تضطر شركات صناعة الصلب الروسية، الأكثر ربحية بين كل شركات القطاع على مستوى العالم قبل الحرب في أوكرانيا، إلى البيع بتخفيضات كبيرة لبعض المشترين.
تأتي تلك التخفيضات في وقت تتضاءل فيه الخيارات أمام المنتجين الروس، مع التضييق على المبيعات في السوق الأوروبية الرئيسية بسبب العقوبات، كما أصبح العملاء في أماكن أخرى أكثر حذراً من التعامل مع الشركات الروسية التي باتت تبحث عن مشترين جدد، لكنَّ العملاء الجدد يرغبون في الشراء بأسعار أقل.
على سبيل المثال؛ يطالب المستوردون في آسيا شركات كبرى مثل "سيفرستال" (Severstal PJSC) ببيع لوح الفولاذ بخصومات تصل إلى 40% عن سعر السوق، وفقاً لثلاثة مصادر مطلعة على الأمر طلبت عدم الكشف عن هوياتهم لأنَّ المعلومات خاصة، والذين أكدوا أنَّ العملاء في تركيا يريدون خصماً على الأسعار أيضاً.
قالت المصادر، إنَّ بعض منتجات الصلب الروسية أصبحت غير مربحة حالياً، لأنَّ القطاع يتأثر أيضاً بقوة الروبل، وارتفاع أسعار الفحم والشحن، وتكاليف التأمين على الشحن.
تشهد البلاد تحولاً صارخاً في صناعة الصلب، التي تساهم بشكل رئيسي في حجم صادرات روسيا، وكانت تتمتّع بتكلفة منخفضة للغاية على مدار عقود، فقد تجاوزت هوامش ربحيتها في بعض الأحيان 40% مقارنة بأقل من 10% لأقرانها في الخارج.
تحديات متعددة
تأتي الانتكاسة التي تواجه قطاع الصلب في روسيا مع "التقسيم الذاتي" عبر أسواق السلع الأساسية، إذ يتصارع التجار والمصنّعون حول ما إذا كان يتعيّن عليهم تجاوز القيود التي تفرضها الحكومات.
على سبيل المثال، يؤدي إحجام التجار عن التعامل مع البلاديوم الروسي إلى اختلال كبير في الأسعار بين المراكز التجارية في أوروبا ونيويورك.
على صعيد الصلب، تشمل الشركات الروسية المتضررة من عقوبات الاتحاد الأوروبي أو بريطانيا: "سيفرستال"، و"آيفراز" (Evraz Plc)، و"ماغنيتوغورسك أيرون أند ستيل" (Magnitogorsk Iron & Steel PJSC)، حيث حظر "الاتحاد الأوروبي" استيراد بعض المنتجات الروسية. بالإضافة إلى ذلك، يواجه المنتجون الروس تحدياً بسبب ارتفاع سعر صرف الروبل، مما يقلل الدخل من التصدير، فعلى الرغم من العقوبات الشاملة؛ أدت القيود المفروضة على رأس المال وزيادة الصادرات إلى ضعف الطلب على النقد الأجنبي، ودفعت الروبل مؤخراً إلى تسجيل أعلى مستوياته منذ 2018.
وبرغم توقف ارتفاع الروبل بسبب خفض سعر الفائدة مرة أخرى هذا الأسبوع؛ يبقى سعر صرف العملة قوياً للغاية بالنسبة لمصدري الصلب حتى يمكنهم تحقيق ربح من بعض المنتجات الرئيسية.
قالت المصادر، إنَّ المبيعات إلى الصين تُكبّد المنتجين خسارة تبلغ نحو 16 ألف روبل (239 دولاراً) لكل طن من الصلب.
قال أليكسي سينتيورين، المدير التنفيذي لـ"اتحاد الصلب الروسي" لصحيفة "آر بي سي" هذا الأسبوع، إنَّ بعض المنتجين بدأوا في خفض الإنتاج.
رفضت "سيفرستال" و"نوفولايبتسك ستيل" (Novolipetsk Steel PJSC) و"أيفراز" التعليق لـ"بلومبرغ نيوز".
قال متحدث باسم "ماغنيتوغورسك أيرون أند ستيل"، إنَّ الشركة خفّضت الإنتاج بالفعل، وتعمل الآن بمستوى طاقة أقل بنسبة 40% تقريباً مقارنة بطاقة الإنتاج في يناير وفبراير.
تتوقَّع "وزارة الصناعة والتجارة" في روسيا تراجع الطلب المحلي على الصلب بنسبة 9% هذا العام.
طالب المنتجون الروس تخفيف الضرائب بسبب تضرر أعمالهم من الحرب، برغم عدم استجابة الحكومة لمطالباتهم بعد.