باع المستثمر القديم في "تسلا" تريفور غودوين، ما قيمته 30 ألف دولار من أسهم شركة السيارات الكهربائية بعدما سئم من تصرفات إيلون ماسك على "تويتر".
غودوين البالغ من العمر 46 عاماً، بدأ الاستثمار في "تسلا" منذ حوالي خمس سنوات، ويمتلك هو وزوجته سيارات من الشركة. وبعدما كان يتحدث مع أصدقائه عن السيارات، باع الآن معظم أسهمه، محتفظاً بما قيمته 500 دولار فقط. قال إنَّه لم يعد لديه الاستعداد للتعامل مع سلوك الملياردير رئيس الشركة التنفيذي.
قال المحلل الاقتصادي من مدينة كانساس في ولاية ميسوري: "الأمر يبدو كما لو أنَّه تخلى عنا من أجل مهمته الجديدة.. كنت أعارضه كلياً عندما أعلن أنَّه سيشتري (تويتر)، لأنَّه بذلك يصرف الاهتمام عن (تسلا) وكل ما يحاول تحقيقه فيها".
أكمل ماسك مؤخراً استحواذه على "تويتر" في صفقة بقيمة 44 مليار دولار، بعد عام مضطرب مليء بالدعاوى القضائية والمعارك الحكومية ومشاكل الحسابات المزيفة. باع الرئيس التنفيذي ما لا تقل قيمته عن 36 مليار دولار من أسهمه في "تسلا" لتمويل عملية الاستحواذ، كما أثرت المخاوف الأوسع حول كيف يقسّم وقته بين شركاته العديدة على أسهم شركة السيارات، والتي انخفضت بنحو 50% هذا العام. وفي غضون ذلك، انخفضت ثروة ماسك الصافية بأكثر من 90 مليار دولار.
منذ الاستحواذ، طرد ماسك معظم موظفي "تويتر"، وسمح باستعادة الحسابات المحظورة، واشتبك مع المعلنين بمن فيهم "أبل"، وهو يقضي معظم وقته في التغريد، مدافعاً عن رؤيته لحرية التعبير، ويطلب من متابعيه التصويت للحزب الجمهوري.
تثير كل هذه الفوضى قلق المستثمرين في الشركة التي جمع ماسك ثروته من خلالها، ويسألون: ماذا يحدث لشركة "تسلا" مع رئيسها التنفيذي الذي يبدو مشتتاً للغاية؟
الوجهة المفضلة للمستثمرين الأفراد
لقد أحب التجار الصغار شركة صناعة السيارات الكهربائية، وخصوصاً أولئك الذين بدأوا الاستثمار من خلال السوق الصاعدة في فترة تفشي الوباء، وهو ما دفع القيمة السوقية لشركة "تسلا" إلى أكثر من تريليون دولار، وجعل ماسك يغدو الرجل الأغنى في العالم.
الكثير من مالكي الأسهم لم تردعهم الخسائر الأخيرة، والتي بلغ مجموعها وفقاً لمركز "فاندا للأبحاث" (Vanda Research) نحو 78 مليار دولار هذا العام بالنسبة إلى المستثمرين الأفراد. إذ قال المركز إنَّ مخصصات "تسلا" حالياً تشكل 10% تقريباً من متوسط محفظة استثمار الأفراد، كما أنَّ العديد من أكبر المستثمرين المؤسسين في الشركة ارتفعت مراكزهم في الأشهر الأخيرة.
تعرّضت أسهم "تسلا" لضربة أوسع نطاقاً من الركود في كل من أسهم التكنولوجيا، وأزمة سلاسل التوريد، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف المواد الخام، وعمليات الإغلاق في الصين. لكن، ومن دون شك، فإنَّ صفقة "تويتر" ومبيعات أسهم ماسك اللاحقة أدت إلى الانخفاض. فقد تراجعت "تسلا" بعدما كشف بداية عن خطته لشراء "تويتر"، كما أدت عمليات البيع التي جرت في مرحلة أعقبت الاستحواذ إلى تسجيل أسهم الشركة أدنى مستوياتها منذ نوفمبر 2020.
