لم يهدر إيلون ماسك أي وقت في سعيه لتغيير "تويتر" منذ أن اشترى الشركة لقاء 44 مليار دولار في 27 أكتوبر، فقد أقال معظم كبار مديريها بمن فيهم رئيسها التنفيذي ومديرها المالي، كما أنهى خدمات نحو نصف موظفيها عبر البريد الإلكتروني وأبلغ الباقين أنه سيلغي سياسة العمل من خارج المكتب ملزماً الموظفين بالعودة إلى المكاتب بعد سنوات من العمل عن بعد. كما اقترح تغييرات لمحاولة تعظيم الإيرادات عبر خدمة الاشتراك الناشئة.
ثمة سبب للإلحاح لأن على "تويتر" دفع فواتير جديدة كبيرة. استندت صفقة الشراء لرافعة مالية، فقد استخدم ماسك أموالاً مقترضة ستندرج في ميزانية "تويتر" العمومية. وقفز عبء ديون "تويتر" لنحو 13 مليار دولار ممّا كان عليه قبل الصفقة حين ترتب عليها عبء سندات غير استثمارية بحجم 1.7 مليار دولار إلى جانب أنواع أخرى من الديون التي يمكن تحويلها إلى أسهم. ستتحمل "تويتر" جرّاء هذا التحول مدفوعات فائدة سنوية تداني 1.2 مليار دولار مقارنة مع أقل من 100 مليون دولار قبل ماسك.
قد تزداد التكاليف على "تويتر" لأن أسعار الفائدة على حوالي نصف هذا الدين ليست ثابتة وستتحرك وفقاً للسوق. لم تربح الشركة على مدى عام كامل منذ 2019، ولم تكن الأمور في تحسن هذا العام. سجلت "تويتر" خسارة صافية بلغت 270 مليون دولار في الربع الثاني وكان متوقعاً أن تخسر ما يزيد على 200 مليون دولار في الثالث، فيما تمت الصفقة قبل الإفصاح عن النتائج.
يعلم ماسك هذا وبسبب إدراكه له يبدو فجأة وكأنه يُفرِغ "تويتر" من كل ماليس مثبتاً إلى الأرض بصواميل. خفض عدد الموظفين أسهل طريقة لتخفيف التكاليف الرئيسية بسرعة، بلغت المدفوعات للموظفين القائمة على الأسهم 630 مليون دولار العام الماضي، أي 12٪ من إجمالي الإيرادات. كما نقلت رويترز أن ماسك يخطط أيضاً لإغلاق بعض المكاتب، وقد أمر بتحقيق وفر سنوي قدره مليار دولار عبر خفض تكاليف البنية التحتية، ما قد يعني خفض الإنفاق على أمور مثل سعة الخوادم والخدمات السحابية.
تخفيضات مكلفة
ليس خفض التكاليف بسرعة بالضرورة أفضل طريقة لتحقيق ربحية، لأنه قد يعيق قدرة الشركة على تطوير طرق أفضل لكسب المال بمرور الوقت. تضمنت التخفيضات إلغاءً شبه كامل لأقسام التسويق والاتصالات وحقوق الإنسان وشراكات المشاهير، ما قد يصعب على "تويتر" استقطاب مستخدمين ومعلنين والإبقاء عليهم.
كما تجلت الفوضى التي جلبها إقصاء 3700 موظف فجأة خلال عطلة نهاية الأسبوع، حين بدأت الشركة بالتواصل مع عشرات العاملين المفصولين لتطلب منهم العودة، ومنهم من فصلتهم خطأً، وثمة آخرين أدركت الإدارة أنها بحاجة إليهم للمساعدة في بناء الميزات الجديدة التي يريدها ماسك.
تبدو خطة ماسك الأبرز لتحسين فرص ربحية "تويتر" للأرباح، وهي خدمة اشتراك شهري تمنح المستخدمين امتيازات قليلة منها علامة صح الزرقاء المرغوبة، التي تبين أن صاحب الحساب قد تحققت الشركة من هويته، مقابل 8 دولارات شهرياً. كما يطلب من الموظفين محاولة إحياء تطبيق الفيديو قصير المدة "فاين"، الذي أغلقته الشركة في 2016، وقد يوفر فرصاً إعلانية إضافية. كما تعمل "تويتر" على منتج منفصل يسمح للمستخدم بفرض رسوم على مشاهدة الناس لمقاطع الفيديو الخاصة به، وهو أمر هام حين عرض مقاطع دعائية عند إصدار أفلام، وقد ينفع من يسعون للإفادة من الإباحية. لكن قد تتطلب منتجات الفيديو تكاليف تخزين إضافية.
ضعف الإعلانات
يحتاج ماسك بشدة لهذه المنتجات لأن نموذج عمل "تويتر" الحالي والإعلانات يبدوان ضعيفين فجأة. تعاني صناعة الإعلانات الرقمية بأكملها، ويبدو أن المعلنين قلقون بشأن استحواذ ماسك على "تويتر". قالت العلامات التجارية الكبرى مثل "فولكس واجن" و"فايزر" و"جنرال ميلز" إنها ستوقف الإنفاق الإعلاني عبر "تويتر" مؤقتاً على الأقل، كما أقر ماسك "بانخفاض هائل" في الإيرادات نتيجة ذلك.
تشجع مجموعات التحشيد علامات تجارية أخرى على تجنب "تويتر" إن تراجع ماسك عن بعض سياسات الشركة التي تحكم خطاب الكراهية والمعلومات المضللة، وهو ما يُرجح أن يفعله. كما أن المديرين التنفيذيين الذين لهم علاقات أعمق مع المعلنين وربما يستطيعون تهدئتهم أو استقطابهم مجدداً قد فُصلوا.
كل هذه المناورات تضع ماسك تحت ضغوط كبيرة. الرجل الذي طالما كان يحب سرعة الحركة قد لا يتمتع برفاهية العمل وفقاً لأي طريقة أخرى بعد الديون والفوضى التي جلبها إلى "تويتر".