تنبؤات الرئيس التنفيذي في أوائل 2022 أثبتت صحتها بعد خسارة ضخمة في هوامش أرباح "ريفيان" و"لوسِد"

توقعات ماسك تتحق ومنافسو "تسلا" يخسرون مليارات الدولارات

إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" - المصدر: بلومبرغ
إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

تقول القاعدة الأولى في عالم الأعمال إن عليك بيع منتجك بأكثر من تكلفة إنتاجه حتى تنجح، لكن هذه القاعدة غابت عن الشركات الناشئة المتخصصة في صناعة المركبات الكهربائية، التي تأمل في زحزحة "تسلا" عن عرشها.

فالشركات المبتدئة "المتعطشة لرأس المال"، مثل "ريفيان أوتوموتيف" و"لوسِد"، ما تزال تتكبد خسائر كبيرة عند تصنيع كل سيارة خلال محاولتها زيادة الإنتاج ببطء. ويُعرِّض ذلك هذه الشركات لخطر متزايد يتمثل في احتمال اللجوء يوماً ما للمساهمين للحصول على مزيد من الأموال.

على هذه الشركات أن تنتبه للأسلوب الذي تتبعه شركة "فيسكر" (Fisker) الناشئة للمركبات الكهربائية، حيث أثبتت طريقتها في تعهيد الإنتاج لشركات تصنيع أخرى من خلال التعاقد معها أنها تنطوي على مخاطر أقل، كما يرحب المستثمرون بهذه الاستراتيجية المتمثلة في الاحتفاظ بأصول محدودة.

خسائر فادحة لـ"ريفيان" و"لوسِد"

قرار "ريفيان" و"لوسِد" بانتهاج أسلوب "تسلا" المعتمد على "التكامل الرأسي"، الذي يعتمد على بناء المركبات وتطوير التكنولوجيا الأساسية بنفسهما، ساعد على توليد حماس ضخم بين المستثمرين الأفراد، على الأقل في البداية، كما حصلت مركبات الشركتين على تقييمات رائعة.

"ريفيان" تتوقع تزايد الخسائر بسبب التضخم وأزمات الإمدادات

لكن خسائر الشركتين تضخمت العام الماضي بسبب ارتفاع تكلفة إنتاج السيارات أكثر مما ينبغي، كما لا تستطيع الشركتان رفع الأسعار بما يكفي لتعويض الخسارة.

حذر الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا"، إيلون ماسك، منذ عام أن "ريفيان" ستتكبد هوامش إجمالية صادمة بالسالب، في إشارة إلى الأموال المتبقية بعد خصم تكاليف المدخلات المباشرة، مثل العمالة واللوجستيات والمواد وإهلاك معدات المصانع، من الإيرادات.

كتب ماسك في تغريدة على "تويتر": "إجمالي هامش أرباحهما بالسالب سيكون صاعقاً".

ماسك كان على حق

تصريحات ماسك ليست دقيقة دوماً، لكن في هذه الحالة كان محقاً تماماً. بلغت تكاليف إنتاج "ريفيان" قرابة 3 أضعاف إيرادها في 2022، ما تسبب في خسارة إجمالية قدرها 3.1 مليار دولار، وفقاً لأرقام نُشرت الثلاثاء الماضي، فيما بلغت الخسارة الإجمالية السنوية لـ"لوسِد" مليار دولار.

بعدحساب تكاليف الأبحاث وعملية البيع والتكلفة الإدارية، أفصحت الشركتان عن خسائر تشغيلية بلغت 6.9 مليار دولار و2.6 مليار دولار على التوالي.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

عام سيئ لمصانع السيارات

من الإنصاف الاعتراف بأن 2022 كان عاماً سيئاً لتشغيل مصنع سيارات جديد بكفاءة، إذ تسبب نقص الأجزاء والعراقيل اللوجستية في زيادة التكاليف وإيقاف خطوط الإنتاج.

في تلك الأثناء، دفع تضخم تكلفة المدخلات شركات التصنيع هذه إلى تسجيل خفض كبير في قيمة المخزون.

تتسم المصانع المصممة لإنتاج عشرات الآلاف من السيارات سنوياً بعدم الكفاءة بشكل كبير حينما يكون الناتج من خطوط الإنتاج نسبة ضئيلة من هذا الرقم. يُعتبر توليد عوائد محدودة أسوأ عندما تُستخدم السيولة دون بيع أي سيارات على الإطلاق. كما يحد حجم المبيعات المنخفض من قدرة المصنّعين على إبرام صفقات جيدة مع الموردين.

2025 موعد الإنتاج الكامل لسيارات "لوسِد" الكهربائية في السعودية

أدى ارتفاع أسعار الفائدة وضعف الطلب من جانب المستهلكين مؤخراً إلى صعوبة تعامل صانعي السيارات الكهربائية مع أوجه القصور تلك عن طريق رفع الأسعار، كما زادت "تسلا" الضغوط على تلك الشركات بخفض أسعار مركباتها.

بدايات "تسلا"

يُعد حجم إجمالي هامش الأرباح بالسالب وطبيعته المطوّلة، أكبر بكثير من كل ما مرت به "تسلا" في بداياتها؛ فقد انخفض إجمالي هامش أرباحها لفترة محدودة إلى سالب 17.5% عندما أطلقت سيارتها من طراز "موديل إس" (Model S) السيدان في 2012، لكنها تعافت بعد فترة وجيزة. ويبلغ إجمالي هوامش أرباح "تسلا" الآن قرابة 25%.

