تتطلع بنوك في "وول ستريت" لبدء تداول التسهيلات الائتمانية الخاصة في الوقت الذي تسعى فيه لشق طريقها في عالم الإقراض المباشر المربح، وهي خطوة أولى محتملة قد تعيد تشكيل السوق التي تعتمد بشكل كبير على استراتيجية الشراء والاحتفاظ.
يعد "جيه بي مورغان" و"غولدمان ساكس" و"باركليز"، من بين المؤسسات المصرفية التي شرعت في محادثات مع صناديق الدين الخاص بشأن تسهيل معاملات السوق الثانوية، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، إذ بدأت بعض البنوك تتواصل مباشرة مع مديري الصناديق لمعرفة مدى اهتمامهم بالأمر.
يستغل "جيه بي مورغان" ميزانيته العمومية في صناعة السوق، في ظل زيادة في استفسارات العملاء، حسبما أفاد أشخاص آخرون مطلعون على الأمر، طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم بسبب سرية المعلومات.
الخطوة الأحدث من نوعها
يعد هذا التحرك الأحدث من نوعه لـ"وول ستريت" لاقتناص حصة من سوق الائتمان الخاص، البالغ حجمها 1.4 تريليون دولار، حيث تتعاون مؤسسات مثل "أبولو غلوبال مانجمنت" و"بلاكستون" مع بعضها البعض لتقديم قروض للشركات بشكل مباشر.
يقول مؤيدو الفكرة، إن التداول الثانوي سيساعد مؤسسات الإقراض المباشر على تحسين إدارتها لمزيج المحافظ الخاصة بها، إلى جانب إتاحة رأس المال لعقد صفقات جديدة. لكن آخرين يحذرون من أن اكتشاف الأسعار بوتيرة منتظمة، قد يدفع المؤسسات إلى خفض قيمة ديونها خلال فترات الأزمات المالية، ما يزيد من حدة التقلبات.
"جيه بي مورغان": تراجع حاد لاحتمالات ركود الأصول والأسواق
أضافت المصادر أن هذه الجهود لا تزال في مهدها، ولم يتضح بعد ما إذا كان هناك ما يكفي من الاهتمام من جانب مؤسسات الإقراض المباشر لتطوير سوق ثانوية قوية.
ورفض ممثلون عن "جيه بي مورغان" و"غولدمان ساكس" و"باركليز" الإدلاء بتعليق.
مؤسسات الائتمان الخاص بعيدة عن ضغوط السوق
كانت مؤسسات الائتمان الخاص، معزولة بشكل كبير عن الضغوط التي واجهتها قطاعات أخرى في الأسواق على مدى العام الماضي. وفعلياً، كل القروض المباشرة لها فائدة متغيرة، وتظل قائمة حتى موعد استحقاقها، ما يتيح للمديرين حماية المحافظ من تقلبات السوق.
لكن الاهتمام بالتخلص من الدين الذي برز مؤخراً (بعيداً عن صفقات المرة الواحدة العابرة على مر السنين)، يؤكد كيف تتأثر حتى تلك المؤسسات بارتفاع تكاليف الاقتراض والنمو المتباطئ، اللذين قلّصا السيولة النقدية لدى شركات المحافظ، وحفّزا زيادة في حالات التخلف عن السداد.
شركات إدارة الأصول تخشى ضياع فرصة الصعود التالي للأسواق
لا شك أنه لا توجد إشارات كثيرة على مسارعة مؤسسات الائتمان الخاص للتخارج من القروض المتعثرة. ففي الواقع، يقول مراقبو السوق إن تلك المؤسسات التي تسعى إلى التداول خارج المراكز، ستقوم بذلك على الأرجح لجمع المال لتمويل صفقات جديدة، ما قد يولِّد رسوماً ضخمة للمقرضين.
