مسؤول تنفيذي سابق لدى "أبل" يوسع الوحدة المناط بها رعاية شركات طموحة تتعاقد مع القطاع العسكري

هل يستفيد البنتاغون من الشركات الناشئة في مجال الدفاع؟

صورة تعبيرية - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبيرية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

في أول أيام رئاسته وحدة الابتكار الدفاعي، التي تعمل مع الشركات الناشئة الساعية لإبرام صفقات مع البنتاغون، اجتمع دوغ بِك مع مستثمرين من 12 من كبريات شركات رأس المال الجريء بوادي السيليكون. كان ذلك في مايو 2023 في مبنى بسيط من الآجر على كتف قاعدة بحرية مهجورة في ماونتن فيو بولاية كاليفورنيا شهد عرض المستثمرين لمظالمهم.

منذ تأسيسها في 2015، أبرمت الوحدة 62 صفقة قيمتها 5.5 مليار دولار مع شركات ناشئة، مقابل منتجات من بينها مسيّرات ذاتية التشغيل وبرمجيات للأمن السيبراني. كان كثير من المستثمرين، الذين حضروا الاجتماع ليتحدثوا إلى بِك، يدعمون شركات من التي أبرمت تلك الصفقات.

اشتكوا من أن وحدة الابتكار الدفاعي تقدم عادةً منحاً لبرامج تجريبية في التقنية، وهي إما تتطلب وقتاً أطول مما يجب قبل أن تصبح عقوداً مكتملة أو لا يُكتب لها النجاح من البداية في أحيان كثيرة. كانت فرص النجاح الضعيفة تضر بالشركات الناشئة التي لم تستطع تأسيس أنشطة تجارية بعد حصولها على منحٍ غير متكررة. كان الأمر أيضاً يثير مخاوف العاملين في البنتاغون، الذين يرون أن الجيش الأميركي بحاجة إلى تنمية الشركات الناشئة للتعامل مع المشهد التقني سريع التغير.

يُعتبر بِك من نواحٍ شتى مرشحاً مثالياً للتعامل مع هذه المخاوف، فهو جندي احتياط في القوات البحرية الأميركية قضى جانباً من مدة خدمته في العراق وأفغانستان، كما أنه مسؤول تنفيذي سابق في "أبل". قال بِك إنه وجد تعليقات المستثمرين منهكة، كما أنه كان يتفق مع تقييمهم لوزارة الدفاع الأميركية.

قال: "كان ينتهي بنا المطاف بنماذج أولية رائعة تحظى ببعض الطلب من جانب الوزارة، لكنهم لم يتمكنوا من الانتقال للمرحلة التالية من مستوى الإنتاج الأعلى الذي نحتاجه نحن للتأثير الاستراتيجي ويحتاجونه هم لتحقيق عائد على الاستثمار".

بِن بورتر
بِن بورتر

تاريخ الوحدة

لطالما كانت الفكرة وراء إنشاء وحدة الابتكار الدفاعي هي أن جانباً كبيراً من التقنية التي يحتاجها الجيش الأميركي لا يُرجح أن يأتي مما يسمى بالشركات الرئيسية، التي تصنع العتاد الدفاعي مثل "لوكهيد مارتن" و"نورثروب غرومان" و"رايثيون" (Raytheon) التي تتفوق في بناء طائرات القتال والغواصات، مقارنة مع الشركات الناشئة وغيرها من متعاقدي المعدات الدفاعية غير التقليدية.

قال بول سكار، نائب الرئيس التنفيذي ومدير الدراسات في "سنتر فور إيه نيو أميركان سكيوريتي" (Center for a New American Security)، وهو مركز أبحاث يركز على الدفاع الوطني: "لم يتأقلم البنتاغون بالكامل مع ذلك التحول. لا يمكنك شراء البرمجيات بالطريقة نفسها التي تشتري بها حاملة طائرات".

منذ تأسيس وحدة الابتكار الدفاعي، حققت قلة من الشركات التي عملت معها الوحدة إنجازاً. أصبحت "أنديوريل إندستريز" (Anduril Industries)، التي تصنع منتجات من بينها طائرات مسيرة وأنظمة مراقبة، و"شيلد إيه آي" (Shield AI)، التي تركز على الطائرات المسيرة، شركتان قيمتهما مليارات الدولارات، وكان سبب جلّ ذلك قدرتهما على الفوز بعقود عسكرية.

