بعد ثلاث سنوات من معرفة العالم للدور المركزي الذي لعبه بنك "دانسك" في واحدة من أكبر فضائح غسيل الأموال في أوروبا، لا تزال تكلفة الفشل الفائق للحوكمة ملموسة.
ولم يتخلص أكبر بنك في الدنمارك، الذي كان في يوم من الأيام من بين أكثر الشركات شهرة في منطقة الشمال الأوروبي، بعد بالكامل من قضية أموال مشبوهة جعلته هدفاً للتحقيقات الجنائية الجارية في الولايات المتحدة وأوروبا. ورغم تجاوز عملاء البنك من الشركات والأعمال تلك الفضيحة، فإنه عندما يتعلق الأمر بعملاء التجزئة للبنك، يقول المدير التنفيذي لـ"دانسك" إنه لا يزال يعاني من "مشكلات تتعلق بالسمعة".
وقال المدير التنفيذي، كارستن إيغيريس، في مقابلة: "في أعمال التجزئة الدنماركية، ما زلنا نرى خروج العملاء، وهبوط حصصنا السوقية.. ومن الواضح أن تغيير ذلك هو واحد من أهم نقاط الأولوية لي وللبنك"، ولا ينشر البنك بيانات مفصلة عن تدفقات العملاء الربع سنوية.
ثمن باهظ
وتقدم القضية درساً صارخاً في كيف يمكن لسوء الحوكمة أن يعرقل مسيرة أي شركة؛ إذ أصبح أصحاب المصلحة ينظرون بشكل متزايد إلى الرأسمالية من خلال عدسة ملونة باعتبارات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، ومنذ الاعتراف في سبتمبر 2018 بفشله في التدقيق في تحويلات نقدية مشبوهة بقيمة 200 مليار يورو (235 مليار دولار) عبر وحدته في إستونيا، كان سهم "دانسك" هو أسوأ سهم لبنك رئيسي في منطقة الشمال الأوروبي من حيث الأداء.
قال فيليب ريتشاردز، كبير محللي البنوك في "بلومبرغ إنتليجنس" بلندن: "دانسك" يدفع ثمناً باهظاً مقابل الأساليب الفاسدة للإدارة السابقة".
يقول إيغيريس، المدير التنفيذي الثالث للبنك منذ طرد توماس بورغن لدوره في الفضيحة، إن البنك "أمضى سنوات عديدة مع الكثير من القضايا السيئة"، فبجانب قضية غسيل الأموال، تم ضبطه وهو يفرط في فرض الرسوم على المقترضين من ذوي الدخل المنخفض، ما أدى إلى إدانته سياسياً، كما أخفق في تقديم استشارات صحيحة لمستثمري التجزئة ما تسبب في تكبدهم خسائر، وهو فشل تم إبلاغ الشرطة عنه وكبد البنك غرامة.
ولا يزال بورغن هدفاً لدعاوى قضائية من قبل المساهمين، ورغم إسقاط التهم الجنائية ضده في الدنمارك. ففي إستونيا، حيث تمت معاملات "دانسك" المشبوهة، انتحر المدير التنفيذي السابق في عام 2019. ويعد إيغيريس هو المدير التنفيذي للمجموعة منذ أبريل بعد أن أصبح سلفه، كريس فوغيلزانغ، مشتبها به في تحقيق منفصل لغسيل الأموال في "إيه بي إن أمرو غروب"، وجاء فوغيلزانغ ليحل محل مدير تنفيذي آخر للبنك والذي غادر نتيجة مشكلات ثقة في عام 2019.
ويقول ريتشاردز إن التداعيات الأخرى لفضيحة غسيل الأموال هي أن المنظمين الآن "يتدخلون في جميع عمليات "دانسك"، ويتحققون من كل شيء، ويتحدون كل شيء"، وهو ما يعني أن البنك "أُجبر على الانسحاب من العمليات الخارجية، ولكنه أيضاً يتراجع في بعض الأنشطة التجارية وما إلى ذلك والتي قد يرى المنظم أن "دانسك" يخاطر بها كثيراً.. وكل تلك التدابير تضرب الإيرادات المحتملة".
ويقول إيغيريس، الذي كان مدير المخاطر في "دانسك" قبل أن يتولى منصب المدير التنفيذي، إنه يدرك أنه لا يزال هناك "الكثير من الأشياء المختلفة التي يجب القيام بها" لتحسين صورة البنك، وأوضح أن الخطة هي "القيام بذلك خطوة بخطوة، وبعد ذلك أعتقد أن السمعة ستتحسن بمرور الوقت".