قال البنك المركزي الليبي، اليوم الاثنين، إنه استأنف عملياته، متجاهلاً قراراً بإقالة محافظه ومجلس إدارته، في خطوة قد تفاقم مخاطر تقويض اتفاق وقف إطلاق النار الهش بالفعل بين الحكومتين المتنافستين في الدولة العضو في منظمة "أوبك".
ذكر البنك في بيان أن المحافظ، الصديق الكبير، عقد اجتماعاً مع كبار المسؤولين بالبنك كجزء من قرار استئناف العمل، وذلك بعد أن أدى اختطاف أحد كبار الموظفين إلى تعليق العمليات.
البيان، الذي نُشر على صفحة البنك في "فيسبوك"، لم يتطرق إلى قرار "المجلس الرئاسي" المعترف به دولياً في طرابلس بإقالة المحافظ ومجلس الإدارة، لكنه أشار إلى عودة البنك إلى العمل، بعد الإفراج عن الموظف المختطف.
كان قرار البنك بتعليق العمل من المحتمل أن يفاقم الأزمة السياسية في الدولة الواقعة بشمال أفريقيا، خاصة بعد أن أعلن البرلمان في شرق البلاد، الأسبوع الماضي، انسحابه من اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في عام 2020 بين الحكومتين المتنافستين. يأتي هذا كتصعيد للتوترات مع إغلاق أكبر حقل نفط في البلاد.
يمثل قرار البنك باستئناف عملياته تحدياً واضحاً للمرسوم الصادر عن المجلس الرئاسي.
تسارع الأحداث
في تعليقها على التطورات الأخيرة، قالت كلوديا غاتزيني، كبيرة المحللين لشؤون ليبيا في "مجموعة الأزمات الدولية": "بعد عامين من الجمود، نشهد سلسلة متسارعة من الأحداث. من الصعب التنبؤ بالوجهة المقبلة". وأشارت إلى أن الخطوة التالية تعتمد على رد فعل البرلمان، وما إذا كان هناك اتفاق غير معلن بشأن من سيشغل منصب المحافظ الموحد للبنك المركزي.
على الرغم من أن التوترات قد تتفاقم نتيجة لهذه الخلافات، إلا أن "غاتزيني" لا تتوقع اندلاع أعمال عنف جديدة. وقالت: "أعتقد أن الجميع سيستغلون هذه الفرصة لتحقيق مصالحهم". أضافت: "إنها لعبة خطيرة".
تصاعدت التوترات بالفعل بعد أن وصف البرلمان في الشرق الحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس، الأسبوع الماضي، بأنها "غير شرعية".
كما أعلن البرلمان، المدعوم من قائد الجيش خليفة حفتر، إنهاء ولاية المجلس الرئاسي، وتجريده من دوره كقائد أعلى للقوات المسلحة الليبية.
ضربة لاقتصاد ليبيا
في السياق نفسه، يشكّل إغلاق حقل "الشرارة" النفطي في الشرق ضربة كبيرة للاقتصاد الليبي، حيث وصفته حكومة طرابلس بأنه محاولة "ابتزاز سياسي".
تزايد التوترات أثار مخاوف داخلية ودولية، خاصة في ظل الجهود المبذولة للإطاحة بالصديق الكبير، وسط اتهامات بتوزيع غير عادل لعائدات النفط الليبي. ولم يعلق "الكبير"، حتى الآن، على قرار استبداله.
غير أن المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، وصف محاولات الإطاحة بالكبير في وقت سابق بأنها "غير مقبولة"، وأن استبداله "بالقوة قد يؤدي إلى فقدان ليبيا الوصول إلى الأسواق المالية الدولية".
في صميم هذا النزاع يكمن الصراع على السلطة، وكانت تكلفة هذا الصراع غالباً هي حقول النفط الليبية. في هذا السياق، أصبح قرار "الكبير" بتعليق عمليات البنك جزءاً من محاولة أوسع لاستخدام الاقتصاد لتحقيق ميزة سياسية.
قال "نورلاند" في 12 أغسطس: "يتعين تسوية الخلافات حول توزيع الثروة في ليبيا من خلال مفاوضات شفافة وشاملة نحو ميزانية موحدة قائمة على التوافق".
كما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها بشأن الاتجاه الذي تؤول إليه الأمور في ليبيا. كان اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020 يهدف إلى إنهاء العنف والتمهيد لإجراء الانتخابات، ولكن تم إحراز تقدم ضئيل على كلا الجانبين، مما ترك الحكومتين المتنافستين في طرابلس والشرق في نزاع لم يترك مجالاً كبيراً للخروج من الفوضى التي عانت منها ليبيا منذ احتجاجات 2011 التي أطاحت وقتلت الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي.
قالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في 14 أغسطس إنها تتابع "بقلق" التحركات التي "تفاقم التوتر، وتقوّض الثقة، وتعمق الانقسامات المؤسسية والخلاف بين الليبيين".