رغم ذلك، ما يزال البنتاغون يشتهر بصعوبة التعامل معه. قال منتقدو نهج البنتاغون، ومنهم مايكل براون الذي كان يرأس وحدة الابتكار الدفاعي حتى 2022، إن نقص التمويل والدعم داخل الوحدة أضعفها. تحدث براون إلى بِك عن إحباطه حين كان بِك يفكر بتولي الوظيفة. قال براون: "أخبرته ألا يقبل الوظيفة ما لم يكن الوزير مديره المباشر".

رئيس جديد للوحدة

تحقق له ذلك، فمديره المباشر هو وزير الدفاع لويد أوستن، مثلما كان مديره المباشر في "أبل" هو الرئيس التنفيذي تيم كوك. كما حصل بِك على أكبر ميزانية سنوية في تاريخ الوحدة، وبعدما عقد أكثر من 12 اجتماعاً خاصاً مع مشرّعين استضافهم في مقر الوحدة في ماونتن فيو، واستعان على استجرار مناصرتهم بالشركات الناشئة.

كجزء من مشروع قانون التمويل الحكومي الذي وافق عليه الرئيس جو بايدن في مارس، ستقفز ميزانية الوحدة السنوية إلى أكثر من 900 مليون دولار بعد أن كانت 191 مليون دولار في 2023.

كدلالة أخرى على الثقة بها، أعطت نائبة وزير الدفاع كاثلين هيكس في أغسطس دوراً لوحدة الابتكار الدفاعي في برنامج تابع للبنتاغون يسمى "ربليكيتور" (Replicator) يركز على تشغيل آلاف الأنظمة ذاتية القيادة من سفن وطائرات خلال العامين المقبلين.

وزارة الدفاع الأميركية
وزارة الدفاع الأميركية

تغييرات جديدة

ستسمح الأموال الإضافية لوحدة الابتكار الدفاعي بزيادة عدد موظفيها إلى الضعف تقريباً. وقد عيّنت ثلاثة مسؤولين رفيعي المستوى، كما تعتزم تعيين 32 شخصاً لإشغال وظائف جديدة هذا العام. كما تطلب الوحدة 50 موظفاً عسكرياً ومدنياً إضافيين، لكن ذلك يتطلب موافقة الكونغرس. بدأ بِك يوزع موظفي وحدة الابتكار الدفاعي في وحدات قتالية في مختلف أنحاء العالم كي يدرك احتياجاتها آنياً.

كما التقى بِك بمسؤولين تنفيذيين من "أنديوريل" و"سيلدرون" (Saildrone) و"شيلد" وغيرها من الشركات الناشئة التي تعمل في مجال التقنية الدفاعية، وحظي على تقدير جيد لديها حتى الآن. قال بلال زبيري، من "لَكس كابيتال" (Lux Capital): "دوغ ليس بيروقراطياً، فهو لا يسير متباهياً بأوسمة على صدره".

وفيما تأمل الشركات الناشئة أن بِك سيكون نصيرها في البنتاغون، ينادي أعضاء الكونغرس بأن يتحرك بِك ووحدة الابتكار الدفاعي بسرعة قطاع التقنية وقدرته على تحمل المخاطر. لكن بعض العاملين في الحكومة والقطاع الخاص يقولون إن هناك حدوداً لمدى قدرة البنتاغون على أن يحذو حذو وادي السيليكون.

قال جاك شاناهان، الجنرال المتقاعد في القوات الجوية الذي أشرف على "بروجكت مايفن" (Project Maven)، وهي أبرز مبادرات الجيش في الذكاء الاصطناعي: "تعزف وزارة الدفاع عن المخاطر بطبيعتها وذلك لأن حياة الناس على المحك. في مرحلة ما، تبدأ تلك النزعة بالعمل ضدهم".

همزة وصل

يرى بِك أن بإمكانه أن يكون همزة وصل بين القطاعين العام والخاص. قال: "أنا ضليع في الجانبين". في "أبل"، كان بِك مسؤولاً عن مبيعات الأميركتين وشمال شرق آسيا قبل أن يتولى عملاء مؤسسيين مثل أنظمة الصحة والمدارس والحكومات. خلال الفترة التي قضاها بِك في "أبل"، كان كثيراً ما يتنقل، فيما كان زيه العسكري في صندوق سيارته.

كما عمل بِك مستشاراً لآش كارتر، وزير الدفاع في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، وساهم في إطلاق فكرة وحدة الابتكار الدفاعي، كما عمل بدوام جزئي في الوحدة بصفته جندي احتياط، وساعد على تعريف الناس هناك بشركات ناشئة.

أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها بك هي أن عليه أن يجعل العمل مع الجيش فرصةً جذابةً، والسرعة هي جزء من تحقيق ذلك. قالت وحدة الابتكار الدفاعي إنها تسعى لمنح عقود النماذج الأولية خلال 60 إلى 90 يوماً من الإعلان عن تقديم الطلبات، فيما كانت تلك العملية تستغرق 197 يوماً في المتوسط خلال 2023.

لا تود الشركات الناشئة أن تحث الخطى فحسب، بل تود أيضاً أن تعرف ما إن كانت أمامها فرصة للمضي إلى ما هو أبعد. في 2023، منحت وحدة الابتكار الدفاعي 90 عقداً لمشروعات تجريبية بقيمة تبلغ 3.3 مليون دولار في المتوسط، وفقاً لمتحدث باسم الوحدة. فازت 10 فقط من تلك بصفقات مع الجيش.

إن الجائزة الكبرى بالنسبة للشركات الناشئة في مجال التقنية الدفاعية هي ما يسمى بالبرامج المسجلة، التي يرتبط تمويلها ببند واضح في ميزانية البنتاغون، وعادةً ما تُجدد في الأعوام التالية فتكون بذلك فرصةً مربحةً لجني إيرادات متكررة. منذ تأسيسها، ساعدت وحدة الابتكار الدفاعي 20 مشروعاً على الحصول على برامج مسجلة.

أهداف مستقبلية

في إيضاح للاستراتيجية في فبراير، قال بِك إن الفصل التالي لوحدة الابتكار الدفاعي سيركز على توسيع نطاق التقنية التجارية في الجيش بوتيرة أسرع كثيراً، وقد ذكر التقرير كلمة "توسيع" 31 مرة. يود بِك أن توافق الوحدة على البرامج التجريبية التقنية فقط حين يكون لدى البنتاغون طلب مؤكد لعقد.

كما يعتزم بِك أن يستخدم ميزانيته التي ازدادت ليمنح عقود الإنتاج لشركات ناشئة فيما تنتظر أن تحصل قطاعات أخرى من الجيش على تمويل خاص بها، وهي عملية قال إن من شأنها أن تختصر بين عام وثلاثة أعوام من الفترة التي يتطلبها الانتقال من نموذج أولي ناجح إلى عقد حقيقي.

قالت نيني هامريك، المؤسسة المشاركة ورئيسة "فانيفار لابس" (Vannevar Labs)، وهي شركة ناشئة تركز على برمجيات استخبارات ساحة المعركة، إن بِك ساعد شركتها على تسريع ثلاثة عقود تبلغ قيمتها مجتمعة مئات ملايين الدولارات، وهي خطوة لم تكن لدى الوحدة الموظفين اللازمين لاتخاذها قبل أن يتولى بِك منصبه.

ساهم ذلك في تقليص الفترة المطلوبة لإتمام الصفقات من مدة تتراوح بين عام وعامين إلى ثلاثة لستة أشهر. قالت: "طرق (بِك) كل أبواب البنتاغون ليحصل على دعم الاستعجال".

قال دوغ فيليبون، رئيس وحدة الدفاع في "بالانتير تكنولوجيز" (Palantir Technologies) والمؤسس المشارك في "سنوبوينت فينتشرز" (Snowpoint Ventures)، التي تدعم الشركات الناشئة العاملة في مجال التقنية الدفاعية، إن المستثمرين بحاجة لأن يعلموا أن البنتاغون على استعداد لأن ينظر في ما هو أكثر من العقود الرمزية. لن يتطور القطاع إلا إذا كان هناك مزيد من قصص النجاح. قال: "أعتقد أنه مهم جداً لأميركا أن تنجح وحدة الابتكار الدفاعي الجديدة هذه... يتملكني الأمل لكن تساورني شكوك".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك