كانت علامات تجارية مثل "تويوتا" مفضلة عالمياً لعقود.. كيف أخطأوا بالتعامل مع كهربة السيارات؟

جذوة افتتان العالم بالسيارات اليابانية تخبو

صورة تعبيرية عن تراجع الشركات اليابانية عن ركب كهربة السيارات - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبيرية عن تراجع الشركات اليابانية عن ركب كهربة السيارات - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

كان لجمهور سباق الرابطة الوطنية لسباقات السيارات "ناسكار" في نوفمبر فرصة حضور مشهد من الجدل الدائر بشأن مستقبل صناعة السيارات عن كثب. فقد حلقت في أفق مضمار سباق "فينيكس" طائرة برعاية من منظمة "ببليك سيتيزن" (Public Citizen) غير الهادفة للربح تجر راية كُتب عليها: "هل ترغب بالإثارة؟ عليك أن تقود سيارة كهربائية. هل تفضل قيادة سيارة مملة؟ إذاً عليك بسيارة (تويوتا)".

أعقب تحليق الطائرة رسالة مفتوحة من جماعات نشطاء منهم "ببليك سيتيزن" إلى أكيو تويودا، رئيس أكبر شركة لصنع السيارات في العالم، انتقدوا فيها توانيها في طرح سيارات كهربائية.

كتبوا: "لم تتمكن أي شركة تصنع السيارات من مواكبة تعاظم الطلب على المركبات الكهربائية، لكن (تويوتا) لم تحاول أن تلبيه... بإمكان (تويوتا) ويتعين عليها أن تسرع بالتحول نحو المركبات الكهربائية، أو أنها ستخاطر بأن تتجه لتصبح من البوائد".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

تخلف عن المسار

كان هدف المنظمات غير الحكومية حماية البيئة، لكن رسالتها عكست قلقاً أوسع يعتري صناعة السيارات العالمية التي تبلغ قيمتها 2.25 تريليون دولار من أن "تويوتا موتور" وغيرها من مصنعي السيارات اليابانيين قد يخسرون ريادتهم بسبب بطء وتيرة تحولهم نحو المركبات الكهربائية.

تتخلف هذه العلامات التجارية البارزة عن الركب فيما يشهد القطاع أكبر تحول فيه منذ أجيال. تتصدر "تسلا" شركات صناعة السيارات الكهربائية عالمياً من جهة إجمالي السيارات المبيعة، تليها "بي واي دي" (BYD) الصينية و"فولكس واجن" الألمانية، وفقاً لبلومبرغ إنتليجينس. بينما غابت الشركات اليابانية عن أول 20 مرتبة في القائمة، ما يعني أنها على هامش القطاع الأسرع نمواً في صناعة السيارات.

نمت مبيعات السيارات الكهربائية بنحو 80% على أساس سنوي خلال التسعة أشهر الأولى من العام الماضي مقابل تراجع إجمالي مبيعات السيارات الكلي بنحو 4%، وفقاً لبيانات بلومبرغ.

قال كولين ماكيراشر، المحلل في "بلومبرغ إن إي إف": "إن هذا يصبح جزءاً رئيسياً في الصناعة، لكن اليابانيين لم يركبوا الموجة".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

ريادة ضائعة

لطالما كانت كبرى شركات السيارات في اليابان مفضلة لدى المستهلكين حول العالم وغالباً ما مثّلت أكثر من ثُلث مبيعات السيارات الجديدة بالولايات المتحدة وامتلكت حصة سوقية مهيمنة من جنوب شرق آسيا إلى أفريقيا.

تزداد الحيرة بشأن تغيب الشركات اليابانية عن شريحة السيارات الكهربائية بعدما كانت سباقة في طرح سيارات صديقة البيئة، ومنها طراز "بريوس" الهجين من "تويوتا" الذي استهدف قطاعاً واسعاً من السوق لدى طرحه قبل ربع قرن، وكان يوماً اختياراً أولاً بين نجوم هوليوود الساعين لتوثيق مناصرتهم لقضية البيئة.

كشفت "نيسان موتور" في 2009 عن سيارتها "ليف" (Leaf) المدمجة الكهربائية بالكامل، التي منحتها ريادة في سوق المركبات الكهربائية، وفي نفس العام طرحت "ميتسوبيشي موتورز" أولى سياراتها الكهربائية. كما بدأت "تويوتا" بالاستثمار في "تسلا" في 2010.

