يبدو أن المستهلكين الأثرياء يقبلون على شراء السيارات الكهربائية بينما تشهد السوق الأوسع حرب أسعار وحشية

السيارات الكهربائية فائقة الفخامة تحظى بإقبال رغم أزمة القطاع

تورستن مولر-أوتفوس، الرئيس التنفيذي السابق لـ"رولز رويس"، يقف إلى جانب سيارة من طراز "سبِكتر" الكهربائية بالكامل  - المصدر: بلومبرغ
تورستن مولر-أوتفوس، الرئيس التنفيذي السابق لـ"رولز رويس"، يقف إلى جانب سيارة من طراز "سبِكتر" الكهربائية بالكامل - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

يعتري الضعف سوق المركبات الكهربائية العالمية، ولعل أبرز علاماته حرب الأسعار القائمة وتراجع المبيعات، ناهيك عن الأسعار التي ما تزال مرتفعة جداً بالنسبة لأغلب المستهلكين.

لكن في جنبة من هذه السوق، ظهر أن تبنّي صنّاع السيارات الفاخرة لمركبات الطاقة الجديدة يدعم الطرازات مرتفعة الثمن.

إذا نظرنا إلى "رولز رويس"، التي تُعتبر شعاراً للبذخ بين أبناء الطبقة الراقية في بريطانيا، سنجد أنها طرحت سيارة "سبِكتر" (Spectre) بسعر معلن بلغ 420 ألف دولار، وهي تُصفها بأنها "أول سيارة كهربائية سوبر كوبيه فائقة الفخامة في العالم".

بعد طرحها في أكتوبر 2022، أنتجت الشركة النماذج الأولى من مصنعها في الريف الإنجليزي في النصف الثاني من 2023، فساعدت صانعة السيارات، التي تروى عنها حكايات، على تحقيق مبيعات قياسية بلغت 6032 سيارة لهذا العام.

تجذب هذه السيارة الكهربائية بالكامل اهتمام المشترين الأصغر سناً إلى علامة "رولز رويس" التجارية الراقية، وهذا مهم جداً للشركة التي عادةً ما تستقطب العملاء الأكبر سناً، وساعدتها على الحصول على طلبيات للعامين المقبلين.

فوضى كبيرة

لسوء حظ "تسلا" ومنافستها الصينية "بي واي دي"، وهما أكبر شركتين لا تصنعان إلا سيارات كهربائية، فإن السوق الرئيسية كئيبة. رغم أن "بي واي دي" شحنت عدداً قياسياً من السيارات الكهربائية بلغ 526 ألف مركبة في الربع الرابع، فقد تراجع صافي دخلها عن الفترة السابقة، وهذا مؤشر على تضحية في سبيل استمرار نمو المبيعات.

اقرأ أيضاً: تسلا و"BYD" تسبقان فولكس واجن في السيارات الكهربائية حتى 2030

ستستمر هذه الصعوبات إلى ما بعد بداية 2024 فيما تتأهب البلاد للتباطؤ السنوي الثاني على التوالي في مبيعات السيارات الكهربائية، وفقاً لجمعية سيارات الركاب الصينية.

لم تحقق "تسلا" أيضاً توقعات الأرباح، وحذرت من نمو "أقل بشكل ملحوظ" هذا العام، فيما تصل شركات صناعة السيارات الحد الأقصى من خفض التكاليف اللازم لتجعل المركبات الكهربائية جذابة لأغلب المستهلكين كي يدعوا السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي.

نجاح "لامبورغيني"

لا تواجه "لامبورغيني" تلك المشكلة، وهي السيارة الرياضية الإيطالية عالية الأداء التي يفضلها أثرياء قطاع التشفير، إذ إن إنتاج طراز "ريفويلتو" (Revuelto) لدى الشركة، الذي طرحته بسعر يبدأ عند 600 ألف دولار، تم بيعه بالكامل حتى 2026.

قال شتيفان فينكلمان، رئيس الشركة التنفيذي، العام الماضي بعد فترة وجيزة من طرح الطراز، إن أغلب الشراة لم يروا السيارة قبل أن يضعوا أسماءهم على قائمة الانتظار.

في الحقيقة، ليست "ريفويلتو" مركبة كهربائية. فقد جمعت الشركة المتخصصة التي تملكها "فولكس واجن" بين محركاتها الكهربائية ومحرك احتراق داخلي من 12 سلندر تتوزع على شكل حرف (V)، لذا فإن أفضل وصف لها هو سيارة هجينة يمكن وصلها بقابس. رغم ذلك، يشير طرح السيارة الرياضية عالية الأداء وشعبيتها الفورية إلى الطلب المكبوت على المركبات الكهربائية بين المتحمسين الأثرياء.

