لقد أمضيت ثلاث سنوات مكثفة في التدريب على "جيت كون دو"، وهو تعبير عن فنون الدفاع عن النفس التي طورها "بروس لي"، قبل أن أصل أخيراً إلى نادي "ليونغ تينغ" ذي الإضاءة الساطعة في حي "ياو ما تي" في هونغ كونغ.
"وينغ تشون"
بين الفاكهة وأسواق أحجار "اليشم" الكريمة، يؤدي سلمٌ ضيق إلى هذه المنطقة الحية من التاريخ. تم تسميته على اسم أحد آخر تلاميذ "غراند ماستر"، إيب مان، وهو أحد أكثر معلمي "بروس لي" تأثيراً، والذي ساعد في الترويج لرياضة، "وينغ تشون"، وهي إحدى أساليب "الكونغ فو" القتالية والتي ترجع نشأتها إلى 300 عام.
لا يَسمح "ليونغ تينغ" عادةً بالزوار أو بالطلاب الذين يأتون من مكان آخر، لذا فمن الرائع أن الحارس الخاص بي في فندق "روز وود هونغ كونغ"، قد أوصلني إلى هذا الحد.
من خلال نافذة صغيرة على باب بلون "الخردل"، شاهدت أنا وحارسي في رهبة، ثلاثة طلاب يؤدون حركات اليد الدائرية والخطية الخاصة برياضة "تشي ساو".
تعتبر الكانتونية (الأيدي اللاصقة)، طريقة هادئة وسلسة لنزع طاقة الخصم المهاجم، وهو درس يرجع عمره إلى قرون، بإعطاء المهلة تحت الضغط.
وبالنظر بدقة على التفاصيل، أفكر في مؤسس رياضة "وينغ تشون"، وهي راهبة بوذية تُدعى، "نغ موي"، من معبد "شاولين" الصيني الأسطوري. لقد شجعني نظامها القتالي المُصمم خصيصاً للأشخاص الأصغر حجماً كامرأة أمريكية آسيوية بطول 5 أقدام و2 سم.
تنوع فنون الدفاع عن النفس في الثقافات المختلفة
عندما بدأت التدريب، اعتقدت أنه شيء ما يمكن ممارسته من المنزل. لكن كما تعلمت في "ليونغ تينغ"، فإن فنون الدفاع عن النفس في سياقها الأصلي ما هي إلا بوابة للثقافات الأخرى، حيث تتشابك وتدل كل حركة على التراث والفلسفة.
في فرنسا، يوجد فن الملاكمة الفرنسية، "سافات"، وهو فن ركل يرجع للقرن التاسع عشر تطور من قتال الشارع الباريسي، ولكنه يتمتع أيضاً بأناقة البالية.
طور اليهود في تشيكوسلوفاكيا، خلال ثلاثينيات القرن الماضي، فن الدفاع عن النفس، "كراف مغا"، والذي استخدمه الجيش الإسرائيلي في الدفاع عن أنفسهم.
تعتبر فنون الدفاع عن النفس الفلبينية ممارسة جميلة، ولكنها مميتة، وكان عليها أن تتنكر كرقصة ثقافية بعد أن حظرها المستعمرون الإسبان في الفلبين، الآن أصبح معترفاً بها باعتبارها كنزاً وطنياً.
تعليم فنون الدفاع عن النفس بالمنتجعات
تستغل العديد من المنتجعات ذات الفكر الحديث، اليوم، صناعة فنون الدفاع عن النفس، التي تحقق ما يُقدر بنحو 4 مليارات دولار في الولايات المتحدة كل عام، كوسيلة لتلبية مطالب المسافرين للحصول على تجارب مغامرات حقيقية.
يمكن أن تُشعِركَ الدعوة إلى عالمٍ خاص بنوع من الضيافة الحقيقية، والتي يسعى إليها العديد من المسافرين، فهي غنية ثقافياً سواء بالمتاحف، أو المسارح، أو الطعام.
في منتجع "وان آند أونلي ديسارو" الذي تم افتتاحه مؤخراً، وهو منتجعٌ يقع على الطرف الجنوبي الاستوائي لماليزيا، يمكن للضيوف دراسة أساسيات "السيلات"، وهو أسلوب قتالي من جنوب شرق آسيا، يُمارس على إيقاع طبول "كومبانغ" اليدوية ذات الرأس الواحد.
المُعلم والمُدرب هو محمد المعز، الذي يحمل لقب "الماستر المراوغ" من الاتحاد الوطني للسيلات في البلاد. تبلغ تكلفة درس مدته 45 دقيقة، 60 دولاراً للشخص الواحد، وهي نفس تكلفة الجلسة الخاصة مع أحد محترفي التنس في المنتجع، ولكن مع بُعد إضافي يتمثل في إبراز الثقافة الماليزية.
"المواي تاي"
في تايلاند، يقدم منتجع "كابيلا بانكوك"، الذي تم تأسيسه منذ ثمانية أشهر، خدمة مماثلة. عندما ينحسر الوباء، سيكون المنتجع هو المكان الوحيد في المدينة لأخذ درس خاص مع بطلة "المواي تاي" السابقة، "بارينيا كياتبوسابا"، المعروفة باسم "كرو توم".
في مقابل 145 دولاراً، ستعلمك "كرو توم"، الأسرار وراء استخدام السيقان والركبتين والمرفقين والقبضات كـ "ثمانية أطراف" للقتال في فناء المنتجع المظلل بالأشجار على ضفاف نهر "تشاو فرايا".
بمساعدة مترجم، ستقدم أيضاً بعض السياقات التاريخية لـ"المواي تاي"، المستمدة من قرون من التكتيكات المستخدمة في مملكة "سيامي" القديمة، وتشارك رحلتها الشخصية لتصبح واحدة من الملاكمين المتحولين جنسياً القلائل في العالم.
"الكابويرا"
يقدم منتجع "أكسوا كاسا آند سبا" في ترانسكو بالبرازيل، ولاءً لرياضة "الكابويرا"، وهي رقصة بهلوانية إقليمية ابتكرها المستعبدون من غرب أفريقيا في القرن السادس عشر.
افتتح المنتجع، الذي شارك في تأسيسه "بوب شيفلين" و"ويلبرت داس"، المدير الإبداعي السابق لعلامة الأزياء "ديزل إس بي إيه"، في عام 2009، ببرنامج "كابويرا" للأطفال المحرومين في مدرسة محلية، وكثير منهم يدرسون الآن في أكاديمية تجمع الأموال عن طريق تقديم دروس خاصة بقيمة 60 دولاراً في الساعة للضيوف.
بينما أشاهد التدريبات في نادي "ليونغ تينغ"، يرتجل الحارس الخاص بي في اللغة "الكانتونية"، على أمل الوصول إلى الوسيط نيابة عني. في النهاية يفتح الباب. المساحة صغيرة جداً، ولا يمكنني الدخول إلا لبضع دقائق.أرى الخط الصيني الأنيق على الجدران، وطريقة الكلام اللين من "سيفو"، أو المعلم ، وخلط أقدام الطلاب.
أنا أركب على دمية التمرين الخشبية "موك يونغ" في الزاوية، ويوجد نسخة طبق الأصل منها موجودة في مدرستي الخاصة في بروكلين.
إنه شعار للتقاليد عبر أجيال عديدة، والمشهد هنا على بُعد آلاف الأميال من نيويورك، يذكرني بأنني وهؤلاء الطلاب نتشارك لغة نادرة ومكررة. لم أشعر قط بذلك في المنزل.