حتى الآن، إلا أن مُرشّحها الرائد حالياً يقوم على تقنية البروتين المؤتلف المستخدمة فعلياً في لقاحاتها للإنفلونزا الموسمية. عانى لقاحها هذا من التأخير لمدة شهور، وهو الآن في مرحلة تجريبية متأخرة، وُيمكن أن يحصل على الموافقة بحلول نهاية العام.
مع ذلك، تعمل شركة الأدوية الفرنسية أيضاً مع "ترانسليت بيو" على لقاح قائم على تقنية (mRNA) منذ شهر مارس 2020، ضمن شراكة تم تأسيسها بين الشركتين في عام 2018. تقضي هذه الاتفاقية حالياً بتطوير لقاحات (mRNA) لمُسبّبات خمسة أمراض معدية، ويخضع مُرشّحهما لفيروس كورونا لمرحلة تجريبية مُبكّرة، على أن تظهر نتائجه بحلول نهاية سبتمبر تقريباً، وقد تتم الموافقة عليه في عام 2022.
قيد التطوير
تتعاون "ترانسليت بيو" ومقرها ليكسينغتون في ولاية ماساتشوستس، مع "سانوفي" أيضاً على تطوير لقاح مضاد للإنفلونزا في المراحل المُبكّرة، بينما يتضمن خط إنتاجها علاجات تجريبية للتليّف الكيسي، وأمراض الرئة الأخرى، وعلاجات لأمراض قد تصيب الكبد.
قال جان جاك لو فور، المحلل في شركة "براين غارنير آند كو" (Bryan, Garnier & Co): "تعمل (سانوفي) جدياً للحاق بمنافسيها في تقنية (mRNA)، ونحن نرى هذا الاستحواذ خطوة جيدة لكي لا تتخلّف عن الركب، مثلما حدث للشركة في مجالات أخرى مثل السرطان والسكري".
إلى ذلك، وقّع كل من الرئيس التنفيذي رونالد رينو ومجموعة "بوبوست غروب " (Baupost Group)، أكبر مساهم في التكنولوجيا الحيوية بالولايات المتحدة، على تعهُّدات ملزمة لدعم عرض الشراء، لتُمثّل حصصهم وأسهمهم المملوكة فعلياً من قبل "سانوفي" حوالي 30% من إجمالي الأسهم القائمة، وفقاً للشركة. وتتوقع "سانوفي" إغلاق الصفقة في وقت لاحق من هذا الربع.
تعمل عدة شركات أخرى على تقنية (mRNA) من أمثال شركة "كيور فاك إن في" (CureVac NV) التي تتبع نهجاً مختلفاً وجاءت نتائج لقاحها ضد فيروس كورونا مخيّبة للآمال. وتعمل شركة التكنولوجيا الحيوية الألمانية على إطلاق الجيل الثاني من جرعات الشركة الرائدة "غلاكسو سميث كلاين" في صناعة الدوائيات، والتي خيّبت آمال المستثمرين لعدم تواجدها في طليعة سباق اللقاحات.
سبق لـ"سانوفي" أن أعلنت في شهر يونيو عن خطط لاستثمار حوالي 480 مليون دولار سنوياً في تقنية (mRNA) من خلال مركز التميّز الذي تم إنشاؤه حديثاً للتركيز على كل شيء؛ بدءاً من الأبحاث الأساسية حتى التصنيع. تهدف هذه المبادرة إلى تسريع إنتاج المنتجات المعتمدة على تقنية (mRNA) التي يتم تطويرها بواسطة شركتي "سانوفي" و"ترانسليت بيو"، إلى جانب ضمان البقاء المستقر لجرعات (mRNA) في درجات حرارة متوسطة، وتقليص احتمالية تسببها في آثار جانبية.
هذا وتتوقع "سانوفي" خضوع ستة مرشحين على الأقل للقاح القائم على تقنية (mRNA) للتجارب السريرية بحلول عام 2025.
