رفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة أكثر مما كان متوقعاً، في أول إشارة إلى أن مجموعة جديدة من مسؤولي السياسة النقدية تفضل اتخاذ خطوات أكثر حدة للحد من التضخم الذي يقترب من 50%، وهو ما دفع الليرة إلى الارتفاع.
رفعت لجنة السياسة النقدية، برئاسة حفيظة أركان، سعر الفائدة إلى 25% من 17.5% وهو أعلى بكثير من توقعات استطلاعات الرأي. وتوقع معظم الاقتصاديين الذين استطلعت بلومبرغ آراءهم رفع الفائدة إلى 20%.
قفزت الأصول التركية، حيث عكست الليرة خسائرها السابقة لترتفع أكثر من 2% مقابل الدولار، وهي أكبر زيادة لها على أساس الإغلاق منذ أكثر من عام.
انخفضت تكلفة التأمين على الديون التركية ضد العجز عن السداد لأجل خمس سنوات إلى أقل من 400 نقطة أساس، وارتفعت أسهم البنوك، مع ارتفاع مؤشر بورصة إسطنبول للبنوك بنحو 6%.
وقالت لجنة السياسة النقدية في بيان إنها "قررت مواصلة عملية التشديد النقدي من أجل تحديد مسار تباطؤ التضخم في أقرب وقت ممكن، للسيطرة على التدهور في سلوك التسعير.
وفي حين أن المعدل لا يزال أقلّ بكثير من مستوى نمو الأسعار في تركيا، فإن هذا هو الارتفاع الثالث على التوالي منذ فاز الرئيس رجب طيب أردوغان بإعادة انتخابه في مايو وتعهد بمزيد من السياسات التقليدية للاقتصاد الذي فرّ منه المستثمرون الأجانب في السنوات الأخيرة.
أسعار الفائدة الحقيقية في تركيا
يُعَدّ هذا هو القرار الأول للجنة السياسة النقدية منذ تعيين ثلاثة نواب جدد لمحافظ البنك المركزي أواخر الشهر الماضي. وكان من بينهم مستشار سابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وكبير الاقتصاديين السابق في أحد أكبر مقرضي القطاع الخاص في تركيا.
وبدأت أركان، التي عُيّنَت في يونيو محافظة للبنك المركزي، إنهاء حقبة تكاليف الاقتراض المنخفضة للغاية في تركيا التي كان يفضّلها أردوغان في السابق.
يعتقد عديد من المستثمرين أن البنك المركزي لا يزال متحفظاً للغاية، ويستشهدون بحقيقة أن أسعار الفائدة المعدلة حسب التضخم لا تزال في المنطقة السلبية دليلاً على ذلك، إذ تُعَدّ أسعار الفائدة الحقيقية في تركيا من أدنى المعدلات في العالم.
وقال بنك "آي إن جي" قبل قرار اليوم الخميس، إن "وتيرة تشديد السياسة خلال الأشهر الأخيرة خيبت توقعات السوق".
مخاطر محتمَلة
يشكّل نهج أركان مخاطر كبيرة على مصداقية البنك المركزي، بخاصة بعد أن رفع بحدّة توقعاته للتضخم الشهر الماضي. وقالت أركان إن نمو الأسعار لن يصل إلى ذروته حتى الربع الثاني من العام المقبل، لكنه أظهر استعداداً ضئيلاً لرفع أسعار الفائدة أسرع بكثير.
اتخذ البنك تدابير أخرى لزيادة تكلفة المال، إذ سيتخلى البنك عن برنامج الادخار المدعوم من الحكومة الذي يحمي أصحاب الحسابات من أي ضعف في الليرة. ويريد المسؤولون الآن تحويل تلك المدّخَرات إلى حسابات بالليرة العادية.
وتمثّل القواعد الجديدة "رفعاً خفيّاً لأسعار الفائدة"، وتأتي في أعقاب قرار سابق برفع متطلبات احتياطي البنوك، وهو ما قد يعني في الواقع تشديداً إضافياً بمقدار 40 نقطة أساس، وفقاً لـ"بلومبرغ إيكونوميكس".
وكتب المحللان في مجموعة "غولدمان ساكس"، كليمنس غراف وباساك إديزغيل، في تقرير: "من المرجح أن تؤدي الإجراءات الجديدة إلى ارتفاع أسعار الفائدة على ودائع الليرة"، ولكن "مع اتساع الفجوة بين أسعار الفائدة على الودائع وسعر الفائدة مرة أخرى، يوجد خطر تجدُّد الدولرة أو سحب الأموال".