تداعيات التقلبات في 2022
يوضح مراقبو الأسواق أن ذلك يَصدُق بصفة خاصة بعدما أدت تقلبات الاقتصاد الكلي التي شهدها العام الماضي، إلى شكوى بعض الشركات من أن جمع الأموال الأضعف من المتوقع إلى جانب تباطؤ المقترضين الحاليين في السداد، دفعاها إلى اقتناص شرائح أصغر من صفقات جديدة.
إذا نجح مسعى صنع الأسواق، فستساهم الأرباح المفاجئة التي قد تتحقق، في تخفيف الضرر الواقع على البنوك، التي شهدت الإقراض المباشر يحل بشكل متزايد محل صفقات السندات مرتفعة العائد وعالية الرسوم والقروض ذات الرافعة المالية، التي ولّدت حتى فترة قريبة نحو ثلث عائدات الخدمات المصرفية الاستثمارية في "وول ستريت".
"الفيدرالي" لا يكترث كثيراً بالأسواق ومؤشراتها بقدر ما تفعل "وول ستريت"
قالت إيلاين ستوكس، مديرة المحافظ في "لومس سايلز آند كو" (Loomis Sayles & Co): "ترغب البنوك في تداولها، وتود الصناديق" الحصول على إمكانية تصفية المراكز.
لكن آخرين لم يقتنعوا بأن مؤسسات الإقراض المباشر ترحب بالأمر.
إلى جانب مخاوف بشأن التقلبات المتزايدة، يقول البعض إن التداول الثانوي سيقلص في نهاية المطاف العائد الإضافي على السندات الذي يتمتع به الائتمان الخاص مقارنةً بأسواق السندات مرتفعة العائد والقروض ذات الرافعة المالية، نظراً لأن المقترضين لن يتمتعوا بميزة العمل مع مجموعة صغيرة من المقرضين لآجال طويلة.
تطور السوق
رغم أن "غولدمان ساكس" لم يخصص بعد موظفين للتعامل مع التداول الثانوى للتسهيلات الائتمانية للأفراد (إذ يمتلك المصرف حضوراً كبيراً في سوق الإقراض المباشر من خلال ذراعه المسؤولة عن إدارة الأصول)، فإن "جيه بي مورغان" لديه بالفعل متداول مختص بشراء وبيع القروض، كما أنه يخطط للتوسع، وفقاً لأشخاص مطلعين على وضع المؤسستين.
قالت مصادر أخرى مطلعة على الوضع، إن أغلب صفقات "جيه بي مورغان" حتى الآن، كانت في نطاق مرتفع يبلغ 90 سنتاً أميركياً.
يأتي ذلك المسعى في الوقت الذي يخصص فيه المصرف، ومقره نيويورك، 10 مليارات دولار على الأقل من أمواله الخاصة للإقراض المباشر.
عرض "جيه بي مورغان" مؤخراً المشاركة بنسبة صغيرة في قرض مباشر يبلغ 5.5 مليار دولار، كانت مؤسسات الائتمان الخاص قد اقترحته لعملية استحواذ مجموعة "كارلايل" (Carlyle Group) على حصة في شركة "كوتيفيتي" (Cotiviti)، بعدما واجهت صعوبات في إثارة الاهتمام بصفقة ديون تقليدية سيجري تقسيمها في نهاية المطاف على أطراف خارجية من المستثمرين.
نمو الائتمان الخاص
بالنسبة إلى إيلاين ستوكس، التي تعمل في "لومِس سايلز"، قد يكون الفارق محدوداً للغاية بين المؤسستين خلال الأعوام المقبلة.
نمو الائتمان الخاص، الذي يكاد يصل حجمه الآن إلى الحجم ذاته لكل من أسواق السندات مرتفعة العائد والقروض ذات الرافعة المالية المشتركة بين أطراف عدة، يدفع الطلب المتزايد على السيولة الثانوية. كما أضافت ستوكس أن ضغوط السوق تعمل على تسريع ذلك.
وثالت: "يشبه الائتمان الخاص في الأساس السندات مرتفعة الفائدة والقروض ذات الرافعة المالية على نحو متزايد".