اقرأ أيضاً: "فولكس واجن" ستبدأ جني أرباح استثمارات السيارات الكهربائية في 2026

بغض النظر عما إذا كانوا يكترثون فعلاً للغرض الأهم من المركبات الكهربائية، وهو كفاءة استخدام الطاقة والحياد الكربوني، فإن احتضان سوق السيارات الراقية لتلك الفئة يشير إلى أن المحركات الكهربائية قد نالت قبولاً حتى بين شراة السيارات عالية الأداء.

"بورشه" تتفوق

لقد سبقت "بورشه" صنّاع السيارات الآخرين، إذ كشفت الشركة الألمانية عن طراز "تايكان" (Taycan) الكهربائية بالكامل كسيارة مستقبلية في 2015، ثم بدأت بإنتاجها في 2019 قبل أن تعطل جائحة كورونا صناعة السيارات العالمية.

الآن، يعد ذلك الطراز من بين أسرع الطرازات نمواً في الشركة، وقد زادت التسليمات 17% العام الماضي لتتجاوز 40 ألف مركبة.

اقرأ أيضاً: قيمة "بورشه" السوقية تتخطى شركتها الأم مجموعة "فولكس واجن"

على عكس "رولز رويس" و"لامبورغيني"، انتهجت "بورشه" استراتيجية واسعة لمنتجها تجعلها تكاد تكون علامة تجارية تخاطب السوق الأوسع. يبدأ سعر "تايكان تربو إس" (Taycan Turbo S) الأرقى عند نحو 195 ألف دولار، لكن سعر أدنى فئات "تايكان" يزيد قليلاً على 90 ألف دولار.

بالمقارنة، فإن طراز "موديل إس" (Model S) من "تسلا" يبدأ عند 74 ألف دولار فيما يُباع "موديل إس بلايد" (Model S Plaid) بنحو 90 ألف دولار. للتوضيح، فإن إحداها سيارة رياضية والأخرى سيارة سيدان ذات غطاء صندوق متصل بالزجاج الخلفي، لكن الطلبيات القوية على الهندسة الألمانية الباهظة تبين أن ثمّة طلب في سوق المركبات الكهربائية.

سوق متعطشة

تُعتبر "لوتس" (Lotus) أفضل مثال على هذا التعطش، فقد حققت صانعة السيارات الرياضية البريطانية، وهي الآن تابعة لشركة "جيجانغ جيلي هولدينغ" (Zhejiang Geely Holding) الصينية، نجاحاً في 2019 حين طرحت "لوتس إفيجا" (Lotus Evija)، وهي سيارة رياضية فائقة الأداء كهربائية بالكامل ذات إنتاج محدود.

إن تسارع السيارة من الثبات إلى 300 كيلومتر في الساعة خلال 9.1 ثانية يضعها في فئة سيارات سباق "فورمولا ون". هذا إلى جانب أن سعرها، 2.3 مليون دولار، ليس ببعيد عن أثمان تلك السيارات. رغم ذلك السعر الصادم، أو ربما بفضله، بيع إنتاج "إفيجا" بالكامل في أول عام من إنتاجها، لكن واجهتها تأخيرات تسليم بسبب نقص القطع.

اقرأ أيضاً: كيف سيطرت الشركات الصينية على سوق السيارات الكهربائية؟

لكن لا تتمتع جميع العلامات التجارية الفاخرة بهذا الازدهار. ففي نوفمبر، خفضت "لوسِيد غروب"، صانعة سيارة "لوسِيد إير سافاير" (Lucid Air Sapphire) البالغ سعرها 250 ألف دولار، توقعاتها لإنتاج كامل عام 2023 بنسبة 20% بعدما أخفقت إيراداتها في بلوغ المستوى المتوقع طيلة أربعة فصول متتالية.

واجهت الشركة الناشئة، ومقرها نيوارك في كاليفورنيا، مشاكل منذ وقت مبكر بسبب أزمات سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار المواد الخام للبطاريات، ويبدو أن تلك العراقيل قد أضعفت ثقة المستهلكين.

أهمية التحول

رغم ذلك، بالنسبة للعلامات التجارية الراسخة التي لها سجل إنجازات قوي، فإن اتخاذ خطوة التحول للمركبات الكهربائية واستهداف الشراة المستعدين للإنفاق يبدو أفضل المسارات في شتاء المركبات الكهربائية الحالي.

كما قد تأتي فائدة إضافية من التأثيرات غير المباشرة نفسها التي جلبتها صناعة سباقات السيارات الشرهة للبنزين، إذ أن تقنيات تطوير السيارات عالية الأداء ستبلغ في نهاية المطاف مركبات السوق الاستهلاكية، ما يعزز قوة المحركات ويجعل المركبات الكهربائية أكثر استدامة وفي متناول اليد على المدى الطويل.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة