حددت الصين السعر المرجعي اليومي لليوان بما يتماشى على نطاق واسع مع التوقعات لأول مرة منذ أكثر من عام، مما يشير إلى ارتياحها لمستوى العملة الحالي بعد التعافي.
حدد بنك الشعب الصيني سعر اليوان عند 7.1307 أمام الدولار اليوم الأربعاء، بفارق سبع نقاط فقط عن التقديرات الواردة في استطلاع أجرته "بلومبرغ" للمحللين والمتعاملين. أصبحت الفجوة بين السعر المرجعي والتقديرات هي الأصغر منذ يونيو 2023.
محا اليوان الكثير من الخسائر التي تكبدها منذ مطلع العام مقابل الدولار في الأسابيع الأخيرة، بعدما تراجعت العملة الخضراء وسط توقعات أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الشهر المقبل. كما ساعد توقف المستثمرين عن استراتيجية اقتراض اليوان مقابل سعر فائدة منخفض وبيعه أمام عملات ذات عوائد أعلى، والعودة إلى شراء العملة الصينية، في رفع قيمة اليوان.
قالت بيكي ليو رئيسة قسم استراتيجيات الاقتصاد الكلي الصيني في بنك "ستاندرد تشارترد" إن هذه الخطوة تشير إلى عدم الرغبة في السماح لليوان بالارتفاع أكثر من اللازم. وأضافت: "نتوقع حالياً أن يترواح سعر صرف الدولار مقابل اليوان بين 7 إلى 7.10 بحلول نهاية العام".
كانت الصين تمنع اليوان من التراجع بسرعة خلال معظم العام الماضي من خلال ما يُسمى بتثبيت السعر المرجعي، حيث أثر ضعف التوقعات الاقتصادية والفارق الكبير على الفائدة في الصين والولايات المتحدة، على قيمة اليوان. وساهم قيام البنوك الحكومية في الصين ببيع الدولار بدور فعال في دعم سعر صرف اليوان.
مع ذلك، بدأ بنك الشعب الصيني في تخفيف سيطرته على سعر الصرف المرجعي تدريجياً قبل بضعة أشهر استجابةً لدعوات من جانب مسؤولين سابقين من أجل فتح المجال لتقديم مزيد من التيسير. شكل ضعف اليوان عائقاً أمام المزيد من التحفيز من جانب البنك المركزي حيث إن انخفاض أسعار الفائدة في الصين من شأنه أن يقلل من جاذبية الأصول المحلية مقابل تلك الموجودة في دول أخرى.
أصبح الوضع يتطلب تقديم مزيد من الدعم للاقتصاد وسط قلة مؤشرات انتعاش نمو الاقتصاد. أظهرت البيانات الصادرة الأسبوع الماضي تباطؤاً غير متوقع في الاستثمارات الثابتة في الصين، إذ نمت بنسبة 3.6% فقط خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، وانخفضت أسعار المساكن الشهر الماضي بأكبر وتيرة منذ عام 2015 على أساس سنوي. كما تدرس الجهة التنظيمية المسؤولة عن إدارة النقد الأجنبي في الصين تأثير ارتفاع قيمة اليوان على المصدرين في البلاد.
اعتمدت الصين على الصادرات للخروج من التباطؤ الاقتصادي، وربما تشير المسائل التي أثارتها السلطات إلى الحذر من تأثير ارتفاع اليوان مؤخراً على القدرة التنافسية للصادرات.
تجارة الفائدة
قالت ليو من "ستاندرد تشارترد": إن القلق بشأن "انخفاض قيمة اليوان بشكل حاد بسبب وجود الكثير من المراكز الاستثمارية التي تراهن على قوة الدولار لدى المصدرين الصينيين، قد يؤدي إلى اتخاذ إجراءات إضافية للحد من ارتفاع اليوان". و"لا أعتقد أن الاستثمارات التي تعتمد على فرق الفائدة ليست كبيرة في الوقت الحالي، بعد تصفية معظمها".
يرى كيونغ سيونغ، كبير محللي شؤون الاقتصاد الكلي في آسيا لدى "سوسيتيه جنرال" في هونغ كونغ، أن التقلبات الهادئة في أسعار الصرف الأجنبية ضرورية لنجاح استراتيجية تجارة فرق أسعار الفائدة. قال سيونغ: "على الرغم من أن تقلبات أسعار الصرف العالمية قد تراجعت قليلاً، إلا أن المستثمرين لن يضخوا استثمارات كبيرة تهدف للاستفادة من الفرق بين الفائدة، بما في ذلك بيع اليوان في الوقت الحالي".
انخفض سعر صرف اليوان في التعاملات بالخارج 0.1% إلى 7.1270 مقابل الدولار اليوم الأربعاء، في حين لم يتغير السعر في التعاملات المحلية كثيراً. يمكن أن يتحرك سعر الصرف المرجعي الذي يحدده البنك المركزي في التعاملات المحلية 2% صعوداً أو هبوطاً من السعر المعلن.