قال ماسك إنَّ إضافة "تويتر" إلى مجموعة شركاته، والتي تشمل أيضاً "سبيس إكس تكنولوجيز" (Space Exploration Technologies)، تعني أنَّه يعمل 120 ساعة أسبوعياً، بعدما كان يعمل من 70 إلى 80 ساعة في السابق. ولم يجب ماسك عن طلب للتعليق على الأمر.
مستثمرون لا يتفقون مع قرارات إيلون ماسك
برغم كل شيء، يبقى الكثير من المتداولين مخلصين، حتى لو لم تعجبهم الطريقة التي تسير بها الأحداث. ووفقاً لمركز "فاندا"؛ فإنَّ صندوق "إس بي دي آر إس آند بي 500 تراست" (SPDR S&P 500 Trust)، وحده يتفوق على "تسلا" كأكثر المنتجات المالية التي يشتريها المستثمرون الأفراد منذ بداية العام.
كان إيرل بانينغ، عالم النفس العسكري في أنكوراج في ألاسكا، من محبي "تسلا" منذ 2015، حين اشترى للمرة الأولى بضع مئات من الأسهم. ومرّ بمراحل صعود وهبوط، ودافع عن ماسك على وسائل التواصل الاجتماعي إلى جانب مؤيدين آخرين، لكنَّه مع ذلك قال: "فقدت الشركة مؤخراً الكثير منا... أنا مؤمن بإمكانات (تسلا) و(سبيس إكس)، وكنت على يقين بأنَّ هذا سيكون مصدر إلهاء". قال بانينغ ذلك مستشهداً بعربة "سايبر تراك" التي سيتم إصدارها لاحقاً، وأنصاف الشاحنات التي أطلقتها "تسلا" حديثاً، كمشاريع ينبغي على ماسك التركيز عليها. لا يخطط بانينغ لبيع مركزه الذي يبلغ آلاف الأسهم حالياً بفضل تقسيم الأسهم المتعددة، لكنَّه يأمل بأن يكون ماسك أبعد عن السياسة والإثارة. وقد علّق في هذا الإطار: "كان الأمر غير ضروري نهائياً...توقف عن ذلك، فلديك شركة سيارات ممتازة".
مستقبل غير مؤكّد
بالنسبة إلى جوناثان باتشيلور، أحد مستثمري "تسلا" في مدينة فينيكس؛ فإنَّ أكثر ما يثير القلق في الوضع الحالي هو أنَّه من غير الواضح من يدير "تسلا" الآن، حيث يقضي ماسك الكثير من وقته في "تويتر". وقد بدأ المحامي البالغ من العمر 43 عاماً الاستثمار في شركة صناعة السيارات للمرة الأولى بداية من عام 2019، مما يعني أنَّه استغل أرباح فترة الوباء، ثم عانى من السقوط الذي أعقبها. وقد أرجع سبب هذا الانخفاض إلى البيئة الكلية الأوسع نطاقاً، وتراجع أسهم السيارات الكهربائية المبالغ في تقديرها. لكنَّ خبر الاستحواذ على "تويتر" لم يساعد. وهو يبحث الآن عن نوع من التوجيه من إدارة "تسلا"، أو طمأنة ما للمستثمرين بأنَّ الشركة تقف على قاعدة صلبة، حتى لو كان رئيسها التنفيذي مشتت الانتباه.
الجانب الإيجابي يكمن على الأقل في أنَّ أخطاء ماسك الفادحة في "تويتر" لا تؤثر بشكل مباشر على أساسيات "تسلا".
أضاف باتشيلور: "في بعض النواحي، قد يكون من المفيد لبعض شركات إيلون أن يمر هو بالقليل من الصعوبات المتزايدة في إدارته لـ(تويتر)، وأن يتعلم الدروس في التعامل مع تلك الشركة، بدلاً من ارتكاب الأخطاء في (تسلا)".