تأتي إحدى أكبر حزم الإنقاذ لمجموعة "كريدي سويس" من زاوية غير متوقَّعة في المملكة العربية السعودية.
يتأهب "البنك الأهلي السعودي"، أكبر مصرف في المملكة– لكنْ ليس له وجود دولي كبير حتى الآن- لأن يكون أحد أكبر المساهمين في البنك السويسري إلى جانب "هاريس أسوشيتس" (Harris Associates) بحصة تبلغ 9.9% كجزء من إصلاح شامل تصل تكلفته إلى 4 مليارات دولار.
تمثل الصفقة المحتملة التي تبلغ قيمتها 1.5 مليار دولار أول عملية استحواذ دولية كبرى لـ"البنك الأهلي السعودي"، المملوك بنسبة 37% لصندوق الثروة السيادي التابع للمملكة.
البنك السعودي -الذي تم إنشاؤه عبر صفقة اندماج بقيمة 15 مليار دولار قبل أقل من عام- سيستخدم الاستثمار لتوسيع أعمال إدارة الثروات والأعمال المصرفية الاستثمارية داخل المملكة وعلى مستوى العالم.
يحرّك الاستثمار أيضاً الخطى لتنفيذ خطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتشجيع أكبر الشركات السعودية على التوسع عالمياً لرفع مكانة المملكة كمستثمر جاد وتنويع اقتصادها.
يعتبر "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي الذي تبلغ قيمته 620 مليار دولار مفتاح تلك الطموحات، وقد نشط بشكل متزايد في الخارج لتنويع الاقتصاد. يُنظر إلى وجود قطاع مصرفي قوي قادر على تمويل الصناعات الجديدة على أنَّه مفتاح للجهود المبذولة لتعزيز ديناميكية القطاع الخاص وتسريع النمو.
يتم تعزيز هذه الخطط بشكل كبير في ظل تمتّع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأول فائض في ميزانيته، وتدفق أموال النفط، وهذا ما يجعل المملكة العربية السعودية من أسرع الاقتصادات نمواً في "مجموعة العشرين". وفي الوقت نفسه؛ فإنَّ تباطؤ الاقتصاد العالمي يجعل الصناديق الحكومية المؤثرة - مثل "صندوق الاستثمارات العامة" - أكثر أهمية من أي وقت مضى.
عروض وول ستريت
منذ أن تم إنشاؤه رسمياً من خلال دمج "البنك الأهلي التجاري"، و"مجموعة سامبا المالية" المنافسة في يناير؛ كان المصرفيون في "وول ستريت" يسوّقون الأفكار عن الفرص المتاحة لـ"البنك الأهلي السعودي" لتعزيز وجوده خارج المملكة عبر استحواذات كبرى في الخارج، التي تتراوح من الاستحواذ على "كريدي سويس" بالكامل إلى شراء "ستاندرد تشارترد".
ولسبب وجيه، على الرغم من افتقاره للخبرة على الساحة العالمية وتاريخه القصير مقارنةً بعمر "كريدي سويس" الذي يمتد 166 عاماً؛ تزيد القيمة السوقية لـ"البنك الأهلي السعودي" عن 70 مليار دولار- مقارنة بنحو 11 مليار دولار للبنك السويسري– ويشار إلى أنَّ لديه أصولاً بنحو 255 مليار دولار.
من جانبها، اعتادت البنوك الأوروبية منذ فترة طويلة على المستثمرين الأثرياء من الشرق الأوسط الذين يأتون للإنقاذ في وقت الحاجة. يعتبر بنك "كريدي سويس" بالفعل تكتل الشركات السعودية "مجموعة العليان"، و"جهاز قطر للاستثمار" ضمن كبار مساهميه.
على الرغم من أنَّ المستثمرين قد قلّصوا حصصهم في الأوقات الصعبة؛ لكنَّهم وقفوا إلى جانب البنك أيضاً. ساعد استثمار الصندوق القطري في إصدار "كريدي سويس" سندات قابلة للتحويل بنحو 2 مليار دولار في أبريل 2021 في دعم ميزانيته العمومية بعد انهيار صندوق "أركيغوس كابيتال مانجمنت".
قد تتم مناشدة المستثمرين الخليجيين الأثرياء مرة أخرى. أشار "البنك الأهلي السعودي" بالفعل إلى أنَّه قد يستثمر في أي زيادات مستقبلية لرأسمال المجموعة السويسرية، في حين أنَّ الرئيس التنفيذي لبنك "كريدي سويس" أولريش كورنر حصل بالفعل على تعهد بضخ 500 مليون دولار لبنكه الاستثماري الجديد من "مستثمر يحظى باحترام كبير"، دون تسمية الداعم.