تحالف رينو - نيسان يرصد 26 مليار دولار للسيارات الكهربائية

تلاشى الحماس تجاه الطرازات التي طرحتها مبكراً من السيارات الكهربائية بسبب فتور المبيعات، وركزت الشركات اليابانية على السيارات الهجينة التي تعمل بالبنزين والكهرباء جرّاء قناعة بأن وتيرة ثورة السيارات الكهربائية بطيئة كما تعاونت مع تكنوقراطيي طوكيو الطامحين لتطوير سيارات تعمل بخلايا الوقود الهيدروجيني، تلك التقنية الناشئة التي قد تكون أكثر رفقاً بالبيئة من السيارات الكهربائية.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

"قد يكون الوقت فات"

قال رئيس "تويوتا" التنفيذي تويودا في سبتمبر إن السيارات الكهربائية "ستستغرق وقتاً أطول مما تقول به وسائل الإعلام وترغب أن نصدقه". تقول "تويوتا" إنها تسعى لتقليل الانبعاثات الكربونية لكن لا يقتصر تركيزها على السيارات الكهربائية بالكامل.

قالت في بيان: "وسط عالم متنوع وعصر لا نعرف فيه المسار الصحيح، يصعب إسعاد الجميع عبر خيار أوحد".

حتى مع ارتفاع أسعار البنزين والحوافز الحكومية لدعم المركبات الكهربائية، ليس لدى شركات صناعة السيارات اليابانية كثير تقدمه للساعين إلى التحول عن السيارات التي تعمل بالبنزين أو لشراة سيارات "تسلا" المحتملين ممن عدلوا عنها بسبب ممارسات إيلون ماسك المثيرة للجدل في إدارته "تويتر".

عمالقة صناعة السيارات يعدّون العدّة للإطاحة بإيلون ماسك

قد يكون هناك إحباط من السيارات الكهربائية بعدما أطلقت "تويوتا" سيارة الدفع الرباعي الكهربائية (bZ4X) في مايو وأوقفت بيعها في يونيو بسبب خلل قد يتسبب بانفصال عجلاتها، وجاءت المبيعات محدودة حين استئنافها.

قال ماساتو إينو، المدير التنفيذي السابق لشركة "نيسان" وكبير مصممي "ليف"، باكورة سياراتها الكهربائية الذي يدرّس الآن بمعهد "يوروبيو دي ديزاين" في تورين في إيطاليا: "تحتاج صناعة السيارات اليابانية أن تلحق بالركب... وربما فات الآوان".

المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: غيتي إيمجز

التجربة تعيد نفسها

اتفق مع إينو مديره السابق كارلوس غصن، رئيس شركة "نيسان" الأسبق الذي دفع بمسعى طرح السيارة "ليف" قدماً.

قال غصن: "خسرت (نيسان) تقدمها الذي حققته لها أسبقيتها" وتوقع أن تسعى شركات صناعة السيارات اليابانية للحاق بمنافسات مثل صانعة السيارات الصينية "بي واي دي". أضاف أن الإعلان عن الاستثمار بالتحول إلى السيارات الكهربائية "بالغ الضآلة ومتأخر جداً".

رغم أن انتقادات غصن متوقعة، وهو الذي اعتُقل في 2018 بتهمة إخلالات مالي في "نيسان" ويعيش في لبنان بعد هروب درامي من اليابان، إلا أنه ليس حيداً في تشاؤمه.

يُعبر منتقدي شركات صناعة السيارات اليابانية عن قلقهم من تكرار تجربة تخلف صناعة أشباه الموصلات والإلكترونيات الاستهلاكية في اليابان عن الركب بعدما هيمنت منتجاتها مثل رقائق الذاكرة الإلكترونية من "إن إي سي" (NEC) وجهاز "ووكمان" من "سوني" في السابق على السوق، لكنها خرجت من السباق مع التحولات الكبيرة مثل إنتاج "أبل" لأجهزة "أيفون" وأخفقت من ناحية الابتكار لتتفادى التعامل مع المنتجات على أنها مجرد سلع.

قال شينغو إيدي، كبير استراتيجيي الأسهم لدى "إن إل آي ريسيرتش إنستيتيوت" (NLI Research Institute) التابعة لشركة "نيبون لايف إنشورانس": "يبدو أن شركات صناعة السيارات اليابانية تخلفت بالفعل عن الركب وأصبحت غير قادرة على استعادة الريادة".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

استحوذت 6 شركات يابانية كبرى على نحو 40% من سوق سيارات الركاب في الولايات المتحدة في 2021 لتعود لنفس حصتها السوقية قبل الوباء، لكن ذلك تراجع في الربع الثاني من العام الماضي إلى 34% وواصل تراجعه إلى 32% بحلول الربع الثالث، وفقاً لبيانات بلومبرغ.

تمكّنت "جنرال موتورز" العام الماضي من تحقيق أكبر حصة سوقية لمبيعات السيارات في الولايات المتحدة، وهي مكانة كانت من نصيب "تويوتا"سابقاً، بعدما أعلنت الشركة اليابانية تراجع مبيعاتها 9.6% في 2022.

مع تحول عديد من الأميركيين للسيارات الكهربائية، كانت العلامات التجارية اليابانية أكبر الخاسرين، وهي التي كانت خياراً أولاً على مدى عقود بدءاً ممن يقتنون أولى سياراتهم وصولاً للأمهات اللواتي يصطحبن أبناءهن ليلعبوا كرة القدم في الضواحي.

قالت "ستاندرد أند بورز غلوبل موبيليتي" (S&P Global Mobility) في تقرير في نهاية نوفمبر: "أغلب المستهلكين الذين تحولوا للسيارات الكهربائية في 2022 تخلوا في المقابل عن سياراتهم من (تويوتا) و(هوندا)، اللتين لم تتمكنا من الإبقاء على ولاء عملائهما ممن يقودون سيارات تعمل بالاحتراق الداخلي إلى أن تطرح بشكل مكثف طرازات من المركبات الكهربائية".

استراتيجية خاطئة

أصبح تحول بعض الأسواق للمركبات الكهربائية بوتيرة أسرع من المتوقع أحد أكبر المشكلات، فقد استحوذت المركبات الكهربائية على نحو 15% من السيارات الجديدة المبيعة في ألمانيا وبريطانيا وأكثر من 20% في الصين خلال التسعة أشهر الأولى من 2022، وفقاً لبيانات بلومبرغ.

لكن جاءت مبيعات المركبات الكهربائية عند 5% فقط من مبيعات السيارات الجديدة في الولايات المتحدة خلال نفس الفترة، وتُتوقع قفزة في الطلب عليها هناك بسبب إعفاءات ضريبية ينص عليها قانون خفض التضخم الذي بات سارياً في أغسطس.

أعلنت شركات في منتصف ديسمبر عن استثمارات بنحو 28 مليار دولار في عمليات تصنيع مرتبطة بالمركبات الكهربائية في أميركا الشمالية.

"قانون خفض التضخم".. بايدن يصادق على خطته للمناخ والصحة

كتب تاكاكي ناكانيشي وجينغفي دينغ المحللين لدى شركة "جيفريز" أن "تويوتا" "أخطأت الحساب بشدة" في استراتيجيتها بشأن السيارات الكهربائية في أميركا الشمالية.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

مخاوف تفكك الصناعة

تدعم وزارة التجارة اليابانية مسعى "تويوتا" نحو سيارات تعمل بخلايا وقود الهيدروجين، حيث تعتقد الحكومة أن الهيدروجين ركيزة أساسية للوصول إلى صفر انبعاثات بحلول 2050. قالت الحكومة في يونيو إن كافة السيارات المبيعة بحلول 2035 يجب أن تكون "ما يُسمّى مركبات كهربائية" مع بند يجعل السيارات الهجينة مشمولة في ذلك.

تتردد شركات صناعة السيارات والحكومة اليابانية بالدفع نحو التحول إلى السيارات الكهربائية بالكامل نتيجة مخاوف من تفكك صناعة السيارات القائمة واندثار شبكة واسعة من موردي قطع الغيار ومقاولي الباطن، إذ تتطلب السيارات الكهربائية مكونات عديدة مغايرة عما تتطلبه السيارات التقليدية.

تُعدّ صناعة السيارات إحدى أبرز صناعات اليابان، فهي تشكل نحو خُمس قطاع التصنيع في البلاد وتُشغل 8% من العمالة، وفق تقرير من منظمة "كلايمت غروب" (Climate Group) البيئية.

تتعهد "تويوتا" بمواصلة تصنيع نحو 3 ملايين سيارة داخل اليابان، أي قُرابة ثلث إنتاجها عالمياً، حفاظاً على معدلات التوظيف والقدرة التنافسية.

بطالة وركود

قال غيسبر كول، الخبير وعضو مجلس إدارة شركة الخدمات المالية "مونيكس غروب" (Monex Group): "التحول إلى السيارات الكهربائية يجعل نصف سكان ناغويا عاطلين عن العمل، ويقلص إمكانات نمو الاقتصاد الياباني"، مشيراً إلى مدينة ناغويا موطن عديد من مصنّعي قطع الغيار وسط اليابان قرب مقر "تويوتا" الرئيسي.

مع إدراك المصنعين أن سوق السيارات الكهربائية لم تعد مجالاً تخصصياً محدوداً كما كان قبلاً، باتت شركات صناعة السيارات اليابانية تُكثف إنفاقها الاستثماري فيه.

تُنفق "تويوتا" 4 تريليونات ين (30 مليار دولار) لطرح 30 سيارة كهربائية بحلول 2030، كما تشاركت "هوندا" مع "جنرال موتورز" لتطوير سيارات دفع رباعي كهربائية لتسويقها في 2024 إلى جانب شراكتها مع "سوني" لإنتاج سيارات كهربائية فاخرة بدءاً من 2026. عززت "نيسان" إنفاقها لتطوير طرازات أخرى بعدما بدأت بتسليم سيارات الدفع الرباعي الكهربائية "آريا" (Ariya) لعملاء في الولايات المتحدة في ديسمبر.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

الأسعار مرتفعة

قال جون مورفي، المحلل لدى "بنك أوف أميركا"، إن المنافسين يُسارعون بالتحول إلى المركبات الكهربائية، حيث تتحرك "جنرال موتورز" بسرعة قد تدفع مبيعاتها من السيارات الكهربائية للتفوق على "تسلا" بحلول 2025.

لدى "جنرال موتورز" مجموعة متنوعة من طرازات السيارات الكهربائية تضم "شيفروليه بولت هاتشباك" إضافة لعدد من سيارات الدفع الرباعي صغيرة الحجم متعددة الاستخدام "كاديلاك ليريك" وشاحنة "جي إم سي هامر" الصغيرة، كما تتوقع الشركة طرح عديد من السيارات الكهربائية هذا العام.

يرى مسؤولو "تويوتا" التنفيذيون إن أسعار السيارات الكهربائية ما تزال مرتفعة كما أن افتقار عدة أسواق للبنى التحتية للشحن، خاصة في الدول النامية، يجعلها غير فعالة. بلغ متوسط سعر السيارة الكهربائية في الولايات المتحدة نحو 65 ألف دولار مقارنةً مع متوسط يزيد عن 48 ألف دولار لكافة السيارات الجديدة، وفقاً لتقرير "كيلي بلو بوك" (Kelley Blue Book) في ديسمبر.

أكد غيل برات، رئيس العلماء لدى "تويوتا" أن عديداً من البلدان تفتقر لبنى تحتية للشحن تواكب طفرة السيارات الكهربائية، لذا يرى أن الخيار الأكثر واقعية لتلك الأسواق هو مزيج من السيارات الكهربائية والهجينة والتي تعمل بالهيدروجين.

ميزة تنافسية

قال برات: "تُعدّ السيارات الكهربائية الهجينة والتي تعمل بالهيدروجين الخيار الأكثر فعالية لخفض البصمة الكربونية للعملاء في تلك الأسواق الذين لا يمكنهم الوصول للبنية التحتية لإعادة الشحن وأفضل سبل خفض صافي انبعاثات الكربون بأكبر قدر وأسرع وتيرة ممكنة".

رغم ما تواجهه الشركات اليابانية من تحديات بسبب الشركات الأكثر مرونة، فهي تحتفظ بمزايا عديدة بفضل سنوات من ريادتها للصناعة.

كما مكنتها عقود من القدرة على تلبية احتياجات المستهلكين في السوق من الاعتماد على علامات تجارية قوية وشبكات توزيع وخدمات لا يمكن للاعبين الجدد من مصنّعي السيارات الكهربائية منافستها.

ما تزال بعض المنافسات الصينية مثل "بي واي دي" تفتقر للشهرة الكافية في عديد من البلدان وليس لها خبرة في خدمة العملاء عالمياً.

قالت ميشيل كريبس، المحللة التنفيذية لدى "كوكس أوتوموتيف" (Cox Automotive): "لا أعتبرهم قد خرجوا من اللعبة بل سيبقون فيها"، مشيرة إلى شركات صناعة السيارات اليابانية.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

منحنى التعلم

لكن يقول محللون إن لحاق الشركات اليابانية بالركب لن يكون سهلاً فيما تتحول المنافسة في مجال السيارات الكهربائية من الهندسة الميكانيكية التقليدية إلى البرمجيات والخدمات.

قال كارل براور، المحلل التنفيذي لدى موقع "آي سي كارز دوت كوم" (iSeeCars.com) لتصنيف السيارات والوكلاء، إن تأخر تحول الشركات اليابانية يفقدها فرصة اكتساب خبرة كافية والتعرف على مورديها وعملائها في مجال المركبات الكهربائية قبل منافساتها. أضاف: "حتى لو كانت لديك كافة موارد وقدرات (تويوتا) لتنتج سيارة كهربائية عندما تكون مستعداً، سيتعين عليك أن تخوض منحنى تعلم... وقد سبقتك في ذلك شركات صناعة السيارات الأخرى لأنها تفعل ذلك حالياً".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك