نموذج العمل الهجين المرن أصبح غير قابل للنقاش بالنسبة إلى بعض الموظفين

3 تنبؤات للإنتاجية خلال عام 2023

مباني المكاتب في ثيرد أفينيو بمدينة نيويورك في الولايات المتحدة  - المصدر: بلومبرغ
مباني المكاتب في ثيرد أفينيو بمدينة نيويورك في الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

كيف سيكون شكل مكان العمل بعد مرور عام من الآن؟

تعرّض عالم العمل لهزة في صميمه لا يمكن إنكارها منذ تفشي كوفيد-19، ونتج عنها حالة ضبابية بعيدة تماماً عن الانقشاع، لكن يوجد أمر واحد جلي، وهو أن الافتراض العملي بأن الحياة داخل المكاتب قد "تعود" إلى ما كانت عليه قبل 2020 هو افتراض خاطئ.

يقول 3 من بين كل 4 موظفين إن نموذج العمل الهجين بات حالياً بالنسبة إليهم أمراً غير قابل للنقاش. سيشهد العام الجديد نوعاً من العودة إلى العمل من المكاتب، ولكن من ذلك النوع الذي سينُظم بطريقة مختلفة تماماً. نستعرض في ما يلي 3 تنبؤات لمكان عمل أقوى وأكثر سعادة وإنتاجية.

نهاية الخجل من المرونة

مع أوائل 2022 وضعت خبيرة الموارد البشرية البريطانية جيما ديل عبارة "الخجل من المرونة" في منشور لها على موقع "لينكد إن". يجسد هذا التعبير جيداً النيات السيئة التي أظهرها بعض القادة تجاه الموظفين غير الحاضرين أمامهم شخصياً. ومن أشهرهم ديفيد سولومون من مصرف "غولدمان ساكس" الذي وصف العمل عن بُعد خلال 2021 بأنه "انحراف سنُصححه بأسرع وقت ممكن". في أكتوبر الماضي، صرح سولومون لمحطة تليفزيون "سي إن بي سي" بأن 75% من موظفيه كانوا يعملون من المكتب في أي يوم من أيام الأسبوع قبل تفشي وباء كورونا، وتبلغ هذه النسبة حالياً نحو 65%، لكن حتى لو كان رؤساء الشركات يعتقدون أنه باستطاعتهم فرض إرادتهم، فإن التعديلات التشريعية بكل أنحاء العالم تفضل انتهاج المرونة.

يتمتع ما يزيد على مليار شخص، بدايةً من اليونان وصولاً إلى تايلندا، فعلاً بالتعديلات القانونية التي تسهل العمل عن بُعد -الهجين-، وما يهم هو توفير ثقافة الثقة والشفافية بين رؤساء الشركات والموظفين للتوصل إلى حلول، ليس باعتبارها سياسة محضة ولكن عن طريق التوصل إلى اتفاق بالتراضي. لا يوجد مكان للخجل من نموذج العمل المرن في 2023.

مواجهة تحديات العمل الهجين

لا يعني هذا أن العمل الهجين عبارة عن نزهة. تكشف البيانات العالمية الأخيرة الصادرة عن شركة الاستشارات العقارية "جيه إل إل" أن توزيع العمل بين المكتب والمنزل يشكل معضلة ضخمة. يشعر 25% تقريباً من القوى العاملة بالنظام الهجين بالعزلة الاجتماعية، ويتوقع 59% منهم الاهتمام بصحتهم ورفاهيتهم حيثما يعملون. يتزايد القلق حيال التماسك الاجتماعي والإنتاجية في المكاتب بنظام العمل الهجين: قال مارك بينيوف، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة التكنولوجيا "سيلز فورس" (Salesforce)، وهو عضو أيضاً بمجلس إدارة المنتدى الاقتصادي العالمي، مؤخراً عبر اجتماع للشركة بأكملها عبر تطبيق "سلاك" (Slack)، إن الموظفين الجدد لم يكونوا منتجين بالقدر الكافي، وسأل: "هل لا يمكن بناء معرفة داخلية بالشركة مع موظفين جدد دون اكتساب ثقافة العمل من خلال المكتب؟".

أخبرتني جوانا سواش، الرئيس التنفيذي لتطبيق الرد على المكالمات والدردشة الحية "موني بيني" (Moneypenny)، التي أنشأت حانة بمقرها الرئيسي في ريكسهام بويلز لجعل مكتبها جذاباً قدر الإمكان، عبر البودكاست الخاص بي "نو وير أوفيس" (Nowhere Office): "أنا من أشد المؤمنين بالعمل من المكتب، لكنني أيضاً مؤمنة بشدة بأن أي مكان يعمل فيه شخص ما، يتعين أن يكون بيئة ملائمة له".

بتعبير آخر، يعد إطلاق اسم مكان العمل حسب مكان العمل السبيل الوحيدة للمضي قدماً. في أثناء حديثه مؤخراً بمنتدى دراكر العالمي بفيينا، أوضح فراوك فون بولييه من شركة التصنيع الألمانية "فيسمان" (Viessmann)، الذي انتُخب لمنصب كبير موظفي الموارد البشرية الأوروبيين لعام 2022، أن تجربة التغييرات لمدة قصيرة مثل 3 أشهُر أو طويلة مثل سنة يجب أن تكون هي الوضع الطبيعي الجديد حتى تستقر الأوضاع.

مكان العمل مساحة اجتماعية

قال فون بولييه عبر منشور حديث له على موقع "لينكد إن": "كيف تتأكد من ترسخ ثقافتك؟ حسناً، تبدأ من القمة وتقدم الطعام للأشخاص… وطبعاً يتعين أن تكون الحلوى مجانية!". منذ أن التحقت بالعمل في "بلومبرغ وورك شيفت" ككاتب رأي، أحرص على المجيء إلى مكتب لندن بصورة متكررة لتسجيل الحضور مع زملائي، ويأتي المصعد إلى نفس الطابق أولاً. يطلق على هذا الطابق "مستودع المؤن"، وقد جرى تصميمه باعتباره مركزاً اجتماعياً لعقد الاجتماعات وتناول وجبات الطعام الخفيفة والمشروبات الساخنة والتواصل وجهاً لوجه، قبل أن يتجه الأشخاص إلى وحدات العمل أو غرف الاجتماعات. جرى وضع وصف على صفحة bloombergpantry@ بموقع "إنستغرام" يقول: "مكان لقاء موظفينا وأغراضنا".

رغم أن البيانات تكشف أن 84% من تراجع مساحة المكاتب مرتبط بالعمل الهجين، فإن تغيير الغرض من كلا المكتبين ليكون أكثر اجتماعية، علاوة على الاستثمار في تجربة العمل، آخذ بالتصاعد. كشف استطلاع للرأي شمل عاملين بمكاتب أميركية أجرته شركة العقارات "سي بي آر إي" أن 36% من القادة يرعون تجارب وفعاليات مكان العمل في إطار استراتيجيتهم لخلق بيئة اجتماعية وزيادة الحضور للعمل من المكاتب. أتوقع أن تنمو هذه النسبة، يحتاج الناس إلى سبب للحضور في مكان يتجاوز تكنولوجيا الهاتف المحمول التي يمكنهم الوصول إليها من أي مكان، والسبب بسيط: الأشخاص الآخرون.

بينما ينتقل عالم العمل من التركيز على المكان إلى الأشخاص، فإننا جميعاً نحتاج إلى العمل والالتقاء داخل مكان ما. نطمح إلى أن يكون 2023 هو عام العودة إلى المكاتب بحلته الجديدة والمحسنة.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك