عانت "تويوتا موتور" لتفسير استراتيجيتها للمستثمرين والمستهلكين والجماعات البيئية والمتعلقة بتوزيع رهاناتها في آنٍ واحد بين المركبات الهجينة وتلك التي تعمل بالهيدروجين والسيارات الكهربائية العاملة بالبطاريات.
تلك الاستراتيجية عززت الانتقادات الموجهة لأكبر شركة لصناعة السيارات في العالم بسبب عدم تبني مستقبل كهربائي بالكامل، وهذا انتقادٌ وجيه من ناحية، إذ باعت "تويوتا" أقل من 25 ألف سيارة كهربائية العام الماضي، بينما تجاوزت مبيعات "تسلا" 3 ملايين سيارة.
خطة طويلة للتحول للانبعاثات الصفرية
لكن من ناحية أخرى، تصنع "تويوتا" السيارات الهجينة منذ أكثر من عقدين، وتخطت إجمالي مبيعات سيارة "بريوس" الرائدة وحدها 5 ملايين سيارة، وتؤكد عملاقة صناعة السيارات اليابانية على قيامها بدورها في خفض الانبعاثات لكن ضمن خطة طويلة المدى، وعلى أنها ستصبح من بين الشركات التي تتمتع بموارد وتكنولوجيا وإصرار لدفع التحول إلى صافي انبعاثات صفرية والذي سيستغرق سنوات عديدة.
اقرأ أيضاً: "تويوتا" تتوقع ارتفاع إنتاج سياراتها بأكثر من 10% في 2023
وقعت أغلب مسؤولية إقناع أصحاب المصلحة بهذه الاستراتيجية على عاتق أكيو تويودا، الذي أعلن الأسبوع الماضي تنحيه عن منصب الرئيس التنفيذي ليصبح رئيساً للشركة بدايةً من أول أبريل.
"الكربون هو العدو"
لم يكن هناك أفضل من تويودا، حفيد مؤسس "تويوتا" والذي قاد صعودها لتتخطى "فولكس واجن" من حيث المبيعات السنوية، لشرح استراتيجية الشركة.
لكن تويودا فشل أحياناً في نقل رسالة الشركة. في 2021، وبينما يستعرض مزايا المحركات التي تحرق الهيدروجين بدلاً من البنزين، قال ساخراً: "الكربون هو العدو، وليس محركات الاحتراق الداخلي"، ما اعتبره منتقدو الشركة دفاعاً غريباً عن تكنولوجيا الاحتراق الداخلي.
اقرأ أيضاً: "تويوتا" تستثمر 5.6 مليار دولار لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية بأميركا واليابان
وبسبب طبيعة "تويوتا" كشركة عائلية، لا يُمثل انتقاد استراتيجيتها أمراً مهنياً فقط إنما شخصياً أيضاً، إذ يعمل دايسوك، نجل تويودا في "ووفن بلانيت هولدينغز" (Woven Planet Holdings)، التابعة لـ"تويوتا"، المسؤولة عن أعمال التطوير المتقدمة المعتمدة على البرمجيات والقيادة الذاتية، والتي تمثل الركيزة الأساسية لنمو الشركة، التي تأسست قبل 85 عاماً، خلال الخمسة والثمانين عاماً المقبلة.
اختيار مناسب
رغم أن تغيير "تويوتا" لسياستها فيما يخص السيارات الكهربائية سيكون مفاجئاً، بالنظر إلى استمرار انخراط تويودا في الإدارة كرئيس، فقد ألمح الرجل البالغ من العمر 66 عاماً، خلال إعلانه الأسبوع الماضي عن تسليم مهام الرئيس التنفيذي، إلى صغر سن ساتو وقدرته على "تجاوز حدود لا يمكنني أنا تخطيها".
قاد ساتو "لكزس" نحو تسجيل نمو قوي في المبيعات. وعلى مدى العامين الماضيين، شغل ساتو منصب كبير مسؤولي العلامة التجارية للشركة بالكامل، وهو مهندس ذو خبرة واسعة ودائم الابتسام، لذا يمكنك معرفة سبب اختيار حفيد مؤسس الشركة له.
فكر جديد
رداً على سؤال أحد المساهمين خلال الاجتماع السنوي للشركة العام الماضي حول من يعقبه في القيادة، قال تويودا إن من يخلفه لا بد أن يكون لديه "إيمان راسخ بسبب وجود (تويوتا)"، وأنه حريص على مواصلة ضخ فكر جديد في الإدارة.
اقرأ أيضاً: تويوتا تنتج عدداً قياسياً من السيارات وأسهمها تقلص خسائر العام
بنهاية 2021، عندما أعلنت "تويوتا" استراتيجيتها للسيارات الكهربائية بقيمة 4 تريليون ين (31 مليار دولار)، نشرت مقطع فيديو يجمع ساتو وتويودا يركبان معاً نموذجاً لسيارة كهربائية من طراز "لكزس"، ومع استذكار هذا الفيديو، يُتأكد أنه كان مؤشراً واضحاً على التخطيط لتولي ساتو زمام الأمور فيما بعد.
تذمر تويودا في مطلع الفيديو من بطء حركة السيارة، وتساءل: "ماذا سيحدث إذا أردت أن أتحرك أسرع؟"، أجاب ساتو: "لك هذا"، ثم صاح كلاهما "يا للروعة" مع انطلاق السيارة.
والآن، كل ما يحتاجه رئيس الشركة والرئيس التنفيذي الجديد هو إقناع الجميع باستراتيجية السيارات الكهربائية لشركة "تويوتا".