كيف قلب ماسك فشل "تسلا" إلى انتصار؟

يسير إجمالي هامش أرباح "ريفيان" و"لوسِد" في الاتجاه الصحيح على الأقل، ويعود ذلك جزئياً إلى أن حجم المبيعات الأكبر يتيح تقسيم نفقات العمالة وغيرها من النفقات الثابتة على مزيد من الوحدات، كما تراجع سعر عدد من المواد الخام الرئيسية مؤخراً مع بدء الشركتين العمل على الطلبيات الجديدة بتسعير أفضل. لكنها لا تتحسن بالسرعة الكافية.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

توقعات بعدم تحقيق أرباح

أبلغت "ريفيان" المستثمرين، الثلاثاء، أنها لا تتوقع تحقيق إجمالي هامش أرباح إيجابي حتى 2024. في تلك الأثناء، رفضت "لوسِد" تقديم جدول زمني لتحقيق إجمالي هوامش أرباح إيجابية.

أسهم "لوسِد" تتراجع 13% بعد نتائج دون التوقعات

لكن إرشادات إنتاج الشركة لما يصل إلى 14 ألف مركبة لعام 2023، التي صدرت الأسبوع الماضي، كانت أقل من المستويات التي يمكن عندها تحقيق هوامش أرباح إيجابية. (عندما أصبحت " لوسِد" شركة مساهمة عامة من خلال شركة استحواذ ذات أغراض خاصة في 2021، توقعت الشركة تحقيق إجمالي هوامش أرباح إيجابية بحلول العام التالي).

ما تزال "ريفيان" و"لوسِد" تتمتعان بأرصدة وقائية في صورة سيولة نقدية تبلغ مليارات الدولارات. اضطرت شركات تصنيع المركبات الكهربائية، التي تعاني من نقص السيولة، لاتخاذ خطوات جذرية.

الحفاظ على السيولة النقدية

تعمدت شركة "نيكولا" (Nikola) إبطاء إنتاج شاحناتها الكهربائية للنقل الثقيل، بغرض الحفاظ على السيولة النقدية، كما حذرت الأسبوع الماضي من أنها قد تعاني من نفاد السيولة خلال الأشهر الـ12 المقبلة.

كان استنتاج الشركة الصريح في نوفمبر الماضي كالآتي: "كلما ارتفع عدد الشاحنات الكهربائية التي نبيعها؛ سيزداد إجمالي الخسارة على المدى القصير".

تتوقع "نيكولا" إجمالي هامش أرباح بالسالب يبلغ 75% إلى 95% لعام 2023 – وهو ما يمثل تحسناً مقارنةً بعام 2022 لكنه ما يزال سيئاً للغاية.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

إيقاف إنتاج "لوردزتاون موتورز"

على نحو مشابه، أعلنت صانعة الشاحنات "لوردزتاون موتورز" (Lordstown Motors)، الأسبوع الماضي، إيقاف إنتاجها بالكامل واسترداد ما باعته من السيارات بسبب مشكلات في جودة المكونات، بعدما تبنّت بالفعل نهجاً ينطوي على التروي في اتخاذ خطوات في مصنعها بولاية أوهايو، الذي تملكه الآن مجموعة "فوكسكون تكنولوجي" التايوانية.

"فوكسكون" تكشف عن شاحنة وسيارة "كروس أوفر" كهربائيتين

لحسن الحظ، سلمت "لوردزتاون" 19 مركبة فقط حتى الآن، لذا فإن استردادها لن ينطوي على تعقيدات كثيرة.

تُعد "فيسكر" استثناءً لقصة متاعب المركبات الكهربائية هذه. عبر تعهيد الإنتاج لشركة "ماغنا إنترناشونال" (Magna International)، تعتقد الشركة الناشئة أن بإمكانها تصنيع أكثر من 40 ألف مركبة في 2023، وهو أول عام كامل لها من الإنتاج، وتحقيق إجمالي هوامش أرباح تصل إلى 12%، وفقاً لتوقعات الشركة المنشورة الإثنين الماضي. ورفعت ثقة "فيسكر" المفاجئة أسهمها 30%.

مصير شركات صناعة السيارات

عندما وجدت "فيسكر" في حوزتها أقل من 750 مليون دولار على هيئة سيولة نقدية في نهاية ديسمبر الماضي، دفعها ذلك لمواصلة انتهاج استراتيجية الاحتفاظ بأصول محدودة، وما يزال على الشركة عمل الكثير من الأشياء لإثبات نفسها، حيث أنتجت 56 مركبة فقط إلى الآن، وعليها إصدار شهادة بصلاحيتها للبيع.

لكن عدم محاولة الشركة تجاوز قدراتها يعد أمراً حكيماً. وقال المدير المالي والمؤسس المشارك، غوبتا فيسكر، للمستثمرين يوم الإثنين: "لا نملك تلك المصانع العملاقة، ولا تكاليف بمليارات الدولارات، لتحديد حسابات أو تقدير الإهلاك بناءً عليها".

فات الأوان على "لوسِد" و"ريفيان" للتراجع عن سعيهما المفرط للحصول على رأس المال. حتى في الوقت الحالي، تبني "ريفيان" مصنعاً ثانياً في جورجيا فيما تؤسس "لوسِد" مصنعاً آخر في السعودية وسيكون صندوق الاستثمارات العامة السعودي هو صاحب حصة الأغلبية في الشركة.

ربما تثبت التكنولوجيا الضخمة والاستثمارات في البرمجيات أنها عامل مساعد للشركتين، بمجرد توسيع نطاق عملهما، فذلك ما حدث مع "تسلا"، لكن مصيرهما حتى ذلك الحين سيعتمد على استهلاك السيولة النقدية. وتبعات ذلك هي أن سعر السهم سيكون أقل بكثير مما دفعه المستثمرون.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة