طفح كيل الطبيبة هيذر روجرز حين أتتها ابنتها التي بلغت من العمر 13 عاماً لتقول إن الهدية الوحيدة التي تتمناها في عيد الميلاد هي مستحضر للبشرة يحوي على حمض هيالورونيك. فما كان منها إلا أن قرّعتها قائلةً: "كلا، كلّ ما تحتاجين هو واق من الشمس وأن تغلقي فمك".
ترى روجزر، وهي طبيبة جلد في سياتل، أن طلب ابنتها يلخص هوساً متنامياً بين الأميركيين في شراء مستحضرات تجميل توحي أسماء مكوناتها الرئيسية بأنها خرجت لتوها من مختبر، حتى أن بعضها يعد بترطيب الجلد وتقوية "حاجز البشرة"، والأهم من ذلك أنها تكافح علامات الشيخوخة.
تأثير الوباء
دأبت شركات التجميل، كبيرةً وصغيرةً، على ترويج منتجاتها باستخدام العلم، أو بالأحرى المصطلحات والعبارات التي تبدو منتقاة من دوريات علمية. لقد ارتفعت قيمة المنتجات المباعة في الولايات المتحدة التي يُكتب عليها أنها تحوي مكوّنات طبية مثل نياسيناميد وحمض هيالورونيك (وهما منتجان يساعدان على ترطيب البشرة) بمعدل سنوي يبلغ 71.5% خلال السنوات الخمس الماضية، مقارنة مع 5.3% لمستحضرات التجميل بشكل عام، حسب جاكلين فلام ستوك، من شركة البيانات "نيلسن أي كيو" (NielsenIQ).
قالت فلام ستوك، وهي نائبة أولى لرئيس شؤون تجارة التجزئة في قطاع التجميل والأدوية المباعة بلا وصفات طبية لدى الشركة،إن ارتفاع الطلب على المنتجات استناداً إلى مكوّناتها فاق الاهتمام بمستحضرات التجميل التي يُسوّق لها على أنها "طبيعية" أو "عضوية"، التي كانت رائجة قبل الوباء.
فلنأخذ على سبيل المثال سيراميد، وهي جزئيات دهنية تساعد في الحفاظ على رطوبة البشرة وحمايتها من التهيج. قالت فلام ستوكس "حظي سيراميد بشعبية واسعة كأحد مكوّنات مستحضرات العناية بالبشرة على مدى عقود... لكن رأينا خلال السنوات الثلاث الماضية أن سيراميد أصبح مكوّناً محبوباً يُبرز على غلاف المنتج".
مرحباً بكم إلى عصر تُصبغ فيه العناية بالبشرة بطابع علمي. اكتسبت هذه الموجة زخماً خلال فترة والوباء التي أمضى خلالها الأميركيون ساعات ينظرون فيها إلى أنفسهم خلال اتصالات الفيديو، ودفع ذلك كثيراً منهم ليحاولوا معالجة بعض عيوب البشرة التي لاحظوها.
تلقى المتسوّقون نصائح من مؤثرين في مجال العناية بالبشرة عبر "تيك توك" وتهافتوا على مستحضرات تجميل ذات أسماء علمية لتوسيع نطاق ممارسات العناية بالبشرة حتى بات يتكون من ست خطوات أو أكثر.
مخاطر صحية
قالت جانيت باردو، نائبة الرئيس العليا لتطوير المنتجات في "كلينيك" و"أوريجين"، العلامتين التجاريتين التابعتين لـ"إيستي لودر" (Estée Lauder): "ثمّة تركيز كبير على المكونات، هكذا بتنا نسوق حالياً".
يولّد هذا الجمع بين العناية بالبشرة والعلوم مبيعات بمليارات الدولارات لكبرى شركات مستحضرات التجميل من عيار "إيستي لودر" و"لوريال"، وللشركات الأصغر. كما أنه أحدث تحولاً في طرق اعتناء الأميركيين بوجوههم وأجسامهم، كما أسهم في نشوء جيل من المتشبهين بأطباء الجلد يتحدثون عن العناية بالبشرة ويستخدمون مصطلحات مثل الببتيدات وحمض غليكوليك، وعبارات مثل "فقدان الماء عبر البشرة". حتى أن ذلك شجع بعض الشركات على ترويج مشروبات لموسم العطلات مضاف إليها الكولاجين.
قالت الطبيبة الجلدية روجرز "من وجهة نظري كطبيبة، أعتقد أن هذا أمر فظيع". وحذّرت من أن حماسة المستهلكين لدهن جلودهم بعدّة منتجات يركّز كلّ منها على مكوّن واحد، تجلب إلى عيادتها أعداداً متنامية من المرضى الذين يعانون من تهيج البشرة، إذ يحتوي كثير من مستحضرات العناية بالبشرة على مواد حافظة تمنع نموّ كائنات مجهرية غير مرغوب بها، ولكن يمكنها في الوقت عينه أن تقضي على الكائنات التي تساعد البشرة. قالت: "هذه المكوّنات الأحادية لا تفيد بمفردها"، مضيفة على سبيل التشبيه "إن تناول البيض النيئ منفر جداً لكن الكعك لذيذ".
تنصح روجرز مرضاها بتجنّب ممارسات العناية بالبشرة متعدّدة الخطوات، الرائجة عبر وسائط التواصل الاجتماعي، وأن يكتفوا بغسول الوجه والعلاج الصباحي والمسائي لإصلاح الشوائب أو الوقاية منها واستخدام مرطب، والأهم دائماً هو استخدام واقٍ من الشمس. توافقها على ذلك نياكيو غريكو، مؤسسة شركة العناية بالبشرة "ريليفان" (Relevant)، قائلةً: "ليس عليك أن تضع كلّ ما لديك في المطبخ أو كل منتجات المختبرات على بشرتك".
مع ذلك، تواصل شركات التجميل تركيزها على الجانب العلمي. أمّا المصطلح الرائج في قطاع التجميل حالياً فهو "إطالة الحياة" الذي وصفته جنيفر بالمر، نائبة الرئيس العليا في "إيستي لودر" بـ"العالم الجديد في مجال العناية بالبشرة، والنزعة الأكثر رواجاً".
إطالة أمد الحياة
فيما يستهدف مصطلح "مكافحة الشيخوخة" فئة عمرية أكبر سناً وقد يحمل دلالات سلبية، حيث يصوّر التقدّم في السنّ على أنه أمر تجب محاربته، يعد التسويق لإطالة الحياة في مجال التجميل بإطالة أمد النضارة، وهذا أمر ترغب فيه جميع الفئات العمرية.
تستعد "إيستي لودر" لتطرح في يناير منتجها (Re-Nutriv Ultimate Diamond Transformative Brilliance Soft Crème) بتقنية "سيرتيفيتي – إل بي" (Sirtivity-LP)، الذي يحوي حسب وصفها على "منشطات بروتين إطالة العمر"، بسعر 350 دولاراً لنحو 50 غراماً. قالت بالمر: "نعتقد أنه منتج مطلوب جداً ورائج ومهم لدى المستهلكين الذين يطلبون منتجات فاخرة ويهتمون بالاستثمار في حلول إطالة الحياة، فنحن نؤمن بتمكين عملائنا بالمعلومات والعلم".
تراهن "لوريال" أيضاً على هذا التوجّه حيث طرحت سيروم "أبسوليه" (Absolue) بسعر 270 دولاراً لنحو 30 غراماً. تقول الشركة عبر موقعها الإلكتروني إن المنتج "مستلهم من مجال بحث واعد يُعرف بعلم إطالة الحياة الذي يدرس طرقاً مبتكرة لإطالة عمر البشر، وبالتالي تحقيق حلم الشباب الدائم".
يرحّب دانيلو س. ديل كامبو، الاختصاصي الجلدي المعتمد في شيكاغو بفكرة إطلاع مرضاه على مزيد من المعلومات عن المنتجات التي يستخدمونها خلال السنوات الماضية، وقال "أصبح الناس أشبه بعلماء صغار، وهذا أمر عظيم طالما أنه لا يتسبب بأذى".
فيما يراكم المستهلكون المعارف حول مستحضرات العناية بالبشرة التي يحتاجونها أو بالأحرى التي يظنون أنهم يحتاجونها، أصبحت طلباتهم أكثر تحديداً، ما أدى إلى نوع من التسليع، وهو عادة ما يشكل عقبة للعلامات التجارية. مثلاً، إن كان المتسوّقون يبحثون عن سيروم مكوّن من 15% فيتامين "سي" و1% ريتينول، فلن يهتموا من ينتجه أو من أين يشترونه. قالت فلام سكوت: "أيهما أهم المكوّنات أم العلامة التجارية؟ كيف ستميّز العلامات التجارية نفسها؟".
تحاول بعض العلامات التجارية أن تبرز نفسها من خلال إدراج المكوّنات المطلوبة التي تحويها مستحضراتها. ولكن بحسب أوليفيا تونغ، المحلّلة لدى "رايموند جيمس" (Raymond James)، فإن ذلك يطرح تحديات أخرى على صعيد تغليف عبوات المستحضرات. قالت: "قريباً، ستضطر لتكتب بحرف قياسه 4 كي تُدرج كل التفاصيل... الترويج لمستحضر ترطيب على أنه مختلف تماماً لم يعد كافياً".
[object Promise]- مكمّلات الكولاجين
أحدث الكولاجين وهو بروتين يساعد في الحفاظ على مرونة البشرة وكثافتها ضجة بين مؤثري وسائل التواصل الاجتماعي بفضل تحليل لعام 2021 يربطه بتحسين شدّ البشرة وتقليل ظهور التجاعيد. إلا أن تقريراً صدر عن كلية الطبّ في هارفرد أشار إلى عدم وضوح ما إذا كانت هذه الفوائد ناتجة فعلاً عن الكولاجين أو عن مكونات أخرى تحويها هذه المكمّلات.
- العلاج بالليزر
يستخدم هذا الإجراء "الاستئصالي" شعاعاً مكثّفاً من الضوء لإزالة الطبقة العلوية من الجلد وتسخين الطبقة الداخلية بهدف تحفيز إنتاج الكولاجين، ما يساعد على تحسين لون البشرة وقوامها، وفقاً لعيادة "مايو كلينيك". يحتاج العلاج بضعة أشهر ليأخذ مفعوله ولكنه يعطي نتيجة قد تستمرّ لسنوات. وفيما يحتاج العلاج غير الاستئصالي وقتاً أقصر ولكنه ليس بالفاعلية نفسها في مكافحة التجاعيد.
- واقي الشمس اليومي
يعدّ واقي الشمس المستحضر الأساسي الموصى به لمكافحة علامات التقدّم في السنّ للناس من كلّ الأعمار. تقول طبيبة الأمراض الجلدية روجرز: "الشمس هي إشعاع يفتت الكولاجين، ويتسبب بظهور بقع بنية، ويكسر الأوعية الدموية ويسبب سرطان الجلد، لذا فإن واقي الشمس اليومي ضروري". استخدم واقي الشمس بمعامل حماية SPF 30 أو أعلى.
- الريتينويد الموضعي
تحفّز مشتقات فيتامين A التي لطالما استخدمت في علاج البثور على إنتاج الكولاجين. وهي غالباً ما تُعطى بموجب وصفة طبيبة ضمن عقار تريتينوين مثلاً، وهو يُستخدم في معالجة حبّ الشباب والخطوط الدقيقة والتجاعيد. ويمكن استخدام أدابالين وهو أقلّ شدّة ويباع من دون وصفة طبية بما أنه لا يتسبب بتهيّج البشرة بالقدر نفسه.
- اختيارات حياتية صحية
أحد العلاجات المملة لكنه الأكثر فاعلية في الحفاظ على شباب البشرة معروف منذ الأزل ويقوم على اتباع نظام غذائي صحّي وشرب الماء والإقلاع عن التدخين. قال ديل كامبو: "يسرّع التدخين بشكل خاص عملية التقدّم في السن".