قد تكون الهجمة المرتدة ضد دوري السوبر الأوروبي لكرة القدم المقترح مفاجئة للوهلة الأولى. وبرغم كل شيء، تغلغلت الرأسمالية في الرياضة الأكثر شعبية في العالم لمدة عقود، فازدانت القمصان بشعارات شركات من أمثال "جيب"، و"بيريللي"، و"راكوتان"، و"ستاندرد تشارترد"، في حين يلعب مليونيرات على أرض الملعب لأصحاب المليارات الجاثمين في صناديقهم العالية المعلَّقة في السماء.
و يبدو أنَّ شيئاً ما بخصوص دوري السوبر هذا قد أصاب وتراً حساساً. ففي بريطانيا، أظهر استطلاع سريع أجرته شركة "يوغوف"على 1730 متابعاً لكرة القدم، (أي "سوكير" بالنسبة للأمريكيين)، أنَّ 68% "يعارضون بشدَّة" إنشاء الدوري الجديد.
ولكن أتت استطلاعات أخرى بنتائج مغايرة. فقد أعلن فلورنتينو بيريز، رئيس دوري السوبر يوم الإثنين، أنَّ استطلاعات الرأي الأولية الخاصة بالدوري أشارت إلى دعم الأغلبية بنسبة 57% في ألمانيا إلى 76% في إسبانيا، ولكن هذا يبدو غير قابل للتصديق. كما لم يكشف بيريز عن صياغة السؤال المستخدم في المسح.
وبالتأكيد، كان النفور هو ردُّ الفعل الشائع بين الجميع. فقد تلخَّصت الشكوى العامة في المخاوف من حماية الأعضاء الخمسة عشر المؤسسين للدوري بشكل دائم من الهبوط، أي خفض الترتيب إلى دوري أقل. وفي تغريدة لمعلِّق "سكاي سبورتس" غاري نيفيل، الفائز بثمانية ألقاب في الدوري الإنجليزي الممتاز كمدافع مع "مانشستر يونايتد"، ورد قوله: "أشعر بالاشمئزاز، بل بالاشمئزاز التام." حصلت تلك التغريدة على أكثر من 7.4 مليون مشاهدة، و77 ألف إعجاب.
الغضب
ولكن لماذا كل هذا الغضب؟ ابحث عن الإجابة في مكان واحد بعيد عن ملاعب كرة القدم المجوَّفة في مانشستر أو مدريد، إنَّه كتاب "ما لا يمكن للمال شراؤه: الحدود الأخلاقية للأسواق"، والمنشور في عام 2012 لمؤلِّفه مايكل ساندل، الأستاذ بجامعة هارفارد.
وكتب ساندل: "نحن نعيش في وقت يمكن فيه شراء وبيع كل شيء تقريباً. كما أنَّ أحد التطورات التي شهدها عصرنا هو وصول الأسواق، وطريقة التفكير الموجَّهة نحو الأسواق إلى جوانب الحياة التي تحكمها تقليدياً معايير لا علاقة لها بالأسواق."
وحتماً، يُمثِّل المعجبون ما يسميه ساندل بالمعايير التي لا علاقة لها بالأسواق، فشعار نادي "برشلونة" باللغة الكاتالونية "Mes que un club"، يعني أنَّه أكثر من مجرد نادٍ، في حين يتغنَّى مشجعو ليفربول بأغنية "You’ll Never Walk Alone""إنَّك لن تمشي وحدك أبداً" بشغف كبير. ويدفع المشجِّعون أموالاً طائلة على التذاكر والبضائع، ويقضون ساعات طويلة في مشاهدة المباريات على التلفزيون لأنَّهم يحبون أنديتهم، وكأنَّهم ينتمون إلى أسرهم.
ولكن تماماً مثلما هو الحال مع العائلة، فقد يتحوَّل الحب إلى غضب عندما يشعر شخص ما بتعرُّضه للخيانة. فالأندية التي تحاول إطلاق دوري السوبر تخاطر بإثارة شعور الخيانة هذا، الذي قد تأتي عواقبه الوخيمة لتبقى.