إطلاق 3 مشاريع عملاقة بصناعة بطاريات السيارات الكهربائية

موجة استثمارات صينية بـ9.5 مليار دولار تغزو صناعة السيارات في المغرب

أحد العمال عند خط تجميع سيارات "داسيا سانديرو" داخل مصنع تديره شركة "سوماكا" المغربية لصناعة السيارات في طنجة، المغرب.  - المصدر: بلومبرغ
أحد العمال عند خط تجميع سيارات "داسيا سانديرو" داخل مصنع تديره شركة "سوماكا" المغربية لصناعة السيارات في طنجة، المغرب. - المصدر: بلومبرغ
يوسف لخضر
المصدر:

الشرق

بلغ إجمالي الاستثمارات الصينية المُعلنة بصناعة السيارات في المغرب هذا العام نحو 9.5 مليار دولار، بما يؤشر إلى اهتمام صيني كبير بالمملكة رغم البعد الجغرافي. وراء ذلك عوامل تتراوح بين تطور العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وبحث شركات بكين عن مخارج لتجاوز التضييق الأميركي، وعزم أكبر اقتصاد في آسيا على تعزيز حضوره في القارة الأفريقية.

يُرتقب أن يُحدث قطاع السيارات نقلةً نوعيةً في الاستثمارات الصينية الوافدة إلى المغرب، والتي لم تتجاوز العام الماضي 51 مليون دولار، لتحتل بذلك بكين المرتبة التاسعة ضمن أكبر المستثمرين الأجانب في المملكة، بينما تصدّرت الولايات المتحدة القائمة بحوالي 720 مليون دولار.

لدى المغرب منظومة متطورة لصناعة السيارات تقودها شركتا "رينو" و"ستيلانتيس" بطاقة إنتاجية سنوية تناهز 700 ألف سيارة، ومن المخطط الوصول إلى مليون سيارة بحلول 2030. وبلغت صادرات القطاع العام الماضي 11 مليار دولار، ويُقدّر أن تنهي هذا العام بنحو 14 مليار دولار، وفقاً لوزير الصناعة والتجارة رياض مزور في تصريح سابق لـ"الشرق".

انضمام الرباط إلى "الحزام والطريق"

يرى ناصر بوشيبة، خبير اقتصادي ورئيس جمعية التعاون الأفريقي الصيني للتنمية في المغرب، أن "العلاقات الدبلوماسية الجيدة بين البلدين عامل أساسي في قفزة الاستثمارات الصينية إلى المملكة وتطور المبادلات التجارية، والتي يُتوقّع أن تشهد نمواً متزايداً في السنوات المقبلة".

تُعدُّ الصين أحد أكبر الشركاء التجاريين للمملكة، حيث بلغ حجم التجارة بين البلدين عام 2022 حوالي 77.3 مليار درهم (7.5 مليار دولار)، بزيادة 18% على أساس سنوي. لكن الميزان التجاري يميل بشكل كبير لصالح بكين، إذ ناهزت واردات الرباط 74 مليار درهم، فيما الصادرات لا تتجاوز 3.3 مليار درهم، بحسب مُعطيات حصلت عليها "الشرق" من مكتب الصرف المغربي، الهيئة الحكومية المكلفة بالتجارة الخارجية.

بوشيبة ذكر في حديث لـ"الشرق" أن "ملك المغرب محمد السادس أجرى ثلاث زيارات إلى الصين، آخرها كانت عام 2016 حيث تم توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية شملت عدة قطاعات". كما انخرطت الرباط عام 2022 في مبادرة "الحزام والطريق" الصينية التي تتضمن ضخ استثمارات بعشرات مليارات الدولارات في الدول الواقعة على طول الممر الاقتصادي.

جاذبية صناعة البطاريات

تركزت الاستثمارات الصينية المُعلنة في المغرب خلال العام الحالي على صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، حيث تحظى المملكة باهتمام كبير نظراً لتوفر المواد التي تدخل في تصنيع البطاريات لديها، مثل الكوبالت والفوسفات.

الاستثمار الصيني الأكبر في هذا المجال تمّ الإعلان عنه في مايو، من قِبل المجموعة الصينية "غوشن هاي تك" (GOTION High-Tech)، لإنشاء منظومة صناعية لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية وأنظمة تخزين الطاقة باستثمارات تُقدّر بحوالي 65 مليار درهم مغربي (6.3 مليار دولار).

وفي سبتمبر، أعلنت مُصنّعة مكونات البطاريات الصينية "سي إن جي أر أدفانسد ماتريال" (CNGR Advanced Material) عزمها بناء قاعدة صناعية في المغرب بكلفة 20 مليار درهم مغربي (ملياري دولار). وسبق ذلك، في أبريل، تعهُّد مجموعة "بي تي آر نيو ماتيريال" (BTR New Material) الصينية، المُنتجة لمكونات بطاريات السيارات الكهربائية، باستثمار 13 مليار درهم (1.2 مليار دولار) في وحدة إنتاج، ليمثل إجمالي حجم هذه الاستثمارات الثلاث مجتمعةً 9.5 مليار دولار.

سوق استهلاكية بمليار نسمة

لدى المملكة 54 اتفاقية تجارة حرة تُتيح لمنتجاتها الوصول إلى أسواق يُقدّر إجمالي عدد مستهلكيها بأكثر من مليار نسمة، وهو عامل مهم في دعم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ومن ضمنها الصينية، بحسب علي صديقي، المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، الهيئة الحكومية المعنية بجذب الاستثمار إلى البلاد.

أبرز اتفاقية تبادل حر لدى المغرب هي تلك الموقعة مع الولايات المتحدة الأميركية، والتي وصفها تورستن لارس، الرئيس التنفيذي لشركة "CNGR Europe"، لصحيفة "فايننشال تايمز" في سبتمبر، بأنها تمثل "نقطة جذب للمنتجين الصينيين الراغبين بالتصدير إلى الولايات المتحدة وأوروبا في ظل السياسات الحمائية الجديدة".

تمكّنت صناعة السيارات في المغرب من بناء منظومة متكاملة تضم أكثر من 260 مصنعاً، مع اتجاهٍ مطّرد نحو السيارات الكهربائية حيث يتمّ حالياً إنتاج حوالي 50 ألف سيارة كهربائية سنوياً.

وتشهد السيارات، التي أصبحت القطاع التصديري الأول في المغرب، نمواً سنوياً بنحو 10%. وأفصح وزير الصناعة والتجارة أن بلاده كانت قبل عامين في المرتبة الثالثة من حيث التنافسية (المتعلقة بالأسعار) بعد الهند والصين في صناعة السيارات، لكن هذا العام أصبحت في المرتبة الأولى، مؤكداً أن ذلك يجذب المستثمرين من كل أنحاء العالم.

تصنيفات

قصص قد تهمك