لجأت شركات عقارية في مصر إلى حلول استثنائية، لجذب العملاء دون خفض الأسعار، وللمحافظة على زخم المبيعات بعد تحرير سعر الصرف، بحسب 6 شركات عقارية تحدثت مع "الشرق".
تضمنت الخطوات التي اتخذتها الشركات المصرية، طرح عروض ترويجية وزيادة فترات السداد، وخصومات قياسية على السداد الفوري بنسب وصلت إلى 50%، بالإضافة إلى تقليص قيمة وديعة الصيانة للوحدات العقارية.
شهد القطاع العقاري في مصر انتعاشاً ملحوظاً خلال الفترة الماضية مع اتجاه المصريين لشراء العقارات كخزان آمن للقيمة لحماية مدخراتهم من التضخم.
ساهمت مخاوف نقص العملات الصعبة التي عانت منها مصر في دفع مبيعات العقارات للارتفاع، قبل أن تخفف صفقة رأس الحكمة وحزم التمويلات الدولية من الضغوط على الاقتصاد.
استقرار أسعار العقارات بعد تحرير سعر الصرف
طارق شكري رئيس غرفة التطوير العقاري، قال إن استقرار الأسعار بعد قرار تحرير سعر الصرف في مارس الماضي أدي إلى حدوث تباطؤ في حركة البيع بالسوق العقاري، وخاصة في الشراء بغرض الاستثمار ولكنها فترة ترقب بعد قرار التعويم والمتوقع أن تستمر لثلاثة أشهر، بعدها تعود حركة الشراء لمعدلاتها.
أضاف شكري أن خفض سعر الدولار لا يعني حدوث تراجع في أسعار العقارات، لأن الفائدة البنكية ارتفعت بمعدل أكبر وتأثيرها على الأسعار سيظهر خلال الفترة المقبلة.
سمح البنك المركزي المصري في 6 مارس الماضي بخفض سعر صرف الجنيه لأول مرة منذ أكثر من 14 شهراً مقابل الدولار، عقب الخطوة المفاجئة برفع أسعار الفائدة بنحو 600 نقطة، الاستثنائي، ليصل سعرا عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب.
أثبت العقار على مدار السنوات الماضية أنه الاستثمار الأفضل للحفاظ على قيمة المدخرات والقادر على تجاوز الأزمات مقارنة بالأوعية الاستثمارية الأخرى، بحسب شكري.
9 بنوك استثمار تتوقع إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير في مصر
تراجع مبيعات العقارات في مصر
أكد أحمد زكي، المدير التنفيذي لشركة ذي بورد كونسالتينج للاستشارات العقارية، أن استقرار سعر الصرف بعد الاضطرابات التي مر بها، وتوقعات ارتفاع الجنيه أمام العملات الأجنبية سيترتب عليه تراجع في مبيعات العقارات بغرض الاستثمار، مشيراً إلى أن الفترة المقبلة ستشهد لجوء عدة شركات إلى زيادة فترات السداد، وتقديم خصومات على الدفع الفوري، أو تقليل مصاريف الصيانة مع منح امتيازات أخرى مثل اشتراكات النوادي أو نوعية التشطيب في الوحدات.
قد تشهد المشروعات العقارية الساحلية تركيزاً كبيراً من الشركات خلال الفترة المقبلة لتحقيق مبيعات كبيرة، وذلك مع وجود عوامل جذب كبيرة مثل مشروع رأس الحكمة والذي أدى إلى توجيه بوصلة الشركات نحو تلك المنطقة وإطلاق مشروعات عادة ما تكون أسعارها مرتفعة، وفق زكي.
الشركات تحفز العملاء
من جانبه، قال تامر دويدار، الرئيس التنفيذي لـ "مدن O West"، ومكادي هايتس وبيوم، التابعة لشركة أوراسكوم للتنمية، إن استقرار الأسعار بصورة نسبية وارتفاع أسعار الفائدة من الممكن أن يؤثر على المبيعات العقارية من عملاء الشراء بغرض الاستثمار، وهو ما سيدفع الشركات إلى تقديم آليات جديدة لتحفيز العملاء وجذبهم.
واعتبر دويدار أن أسعار العقارات يتم تحديدها بناءً على العرض والطلب، فضلا عن أسعار الصرف وتوافر المواد الخام الأساسية، مع الأخذ بعين الاعتبار العملاء الذين قاموا بالشراء خلال الفترة السابقة بغرض الاستثمار حتى لا تتأثر القيمة الاستثمارية للعقارات التي قاموا بشرائها، ويمكن التغلب على ذلك بإعادة النظر في تسعير المشاريع والمراحل الجديدة مع منح مزايا مختلفة بما لا يضر باستثمارات المشترين.
التباطؤ ظهر بصورة واضحة في السوق الثانوية، نظراً لوجود معروض كبير من العملاء الذين قاموا بالشراء ويسعون للبيع حالياً، وهو ما يتزامن أيضاً مع الطروحات الجديدة للشركات والتي ستجذب عملاء جدداً.
حذر رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، في نهاية ديسمبر الماضي، من "قنبلة موقوتة" في قطاع العقارات في مصر، نظراً لارتفاع كلفة البناء بسبب أزمة الدولار التي تشهدها البلاد، وأضاف الملياردير المصري حينها، أن كل مطور عقاري تأخر في البناء سيواجه مشكلة كبيرة، لافتاً إلى أن ما يصل إلى 35% من تكلفة البناء تحتاج إلى مكوّن دولاري.
ارتفاع تكلفة البناء
من جانبه، قال شريف عثمان رئيس شركة جراند بلازا العقارية، إن الشركات لا تزال تعاني من ارتفاع التكلفة في العديد من البنود التي تدخل في المشروعات، مثل الخامات التي يتم استيرادها والتي لم يتم توفير سيولة دولارية لها، إذ إن الحكومة توجه غالبية السيولة للإفراج الجمركي عن السلع الاستراتيجية وخامات التصنيع، والأولوية للمنتجات الغذائية والبترولية.
أضاف أنه رغم ذلك فإن الضغوط لم تعد كما كانت عليه قبل قرارات 6 مارس الماضي وما سبقها من توقيع صفقة رأس الحكمة، وهو ما سيدفع الشركات إلى تقديم عروض للعملاء، مشيراً إلى أن تلك العروض تتضمن إضافة اشتراك الأندية داخل المشروعات برسوم أقل وزيادة سنوات السداد، ولكنها ستكون بصورة مدروسة لضمان عدم حدوث فجوة جديدة بين سعر البيع وتكلفة التنفيذ.
طلب حقيقي
قال محمد خالد العسال الرئيس التنفيذي لشركة مصر إيطاليا العقارية، إن المبيعات حالياً تعتمد على الاحتياج الفعلي في المقام الأول بعيداً عن المضاربة أو ما يعرف بالطلب الحقيقي، وليس عملاء الاستثمار، موضحاً أن قرار تحرير سعر الصرف كان له أثر جيد على تسعير الشركات للوحدات.
وتابع أن معدلات البيع في شهري يناير وفبراير كانت قياسية، وشهدت تراجعاً طفيفاً في مارس، متوقعاً عدم تراجع أسعار العقارات، نظراً لانخفاض الأسعار في مصر بنسبة تتراوح ما بين 35 إلى 50% مقارنة بالدول المجاورة، إلى جانب ارتفاع الفائدة البنكية، وجميعها عوامل تزيد التكلفة.
رجح العسال حدوث ارتفاع بنحو 10% في أسعار العقارات خلال العام الجاري مقارنة بزيادة بلغت نحو 80% من أكتوبر وحتى مارس الماضي.
خصومات للدفع الفوري
أكد محمد سامي، نائب رئيس مجلس إدارة شركة كولدويل بانكر مصر للتسويق العقاري، أن الشركات العقارية ستلجأ إلى تقديم عروض على الدفع الفوري باعتباره أحد آليات خفض الأسعار بطريقة غير مباشرة، ولتوفير سيولة بديلة عن الاقتراض البنكي، وللحفاظ على مبيعاتها الكبيرة.
ولفت إلى أن حركة المبيعات في السوق العقاري بالقاهرة تراجعت بمعدل 60% إلى 70% بعد قرار تحرير سعر الصرف.
أوضح أن النسبة الأكبر من قرار الشراء قبل تحرير العملة المحلية كانت بغرض التحوط والحفاظ على قيمة المدخرات في ظل التراجع المستمر للجنيه أمام الدولار، ولكن مع تحرير سعر الصرف واستقرار الأسعار حدث تباطؤ في الشراء ولكنه لن يستمر طويلاً.
وتوقع عودة الشراء داخل القاهرة في الربع الثالث من العام، مع زيادة في الأسعار بمعدل 10%، مشيراً إلى أن سوق العقارات في الساحل الشمالي يختلف عن القاهرة، فحركة الشراء لم تتراجع وهناك إقبال شديد على الوحدات المطروحة للبيع من جانب المطورين، بسبب ارتفاع العائد على الاستثمار نتيجة ارتفاع الطلب مقابل العرض ومشروع رأس الحكمة الذي زاد من جاذبية المنطقة ليس فقط للعميل المحلي ولكن أيضاً للمقيمين بالخارج والأجانب.