صعوبة التركيز التي تتزامن غالباً مع متلازمة تسرع القلب قد تعيق العمل أو الدراسة

دواء لقصور القلب يثبط الخفقان لدى مرضى "كوفيد" المتمدد

صورة تعبيرية عن خفقان القلب اللاحق للإصابة بفيروس كورونا - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبيرية عن خفقان القلب اللاحق للإصابة بفيروس كورونا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

قد يعاني من يتعافون من آثار "كوفيد-19" أكثر من 200 عرض. يُسلّط نهج حديث في علاج أحدها، وهو خفقان القلب، الضوء على نجاحات حققها علماء في معالجة الأعراض، حتى لو كان فهم سببها يستغرق أعواماً.

اشتكى نحو 11% من مرضى فيروس كورونا بأنهم يعانون خفقان القلب أو زيادة في نبضه، وفقاً لتحليل شمولي لدراسات مرضى كوفيد المتمدد نشرته مجلة "ساينتيفيك ريبورتس" (Scientific Reports) في أغسطس. تشير الأعراض لحالة أوسع تسمى متلازمة تسرع القلب الوضعي يعانيها أكثر من 24 مليون أمريكي، وهو رقم يتزايد بسبب كوفيد. هذه المتلازمة أكثر انتشاراً بين النساء في سن الإنجاب ويصاحبها غالباً دوار وتشوش ذهني واضطراب في المعدة وقد تؤدي لإعياء مزمن لاحقاً.

يلجأ أطباء القلب، سعياً لضبط إيقاع القلب لدى المصابين بمتلازمة تسرع نبضه، لاستخدام غير الموصوف للدواء الأكثر شيوعاً لمرضى قصور القلب: "كورلانور" (Corlanor) من شركة "أمجين" (Amgen). قالت بام تاوب، أخصائية أمراض القلب وأستاذة الطب في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، إنها وصفت "كورلانور"، الذي يحمل الاسم العام "إيفابرادين" (ivabradine)، جنباً إلى جنب مع تمارين محددة لمئات المرضى الذين يعانون من متلازمة تسرع القلب، بما في ذلك عديد من أولئك الذين يُسمون المصابين بكوفيد المتمدد. أضافت قولها: "يراجعني المرضى بعد شهر أو شهرين ويقولون 'أشعر بتحسن، ومعدل نبضات قلبي الآن أقل بكثير'، ومن ثم أبدأ بمعايرة جرعتهم الدوائية لتوقيفه".

علاج علّة أخرى

يُشار إلى أن "إيفابرادين" كان فعالاً بخفض معدل نبض القلب لدى مرضى متلازمة تسرع القلب في تجربة سريرية عشوائية خاضعة للرقابة شملت 22 شخصاً كان متوسط ​​أعمارهم 32 عاماً، أجرتها تاوب قبل الجائحة مباشرة ونُشرت نتائجها في مجلة الكلية الأمريكية لأمراض القلب في 2021. يصرف ميتشيل ميغليس، الأستاذ المشارك في علم الأعصاب والعلوم العصبية بجامعة ستانفورد، الدواء لعلاج متلازمة تسرع القلب لدى المرضى الذين يعانون من مرض كوفيد المتمدد. قال ميغليس: "إنه ينجح أيضاً بعلاج متلازمة تسرع القلب بعد (كوفيد) بمقدار نجاحه كعلاج لمتلازمة تسرع القلب غير الناجمة عن (كوفيد)".

بيّن ميغليس وزملاؤه في دراسة في أبريل استندت لاستبيان عبر الإنترنت شمل 2314 بالغاً مصاباً بمرض "كوفيد" المتمدد، أن حوالي ثلثيهم يعانون أعراضاً توحي بضعف الجهاز العصبي اللاإرادي، الذي يتحكم بمعدل نبضات القلب وضغط الدم والهضم، ودرجة حرارة الجسم ووظائف الجسم "التلقائية" الأخرى. كما أن متلازمة تسرع القلب هي أكثر مظاهر الخلل اللاإرادي شيوعاً. كانت المتلازمة تظهر غالباً لدى المرضى الذين يتعافون من الإنفلونزا أو أية عدوى فيروسية أخرى قبل ظهور "كوفيد".

أعراض مزعجة

يعاني مرضى متلازمة تسرع القلب الوضعي من معدل نبضات يزيد 30 نبضة أو أكثر في الدقيقة خلال 10 دقائق من الوقوف بعد الاستلقاء أو الجلوس. عادة ما يكون خفقان القلب الملحوظ مصحوباً بضعف الدورة الدموية ومجموعة من الأعراض بما فيها الصداع والغثيان وصعوبة التبول وفقدان الوظيفة الجنسية. قال بول لو لورييه، أستاذ الطب السريري ومدير خدمة الفيزيولوجيا الكهربية في مركز العلوم الصحية بجامعة ولاية لويزيانا في نيو أورلينز: "لا يقتلك هذا عادةً، لكنه يمكن أن يجعلك بائساً للغاية؛ حيث يُشير بعض المصابين إلى أنهم يشعرون كما لو كانوا مخمورين على الدوام أو شربوا 50 عبوة من شراب الطاقة (ريد بول)". أضاف لو لورييه أن صعوبة التركيز التي تتزامن غالباً مع متلازمة تسرع القلب قد تعيق العمل أو الدراسة، في حين أن التعب يمكن أن يحبط إعادة تأهيل المرضى عبر العلاج الطبيعي والرياضة.

رغم أن عديد من مرضى "كوفيد" المتمدد يتعافون من أعراضهم في غضون بضعة أشهر، فإن من يعانون متلازمة تسرع القلب لمدة ستة أشهر أو أكثر يصبحون أشبه بمرضى التهاب الدماغ والنخاع أو متلازمة التعب المزمن، وهي حالة أشد إعاقة تجعل ما لا يقل عن ربع المصابين طريحي الفراش أو تلزمهم بيوتهم لفترات طويلة، حسب قول أكيكو إيواساكي، أستاذة علم الأحياء المناعي وعلم الأحياء الجزيئي والخلوي والتنموي في جامعة ييل، التي قالت أيضاً: "بمجرد أن يصل إلى هذا المستوى، فيجب أن نفكر حقاً في أن مرض (كوفيد) المتمدد على أنه شكل من أشكال التهاب الدماغ والنخاع أو متلازمة التعب المزمن".

كما أنه مهم تحديد علامات متلازمة تسرع القلب مبكراً والتدخل قبل أن "يدخل المرضى في هذه الدوامة التي تجرهم نحو الأسفل"، حسب قول تاوب. يعد ارتداء الملابس الضاغطة وزيادة تناول الملح وممارسة التمارين التدريجية التي يتم إجراؤها في البداية في وضع أفقي، مثل ركوب الدراجات منخفضة المقعد والسباحة، من العلاجات الأساسية لمتلازمة تسرع القلب. أضافت أن أدوية القلب المعروفة باسم حاصرات بيتا وحاصرات قنوات الكالسيوم استخدمت كذلك، برغم أنها قد تخفض ضغط الدم وتزيد من بؤس المرضى. كما أن "إيفابرادين" بديل يعمل بشكل انتقائي على إبطاء معدل إطلاق العقدة الجيبية للقلب، التي تُنظم سرعة ضخه للدم.

لم يحدد العلماء بعد كيف يتسبب "كوفيد" بظهور أعراض مستمرة أو طويلة الأمد لدى عُشر الناجين. أوضحت تاوب: "هذا مرض معقد للغاية، وأفضل نهج هو أن نقول 'حسناً، ما هي الأشياء التي يمكننا معالجتها؟".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك